اعتبرت جمعية القضاة التونسيين، اليوم الثلاثاء 5 سبتمبر، أنّ الحركة القضائية للقضاة العدليين لسنة 2023 -2024، تعكس حلقة جديدة من حلقات استهداف استقلال القضاء والقضاة والنفس الاستقلالي الحرّ والكفء والنزيه داخله واعتماد منطق زبونية جديدة تقوم على الانعدام الكلّي للمعايير في إدارة المسارات المهنية للقضاة باستثناء معياري القرب أو البعد.
وأشارت الجمعية في بيان نشرته بصفحتها على فيسبوك، إلى أنّ عديد الإخلالات شابت الحركة القضائية من حيث الشكل والمضمون، لافتة إلى أنّ تداعيات ذلك خطيرة.
وبيّنت أنّ الحركة القضائية هذه السنة كانت بالكامل من تصوّر وتصميم وإعداد لوزيرة العدل وفي سياق حملات استهداف بيّنة للقضاة بأسمائهم وخططهم تولاّها أشخاص بوجوه مكشوفة ومديرو صفحات تشويه وثلب وهتك للأعراض وغرف مظلمة تدّعي النشاط السياسي لفائدة رئيس الجمهورية.
وأوضحت الجمعية، أنّ الحركة القضائية، شملت 1088 قاضيا وقاضية بحساب 425 بالرتبة الثالثة و332 بالرتبة الثانية و331 بالرتبة الأولى كما شملت 3 مناصب قضائية سامية (وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب والمتفقد العام بوزارة العدل ورئيس المحكمة العقارية)، و10 رؤساء أول لمحاكم الاستئناف و10 وكلاء عامين من بينهم 7 رؤساء أول و7 وكلاء عامين بالمحكمة نفسها.كما شملت الحركة، حسب الجمعية، 13 رئيس محكمة ابتدائية و16 وكيل جمهورية من بينهم 9 رؤساء محاكم و9 وكلاء جمهورية بالمحكمة نفسها، لافتة إلى أنّ هذه الأعداد الكبيرة تبيّن حجم التدخل وأهميته من خلال الحركة القضائية في مستوى المسؤوليات القضائية الكبرى بالمحاكم بغاية إعادة تشكيل المشهد القضائي بشكل شبه كامل.
ووفق البيان، فقد شملت الحركة أيضا تدخلا واضحا في مستوى محكمة التعقيب من خلال تعيين 11 رئيس دائرة جديد مقابل إخراج 7 رؤساء دوائر منها، لأسباب مختلفة مع تسمية رئيس دائرة بمحكمة التعقيب بخطة وكيل للرئيس الأول بالمحكمة نفسها.
كما تضمّنت الحركة بشكل غير مسبوق تسمية خمسة وكلاء أول لرئيس المحكمة العقارية، برتبة رؤساء دوائر بمحكمة التعقيب، دون حاجة إلى ذلك بما يرجح أنها ستكون مناصب للتجميد دون أعمال أحدثت بسبب استبعاد القضاة المعنيين بها من مسؤولياتهم الأصلية بمحكمة التعقيب ووزارة العدل بغاية تخصيصها من قبل الوزيرة للمقرّبين وفق البيان.
واعتبرت جمعية القضاة أنّ الحركة القضائية قامت بالتهيِئة لتسمية أعضاء المحكمة الدستورية، وجهّزت نهائيا على المسار القضائي للعدالة الانتقالية، كما أعادت هندسة المشهد القضائي بالكامل وجرّفت السلسلة الجزائية لصالح السلطة التنفيذية.
وذكّرت بموافقة رئيس الجمهورية في النهاية على الحركة القضائية بكل خروقاتها بما يجعلها حركة السلطة التنفيذية في إحكام القبضة على القضاء واستعادة نظام الجزاء والعقاب.
وأضافت أنّ “السلطة استهدفت، في الحركة القضائيّة، القضاة المدافعين عن استقلال القضاء والمسؤولين القضائيين المستقلين والجمعية”.
وعبّرت عن انشغالها لما آلت إليه الأوضاع من مزيد اختلال التوازن كليا بين السلطتين التنفيذية والقضائية من خلال سلب القضاة كل مقوّمات الأمان في مساراتهم المهنية بما سيفضي إلى مزيد إضعاف دورهم في إقامة العدل وتكريس علوية القانون وحماية الحقوق والحريات وفق نصّ البيان.
ودعت القضاة إلى التمسّك باستقلاليتهم وحيادهم وأداء رسالتهم في إقامة العدل وتطبيق القانون بشكل سليم وحماية الحقوق والحريات على أكمل وجه وعدم الانسياق وراء أي طلبات قد تُقدّم إليهم أو تأثيرات قد تُسلّط عليهم من أي جهة كانت.
وكشفت عن عزمها عقد ندوة صحفية لمزيد إنارة الرأي العام القضائي والوطني حول مخرجات الحركة القضائية وتداعياتها في انتظار الإعلان عن تاريخها ومكان انعقادها لاحقا.
يُشار إلى أنّ العدد 100 للرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 30 أوت، تضمّن الأمر الرئاسي عدد 574 المؤرخ في 29 أوت الجاري، والمتعلّق بالحركة السنوية للقضاء العدلي.
وأثار صدور الحركة السنوية للقضاء العدلي بتونس، عدّة ردود، حيث وصفها البعض بأنها غير منصفة ولم تشمل القضاة المعفيّين من الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذين تم استثناؤهم من هذه الحركة، رغم قرار المحكمة الإدارية بإعادتهم إلى مناصبهم، ورأى البعض الآخر أنها عقابيّة بالأساس، وتمثل عودة قوية إلى الوراء.
ومرّ أكثر من عام على عزل 57 قاضيا بقرار من الرئيس التونسي، إثر اتهامه إياهم بالفساد وحماية “الإرهابيين”، إثر ذلك رفضت السلطة تنفيذ أحكام صادرة عن المحكمة الإدارية في أوت 2022، لفائدة 49 قاضيا من المشمولين بالعزل، للسماح لهم بالعودة إلى عملهم.
جدير بالذكر أنّ الحركة القضائية لسنة 2022 لم تصدر في تونس، في سابقة لم يعرفها تاريخ القضاء التونسي منذ إنشاء المجلس الأعلى للقضاء، وهو ما أثار استياء واسعا في صفوف القضاة بمختلف أصنافهم، فضلا عن المتابعين للشأن القضائي والسياسي بالبلاد.
وتُعنى الحركة القضائية بالتغييرات والترقيات في السلم الوظيفي والنُّقل وسدّ الشغورات، يعلنها المجلس الأعلى للقضاء مرّة كلّ عام قبل انطلاق السنة القضائية.
تونس
أضف تعليقا