تونس

جون أفريك: لماذا يتجاهل الرئيس قيس سعيد تدعيم دبلوماسية تونس الإفريقية

“يثير غياب الرئيس التونسي قيس سعيد عن الاجتماعات الإفريقية الكبرى تساؤلات كبيرة”، هكذا استهلت مجلة جون أفريك تقريرها الذي سلطت من خلاله الضوء على الدبلوماسية الإفريقية للرئيس التونسي، والذي يبدو من خلالها أنه غير مهتم بتعزيز مكانة بلاده بالقارة السمراء رغم المكانة الاستراتيجية والاقتصادية التي تتمتع بها تونس في قارتها الأم، والآفاق والفرص الاستثمارية التي توفرها.

عمّق غياب الرئيس سعيد عن القمة الإفريقية الرابعة والثلاثين الانتقادات الموجهة بعدم الالتزام تجاه إفريقيا، فعلى الرغم من انعقاد الأشغال بشكل افتراضي عبر الفيديو  مطلع شهر فيفري الحالي، إلا أن ساكن قصر قرطاج لم يهتم بتسجيل مشاركته إلى جانب بقية الرؤساء الأفارقة، خاصة بعد غيابه العام الماضي عن القمة الثالثة والثلاثين التي انعقدت في أديس أبابا، وهو ما دفع منتقديه بحسب التقرير بالقول إلى أن ضعف اهتمامه بالعلاقات الإفريقية سيعزل تونس عن عمقها القاري.

علاقات تونس الإفريقية … بين المد والجزر

تقرير “جون أفريك’’ أشار إلى أن القمة الإفريقية الأخيرة طرحت مسألتين رئيسيتين، هما تحديد الفريق القيادي للمفوضية الأفريقية للسنوات الأربع القادمة، وثانياً إمدادات اللقاح في القارة ضمن الجهود الخاصة بمكافحة فيروس كورونا.

 وذكر التقرير بالعقوبات التي كادت تسلط على تونس أواخر العام الماضي  والتي كادت تتسبب في منعها من التحدث في الاجتماعات الرسمية للاتحاد الإفريقي لمدة ستة أشهر بسبب عدم دفع مساهمتها المالية، وهو خرق أقر به وزير الخارجية عثمان الجرندي.

 تقرير جون أفريك استعرض تاريخ العلاقات الإفريقية لتونس منذ الاستقلال والتي شهدت فترات مد وجزر، عرفت أوجهها خلال حقبة الرئيس التونسي الأول الحبيب بورقيبة والذي عمل على تشكيل صداقات واسعة سياسية واقتصادية في محيطه القاري، تجسدت خاصة في رحلته التي استمرت أسابيع إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في ذروة الوحدة الأفريقية، إلى جانب المشاركة الفاعلة في إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية سنة 1963.
اهتمام يتلاشى

التقرير تطرق كذلك إلى الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي والذي أظهر اهتمامًا حقيقيًا بالقارة الأفريقية، ونشط من خلال المشاركة في قمم الاتحاد الأفريقي في أعوام 2012 و2013 و2014، قبل أن ينطلق في جولة في مالي والنيجر وتشاد والغابون على رأس وفد من 90 رجل أعمال. خلال  عهد بن علي، فقدت الدبلوماسية التونسية اهتمامها بأفريقيا ، بحسب الباحثة صوفي بيسيس، فخلال سنوات حكمه ، شارك بن علي في قمة واحدة فقط لمنظمة الوحدة الأفريقية، عام 1994، أتاحت خطته التي أطلق عليها “العمل من أجل إفريقيا”، مضاعفة المبادلات الاقتصادية والتجارية مع مختلف بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وفقًا لبوزكري رملي، سفير تونس في الكونغو الديمقراطية.

كما شهدت فترة المرزوقي إطلاق دراسة معمقة حول الرؤية التونسية للقارة الإفريقية من جانب المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، لكن مضمونها وتوصياتها ظلت بانتظار التفعيل والترجمة الفعلية.

وتضيف جون أفريك “بعد عقود من التوجه نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط جاء تدعيم الاندماج مع القارة الإفريقية ضمن الأولويات التي طرحتها حكومة إلياس الفخفاخ على المدى المتوسط في يناير 2020، تحت عنوان “كاب أفريك”، لكن هذا التوجه الاستراتيجي لم يجد مكانته على سلم أولويات القيادة السياسية في البلاد نتيجة عدم الاستقرار السياسي والتغييرات المتكررة لوزراء الخارجية، وفي ظل ضعف نزعة الرئيس سعيد للانفتاح على القارة السمراء، “وهو ما يهدد بفقدان تونس فرصة كبيرة لتدعيم نفوذها في منطقة جنوب الصحراء مثلما أضاعت في السابق فرصة الاستفادة من وجود مقر البنك الأفريقي للتنمية على أراضيها من 2003 إلى 2014”.