كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية الجمعة 22 جانفي، أن موجة التطبيع الأخيرة بين عدد من الدول العربية والخليجية والكيان الصهيوني، تجسدت بفضل الدور الخلفي الذي لعبته السعودية منذ سنة 2017، بعد قيام ولي العهد محمد بن سلمان في فتح قنوات التواصل والتفاوض مع مسؤولين إسرائيليين كان على رأسهم مدير جهاز المخابرات الموساد يوسي كوهين.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، “أن السعودية وعلى الرغم أنها لم توقع اتفاقا رسميا للتطبيع، إلا أنها كانت باستمرار الطرف الأهم في الموضوع”، في إشارة إلى الدور الذي لعبته بن سلمان منذ زيارته السرية إلى تل أبيب والذي وصفته الصحيفة بأنه “مثل نقطة تحول حقيقية”.
وتطرق الكاتب الإسرائيلي يوناه جريمي بوب في المقال الذي نشره بالصحيفة الإسرائيلية إلى ما وصفها “بالكواليس” التي مهدت لاتفاقيات التطبيع بين الإمارات والبحرين ولاحقا السودان والمغرب، مشيرا إلى أنه من أجل فهم النتائج السياسية التي تحققت والاختراق الكبير الذي تحقق بفضل “الاتفاق الإبراهيمي”، لا بد من تسليط الضوء على الدور الذي أداه رئيس الموساد يوسي كوهين مع السعوديين من وراء الكواليس، وما الذي تم في الفترة من سبتمبر إلى نوفمبر من عام 2017 ثم في جويلية 2019.
مدير الموساد وفتح قنوات الاتصال
منذ تسلمه مهام منصبه مطلع العام 2016، انصب تركيز كوهين على تفعيل مشروع التطبيع مع الأنظمة الخليجية بشكل خاص، وعمل على إنشاء وحدة استخبارية خاصة أنيطت بها هذه المهمة
وبحسب تقارير داخلية استندت إليها “جيروزاليم بوست”، فقد قام مدير الموساد بعدة رحلات سرية إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب، وغيرها من البلدان التي لا تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
وعلى العكس مما هو متداول عن الدور الذي لعبه سفير الإمارات بالولايات المتحدة يوسف العتيبة، والمستشار السابق بالبيت الأبيض جاريد كوشنر في تأطير الاتصالات الأولى، تشدد الصحيفة على أن مدير الموساد كان “الشخصية الوحيدة التي مهدت الطريق مبكرا نحو التطبيع مع الإمارات العربية المتحدة، بعد أن نجح في جلب السعوديين ليصبحوا داعمين بقوة لهذا التوجه، حتى وإن لم يقوموا هم أنفسهم بتجاوز الخط بشكل رسمي”.
نجح مدير المخابرات الإسرائيلية من خلال الاتصالات التي أجراها بشكل أساسي مع محمد بن سلمان، في الحصول على ضوء اخضر من السعودية التي أصبحت داعما ضمنيا لمشروع التطبيع.
مفاوضات بن سلمان في تل أبيب
كما مهدت زياراته المكوكية إلى أبوظبي والرياض في الإعداد لزيارة بن سلمان السرية التي جرت في سبتمبر 2017، بحسب أغلب التسريبات التي أشارت إليها الصحيفة.
خلال زيارة بن سلمان طرحت على مائدة النقاش مواضيع تتعلق بمسار المفاوضات والاتصالات، والمسؤولين عن إدارتها من الجانب الإسرائيلي والإماراتي والأمريكي، إلى جانب تأمين إطلاع ولي العهد السعودي بشكل مستمر على التقدم الحاصل.
كما تناولت النقاشات فتح قنوات اتصال وتعاون أمني واستخباراتي بن تل أبيب والرياض، خاصة في ما يتعلق بالملف الإيراني، والذي يعد محور اهتمام مشترك بين الجانبين.
بحلول نوفمبر من نفس السنة بدأت ملامح الزيارة السرية لبن سلمان في التجسد بحسب الصحيفة الإسرائيلية، من خلال “المقابلة التاريخية” التي أجرتها وسيلة إعلام سعودية مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك غابي أشكنازي، والتي أعلن خلالها عن أن إسرائيل كانت حينها تتبادل المعلومات الاستخباراتية السرية حول إيران مع الرياض.
وتخلص”جيروزاليم بوست” إلى أن الدعم السعودي السياسي والدبلوماسي منذ 2017، أعد الأرضية للموساد لتحقيق نجاحا واختراق هام في “موجة التطبيع” على مدى الثمانية عشر شهرا التالية، بما في ذلك الزيارات التي قام بها نتنياهو وغيره من الوزراء الإسرائيليين إلى عواصم مختلفة وإجراء لقاءات مباشرة مع مسؤولين عرب وخليجيين.