تونس ووزراء الصحة في حقبة كورونا: من نجاحات "الجنرال" عبد اللطيف المكي إلى تذبذب سياسات فوزي المهدي
tunigate post cover
تونس

تونس ووزراء الصحة في حقبة كورونا: من نجاحات "الجنرال" عبد اللطيف المكي إلى تذبذب سياسات فوزي المهدي

2021-01-17 17:13

حكومتان وثلاثة وزراء للصحة تعاقبوا على إدارة الوضع الوبائي في تونس في مجابهة فيروس كورونا، خلال أقلّ من سنة منذ تسجيل أول حالة وافدة إلى تونس مطلع شهر مارس الماضي.

اختلفت نتيجة عمل الوزراء وتباينت سياساتهم وحصادهم في مواجهة الوباء، وقد تأثر أداء أولئك الوزراء بعوامل مختلفة ارتبطت بالوضع الاقتصادي والاجتماعي وكذلك عدم الاستقرار السياسي.  

ومع الإعلان عن التعديل الحكومي من طرف رئيس الحكومة هشام المشيشي، أصبح الدكتور الهادي خيري عميد كلية الطب بسوسة، رابع وزير يتسلّم مهامّ حقيبة الصحة ليواجه تركة ثقيلة ستكون أبرز عناوينها السيطرة على الوضع الوبائي ومتابعة ملفّ تلقيح كورونا وتسريعه.

التعيينات المتوالية على رأس الوزارة، كرّست بحسب المتابعين انعدام الاستقرار الحكومي في خضمّ ظرفٍ صحيٍّ دقيق شهدته تونس، اتّسم بالصعوبات والتحديات نتيجة ضعف المنظومة الطبية والبنية التحتية العمومية على مستوى المستشفيات، وهو الأمر الذي تسبّب بحسب الملاحظين في إرباك الجهود والمخطّطات الوقائية لمواجهة الجائحة وإضعافها.  

“الجنرال” المكّي الذي كسب الرهان

يحسب للدكتور عبد اللطيف المكي القيادي بحركة النهضة، وأوّل وزير للصحة في حكومة إلياس الفخفاخ، والذي استمرّت عهدته الوزارية قرابة خمسة أشهر من مارس إلى منتصف جويلية الماضي – يحسب له نجاحه في صياغة إستراتجية متكاملة للتعامل مع الفيروس بشكل استباقي منذ تسلّمه المسؤولية، من خلال تكوين لجنة وطنية للتعامل مع الجائحة، تضمّ لفيفا من الكفاءات الطبية والبحثية من المركز الوطني للأمراض الجديدة والمستجدّة.

تميّز “الجنرال المكي” كما اشتهر بين أوساط الشارع التونسي، بخطابه الواقعي في توضيح حقائق الوضع الوبائي وتطوّراته بعيدا عن التزويق  والتهويل، ما جعله محطّ ثقة الرأي العام، انطلاقا من تعاطيه مع الوضع من موقعه كطبيبٍ ومختصٍّ.

خلال الحرب التي خاضتْها تونس في مواجهة الموجة الأولى من الوباء، كسب المكي وفريقه الرهان، بعد أنْ نجح في تعبئة جهود كلّ الوزارات، والتطبيق الصارم للحجر الصحي والإجراءات الوقائية في مرحلة أولى، إلى جانب خطّة للتباعد الاجتماعي لتفادي تجدد بؤر العدوى المحلية، خلال المرحلة التي أعقبت بداية العودة إلى الوضع الطبيعي أواخر شهر ماي الماضي.

حصيلة المكي كانت إيجابية بإجماع الملاحظين، باعتبار أنّ معدّل الإصابات والوفيات كان محدودا مقارنة بالتقديرات الأولية، كما نجح في السيطرة على الموجة الأولى بشكل كامل.  

الكشو…”الانتكاسة”

إثر إقالة وزراء حركة النهضة من حكومة الفخفاخ أواسط جويلية الماضي، كلّف الحبيب الكشو وزير الشؤون الاجتماعية بمهام تسيير وزارة الصحة بالنيابة، لكنّ قصر فترة إشرافه على الوزارة والتي لم تتجاوز شهرين إلى غاية شهر سبتمبر 2020 لم تسمح له بإنجاز الكثير.

تعيين الكشو جاء مباشرة إثر قرار إعادة فتح الحدود في 27 جوان الماضي، بعد أشهر من الإغلاق في خضمّ الإجراءات الاحترازية التي نفّذتْها الحكومة لمحاصرة انتشار الفيروس، وهو ما جعله في مجابهة تحدٍّ سياسيٍّ واستراتيجيٍّ مرتبط بالحفاظ على الوضع الصحّي العام، بعد النجاح في القضاء على الموجة الأولى.

قوبل أداء الكشو بانتقادات واسعة على المستوى السياسي والشعبي، بعد تسجيل مئات من الإصابات الوافدة من المسافرين والسياح القادمين إلى تونس، ما طرح تساؤلات عن نجاعة تنفيذ القرارات الخاصة بالحجر الصحي على القادمين من الخارج، وكذلك صحّة التحاليل السلبية التي كانوا يستظهرون بها للسلطات الصحية والحدودية.

لم يتمكّن الكشو ربما بسبب استنزاف طاقته بين وزارتين وعدم خبرته بالمجال الصحّي، من تنفيذ استراتيجية ناجعة لمواجهة تفاقم بؤر العدوى التي عاودت الظهور في عديد من مناطق البلاد، وهو ما دفع كثيرا من الأصوات إلى القول بأنّ إقالة المكي سبّبت انتكاسة لجهود مجابهة كورونا.

المهدي .. سياسات متذبذبة ومحدودة

حمل تعيين الدكتور فوزي المهدي – الأستاذ الجامعي المبرز والمختص في الطب الوقائي منذ سبتمبر المنقضي بعد تكليف هشام المشيشي برئاسة الحكومة – آمالا بقدرة الرجل بحكم التخصّص والخبرة، على مجابهة الجائحة وإعادة ضبط خطّة وطنية للسيطرة على الوضع الوبائي.

إدارة المهدي التّي استمرّت أربعة اشهر ونصف، لم تتمّكن من تحقيق المطلوب، نتيجة عدم قدرة البلاد اقتصاديا واجتماعيا على تحمّل خيار العودة إلى حجرٍ صحيٍّ شاملٍ، وهو ما وضعه أمام خيار الرهان على الوعي العام وتكثيف الإجراءات الوقائية وتطبيق التباعد الاجتماعي، سياسات لم تكن كافية للسيطرة على العدوى التي بلغت المستوى الرابع، وبلغت معدّلات مرتفعة وقياسية تجاوزت حدود 3000 إصابة و70 وفاة يوميا خلال الأيام الأخيرة، ما ترتّب عنه زيادة الضغط على البنية الطبية وارتفاع حالات الإيواء بالمستشفيات وغرف الإنعاش، والاضطرار إلى فرض حجرٍ صحيٍّ شاملِ لمدّة أربعة أيام، في محاولة لكسر سلسلة العدوى التي باتتْ تدقّ جرس الإنذار.  

تونس#
كورونا#
وزراء الصحة#

عناوين أخرى