أثار إعلان الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي عن تكوين جبهة سياسية جديدة معارضة للائتلاف الحكومي، ضجة في الأوساط السياسية وردود فعل معارضة لهذا الطرح من معظم القوى السياسية وكذلك اتحاد الشغل، الذي دعا المغزاوي لتشريكه كطرف نقابي واجتماعي.
تصريحات المغزاوي لوسائل الإعلام، كشفت معالم المشروع الجديد ومكوناته، الذي سيكون بقيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد بحسب ما ذكره المغزاوي، ما قوبل بتحفظ من المتابعين والفاعلين السياسيين، انطلاقًا من التوافق السائد بضرورة إبعاد مؤسسة الرئاسة عن التجاذبات السياسية.
استقطاب لمؤسسة الرئاسة والمنظمة النقابية
ومنذ توليه الرئاسة شدد سعيد على رفضه دعم أي جهة أو طرف سياسي، مبينًا أن موقعه كرئيس لكل التونسيين يقتضي الحياد عن الحساسيات الحزبية.
والى جانب الاتحاد العام التونسي للشغل، أفاد الأمين العام لحركة الشعب بأن التيار الديمقراطي سيشكل الطرف السياسي الثاني ضمن الجبهة، وهو ما جوبه برفض قياداته.
وأوضح غازي الشواشي أمين عام التيار، أن الحركة طرحت مشروعًا لحوار وطني اقتصادي واجتماعي تحت إشراف الرئيس قيس سعيد، “بمشاركة كل القوى السياسية والحزبية والمنظمات الوطنية، لبلورة استراتيجية اقتصادية وطنية وهي مبادرة لا علاقة لها بالسياسية”، أو المشاركة في جبهة ضد الائتلاف الحاكم.
وعلى نفس الخط سارت المنظمة النقابية في رفضها لفكرة الجبهة، انطلاقًا من تقاليدها القائمة على الاستقلالية عن العمل السياسي.
الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي، اعتبر أن الاتحاد غير معني بالجبهة السياسية المذكورة، مشيراً إلى أن بوصلته تبقى مرتبطة بالقضايا النقابية والاجتماعية وأنه معني فحسب بالمبادرة التي قدمها لرئيس الجمهورية، بخصوص الوضع الاقتصادي والاجتماعي البلاد.
ويرجح المتابعون أن مشروع الجبهة الذي طرحه أمين عام حركة الشعب، يعد محاولة لتطوير مبادرة حكومة الرئيس، التي كان المغزاوي من أبرز المدافعين عنها خلال الأسابيع التي سبقت تكليف رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ.
ويدافع المغزاوي عن ضرورة تكوين حزام برلماني وسياسي داعم لرئيس الجمهورية، ويسند الحكومة التي ستجسد مشروعه السياسي، بعيدًا عن التجاذبات والتكتلات البرلمانية.
تحفظ سياسي
من جانبها عبرت حركة النهضة عن تحفظها تجاه الطرح، ومتمسكة بضرورة النأي برئيس الجمهورية عن الصراعات السياسية.
وطالب عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى حركة النهضة، “بعدم إقحام رئيس الجمهورية في الخلافات بين الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية، وهو لا يمكن له أن يمثل المعارضة أو غيرها، فهو رمز الدولة ورئيس كل التونسيين”
المبادرة قوبلت كذلك بانتقادات من جانب شخصيات وطنية وناشطين سياسيين مستقلين، حيث وصف عصام الشابي الأمين العام للحزب الجمهوري المبادرة “بالبائسة”، مضيفًا في تدوينة نشرها على فيسبوك، “الدستور يمنع على رئيس الدولة تحمل أي مسؤوليات حزبية حتى يتفرغ لمهامه كرئيس لكل التونسيين، زد على ذلك، فإن الرئيس قيس سعيد ما فتئ يعلن أن دور الأحزاب السياسية قد انتهى، وأن المستقبل سيكون للمبادرات الشعبية المباشرة، ومع ذلك، ما زالت بعض الأحزاب تصر إلحاحاً على العمل تحت إمرته وتدعوه إلى تزعم جبهة سياسية جديدة، إنه بؤس السياسة، أو سياسة البؤس”.
وكتب المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة في ذات السياق، عن ما اعتبرها “محاولة لإقحام اتحاد الشغل في لعبة التجاذبات السياسية”، مضيفا “الاتحاد لا يمكن أن يكون إلا ركيزة استقرار وتجنيب البلاد الصدام الدامي بين التيارات السياسية والأحزاب، لا أحد يستطيع أن يراهن على اتحاد يستطيع استغلاله لأخذ البلاد نحو الصراع أو للاستقواء به ضد طرف سياسي آخر، من لا يفهم ذلك يخسر كل شيء”.