تراجعت الكميات المجمّعة من محصول الحبوب خلال موسم 2023، بـ60% مقارنة بالعام الماضي.
وكشفت وزارة الفلاحة، الجمعة 21 جويلية، أنّه تمّ تجميع 2.7 مليون قنطار من الحبوب خلال موسم 2023، منها حوالي 98% من القمح الصلب، فيما بلغ إنتاج العام الماضي 7.5 مليون قنطار.
وتسبّب الجفاف الذي عانت منه البلاد في خسارة إنتاج ما يزيد عن 80% من المساحات المزروعة بالحبوب بمختلف أصنافها.
وأوضحت الوزارة أنّه على خلفية هذا التراجع، تمّ إقرار مجموعة من الإجراءات الاستثنائية خلال الموسم الفلاحي 2024/2023 منها توفير 700 ألف قنطار من بذور الحبوب، وتكوين مخزون احتياطي مقدّر بـ500 الف قنطار من القمح الصلب لتأمين حاجيات الموسم الفلاحي 2025/2024 من البذور.
وأشارت الوزارة إلى الترفيع في أسعار الحبوب عند الإنتاج من خلال إصدار الأمر الحكومي عدد 529 لسنة 2023، المؤرّخ في 17 جويلية، المتعلّق بتعيين سعر الحبوب وبكيفية دفع أثمانها.
بالإضافة إلى ذلك، أقرّت وزارة الفلاحة، من خلال الأمر عدد 538 لسنة 2023 الصادر في 17 جويلية المتعلّق بضبط سلّم تعيير استثنائي للقمح الصلب والليّن عند الشراء، إيقاف العمل بكل عناصر الجودة المعتمدة في السلّم الحالي عند الشراء بصفة استثنائية لهذا الموسم، ما عدا عنصريْ الرطوبة والشوائب المختلفة، وكان لهذا الإجراء انعكاس مالي في حدود 9 مليون دينار.
وأقرّت وزارة الفلاحة إجراءً يقتضي تعويض الأضرار المسجّلة وجدولة الديون، حيث تُقدّر المساحات المؤمّنة بـ113168 هكتارا من إجمالي 965000 هكتار أي ما يعادل 12%، لافتة إلى أنّ المبلغ المتوقّع للتعويض في حدود 60 مليون دينار. كما أشارت الوزارة إلى أنّه سيتمّ جدولة الديون البنكية للزراعات الكبرى في إطار الصندوق الوطني للضمان، مُطالبة الفلّاحين بالصمود.
وتحتاج السوق الاستهلاكية التونسية إلى 30 مليون قنطار من القمح والشعير سنويا، وتستورد في غالب الأحيان من 60 إلى 70% من حاجياتها من الأسواق الخارجية خصوصا أوكرانيا وروسيا.
وأمام انتهاء العمل باتّفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود بعد انسحاب روسيا وتعثّر مساعي إقناعها بالعودة، فإنّ تونس ستواجه صعوبات في مشتريات الحبوب، إذ تستورد 30% من حاجياتها من القمح الصلب وأكثر من 90% من القمح الليّن أساسا من روسيا وأوكرانيا.
وزيادة على انسحاب روسيا من اتّفاق الحبوب، فإنّ تونس التي تعاني من أزمة مالية خانقة مدفوعة بتراجع مخزون احتياطي النقد الأجنبي وتعثّر الاتّفاق مع صندوق النقد الدولي حول حزمة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار، قد تجد نفسها هذا الموسم عاجزة عن توريد القمح بنوعيْه الذي يعدّ أساسيّا في صناعة مواد استهلاكية شهدت ندرة في الأسواق.
ومن المتوقّع أن يجبر المحصول الضعيف لهذا الموسم الحكومة على توسيع رقعة الاستيراد لتأمين احتياجات السوق من القمح الليّن الموجّه لصناعة الخبز والقمح الصلب والشعير الموجّه لصناعة العلف، وذلك عن طريق الاقتراض الداخلي وحزمة تمويلات من مؤسّسات دولية.
والأربعاء، حصلت تونس على تمويل من البنك الإفريقي بقيمة 87 مليون دولار، سيخصّص لتأمين التزوّد بـالحبوب والشعير العلفي، بينما تعاني البلاد من أزمة تزوّد بالدقيق الموجّه لصناعة الخبز ونقص في العجائن الصناعية.
وفي وقت سابق، قال ألكسندر أروبيو، مدير مكتب البنك الدولي في تونس: “تواجه تونس تحدّيات كبيرة على مستوى إمدادات الحبوب بسبب الصعوبات التي تواجهها في الوصول إلى الأسواق المالية وارتفاع الأسعار العالمية، مما أثّر في قدرة البلاد على شراء الحبوب المستوردة”.
وكان البنك الدولي منح تونس تمويلات ضمن ما سمّتها “الجهود الرامية إلى ضمان الصمود الغذائي، واستمرار حصول محدودي الدّخل على الخبز بأسعار معقولة”.
وتشهد مدن تونسية نقصا في التزوّد بمادة الدقيق الأبيض (الفارينة)، ما أحدث اضطرابا في إنتاج الخبز وتسبّب في إغلاق عدد من المخابز، فيما أرجع الرئيس سعيّد الأزمة إلى “مؤامرة” هدفها تأجيج الأوضاع.
وقالت جمعية “أليرت” إنّ الأسباب التي تتحدّث عنها الرئاسة التونسية غير صحيحة، وإنّ الأزمة “هيكلية شاملة يشكو منها قطاع الحبوب في تونس”، وإنّ نقص الخبز يمسّ الولايات كافّة بنسب متفاوتة.
وذكرت الجمعية أنّ السبب الحقيقي هو “انخفاض حادّ في كميات القمح الصلب الموزّعة من قبل ديوان الحبوب”، وهو جهة رسمية مكلّفة بتزويد البلاد بالحبوب سواء الاستيراد أو تنظيم التوزيع”.
وارتفعت ديون ديوان الحبوب بـ27% خلال عام واحد، كما تأخّرت الدولة في صرف ميزانية الدعم الموجّهة إلى القطاع ما جعله (الديوان) عاجزا عن استيراد حاجيات السوق من القمح الصلب، وفق الجمعية.