جدل افتراضي يصاحب تعيينات الولاة الجدد

لم يمر التحوير الذي أقره الرئيس قيس سعيد في سلك الولاة مساء الإثنين 6 جوان/يوليو، دون جدل مثلما جرت العادة إثر كل قراراته.

تعيينات الولاة الجديدة هي الأكبر منذ تولي سعيد منصب الرئاسة، فشملت 13 واليا أغلبهم من المقربين منه والموالين له، وممن ساهموا في حملاته التفسيرية والترويج لمشروعه السياسي بين الناخبين قبل سنوات.

بين الكفاءة والولاء

رد فعل المدونين والناشطين التونسيين على “فيسبوك” وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي لم يتأخر، فسرعان ما انتشرت عشرات التعليقات والآراء المتباينة تجاه التعيينات الجديدة، فيما نشرت حسابات أخرى تدوينات قديمة لبعض المشمولين بالتعيينات تكشف توجهاتهم وميولاتهم السياسية قبل وصول قيس سعيد إلى قصر الرئاسة.

معيار الكفاءة احتل المساحة الأكبر من نقاشات المدونيين بين المنتقدين لتوجهات سعيد في تعيين المقربين منه والمؤمنين بمشروعه السياسي، ومن أثنى على “تجرؤ الرئيس على تعيين وجوه شابة تقطع مع منظومة التعيينات السابقة”، حتى وإن افتقدت إلى الخبرة.

واعتبر بعض المدونين أن سعيد الذي أدان سابقا تعيين الحكومات والتحالفات الحزبية في السنوات العشر الماضية وفق منطق الولاءات، وقع تحت إغراء توزيع المواقع على مريديه.

وكتب وحيد الغريبي في هذا السياق قائلا: “بعد تعيينات الولاة متى يقع رؤساء الشعب”، في إشارة ضمنية إلى قيام حزب نداء تونس خلال رئاسة الراحل الباجي قائد السبسي، بتعيين مسؤولين من حزب التجمع المنحل كمعتمدين وولاة.

وأضاف الغريبي: “هذه فعلا جمهورية الموز أيها الشعب عليك أن تستفيق من سباتك الآن”.

أما محمد علي البشطبجي فقد علق بشكل مختزل: “تعيينات الولاة بالموالاة”.

في المقابل، وصف ناشطون آخرون الهجمات التي تعرض لها الولاة الجدد بـ”التنمر”، معتبرين أنها تجسيد للهاجس الجهوي و”التعالي النخبوي” لدى بعض الفئات، ممن ترى أن المنحدرين من أوساط اجتماعية متواضعة أو بسيطة وكذلك الجهات الداخلية، لا يستطيعون أن يتبوؤوا هذه المناصب والمسؤوليات.

ونشر نسيم الكافي: “في كل مناسبة يثار فيها موضوع الكفاءة في تعيين الولاة إلا ويتكرر التنظير من بعض النخب”، مضيفا: “الخطط السياسية تستحق من يمتلك الحد الأدنى من المعرفة والإدراك، ومن حق مسحوقي هذا البلد الحاملين لمشروع وإن اختلفنا معهم أن يتقدموا للحكم، وأذكركم بنموذج البرازيل التي حكمها وعمل فيها نقلة حداد ولم يتجاوز مستواه الدراسي المرحلة الابتدائية”.

وقالت آمال العدواني: “أنا مع تعيين الولاة وفق الولاءات والانتماءات لأن من يمتلك برنامجا لابد له أن يستعين بالمحسوبين عليه لتنفيذه”.

يعرفون سعيد ويعرفهم

الصحفية منية العرفاوي كتبت تدوينة مطولة في هذا السياق اعتبرت فيها أنها ورغم معارضتها الشديدة لتوجهات سعيد، إلا أن ما يحسب له “مغامرته بالجديد”، فبعض المعينين عاطل عن العمل والبعض الآخر معروف بنضاله الاجتماعي في الجهات المسحوقة.

وكتبت منية العرفاوي: “هؤلاء الولاة يعرفهم قيس سعيد عن قرب وبشكل شخصي، أغلبهم آمن به يوم لم يهتم به أحد وهو يخوض الرحلة إلى قصر قرطاج بقهوة وقارورة مياه بلا إعلام ولا سياسيين ولا أحزاب، ومن بين هؤلاء من رافقه سيرا على الأقدام لأميال للتواصل مع الناس، وجلس معه في مقاهي قصية وتقاسم معه غداء بسيطا على قارعة طريق أو في مطعم شعبي”.

سفير الفقراء”  

بعد ساعات قليلة من الإعلان عن التعيينات الجديدة للولاة تحول اسم عبد الحليم حمدي والي سيدي بوزيد الجديد إلى “ترند” رائج بقوة، فتحدثت عديد الصفحات والتدوينات عن “شيخ المعطلين عن العمل”، كما يوصف في أوساط الحراك الاجتماعي.

الناشطون أشادوا بعبد الحليم حمدي خريج كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس، والمعروف بنضالاته الاجتماعية على مدار 21 عاما من البطالة القسرية، دفاعا عن قضايا التشغيل والمساواة والتنمية لفائدة الجهات الداخلية المنسية.

ووصفت بعض الحسابات حمدي بـ”سفير الفقراء”، فيما أبدى كثيرون تفاؤلهم بتكليف شخصية تعبر عن تطلعات البسطاء وآمال المفقرين والعاطلين، مشيدين بعمله عدة سنوات خلال المواسم الفلاحية.

وكتبت صفحة تحمل اسم “فلاحتنا هي ثروتنا” رسالتنا إلى الوالي الجديد قائلة: “اليوم أكرمك الله على صبرك بعد سنوات من البطالة، لتكون واليا على جهتك وحاملا أمال شبابها الثائر الذي ينتظر مستقبلا مشرقا معك”.

وكتب محمد الفريضي متحدثنا عن رفيق دربه في الكفاح الميداني: “حليم تعرفه الساحات في تونس مناصرا لقضايا المطحونين وضحايا السلطة و نظام الأمر الواقع، صدح بصوت من لا صوت لهم من ضحايا العطش، التلوث البيئي، البطالة، الفلاحين الصغار، ضحايا الهجرة وقوارب الموت وكان في صلب معركة نيل الحقوق ورد الاعتبار للمواطن في حقوقه الاجتماعية والاقتصادية”.

والي صفاقس “متقلب الولاءات

فاخر الفخفاخ الوالي الجديد المعين على ولاية صفاقس، كان له نصيب من النقاشات والجدل، فأبدى البعض تفاؤله بتسمية ابن المنطقة وأحد العارفين بمشاكلها وأوضاعها، معبرين عن الأمل في قدرته على معالجة البنية التحتية المتهالكة وتحفيز المشاريع التنموية، فضلا عن حسم ملف التصرف في القمامة التي باتت هاجسا ومشكلا بيئيا تعيشه المدينة منذ قرابة السنة دون حل نهائي.

في المقابل بادر ناشطون آخرون إلى نشر منشورات قديمة للفخفاخ خلال الحملة الانتخابية الرئاسية سنة 2019، يعبر فيها عن دعمه وإعجابه ببرامج عديد المرشحين حينها باستثناء الرئيس سعيد، في إشارة ضمنية إلى “انتهازيته وتغيير ولائه السياسي”، وفق قولهم.

وكتبت سماح اليفرني: “أكثر من حيرني هو والي صفاقس الجديد في تقلبه في آرائه، لا أدري حقا لمن يدين بالولاء”.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *