لايف ستايل

تونس: ارتفاع مشط في أسعار تذاكر الطيران

عامان من الانكماش والشلل في قطاع الطيران في العالم بسبب تأثيرات جائحة كورونا، خلف خسائر فادحة قدرت بمليارات الدولارات.

مع نهاية مرحلة الإغلاق في أغلب بلدان العالم وتراجع الإجراءات الاحترازية المتشددة على السفر، سجل قطاع الطيران منذ بداية العام الجاري انتعاشة كبرى، بلغت ذروتها مع بداية موسم العطلة وفصل الصيف.

ويعرف نسق الحجوزات على الرحلات الجوية في مختلف أنحاء العالم زيادة غير مسبوقة، تجاوزت في بعض الأحيان المعدلات المسجلة في سنوات ما قبل الكورونا، وفق تقارير صدرت حديثا عن نشاط الطيران والنقل الجوي.

ارتفاع قياسي  

وإزاء ارتفاع مستويات الطلب مقابل محدودية المقاعد المتوفرة بالطائرات، عرفت أسعار التذاكر والحجوزات ارتفاعا مشطا بمختلف الناقلات وشركات الطيران في العالم.  

وكان المدير التنفيذي لشركة “دلتا إيرلاينز” الأمريكية إد باستيان، قد تحدث في مؤتمر لصناعة الطيران الأسبوع الماضي عن ارتفاع أسعار تذاكر الطائرات على مستوى العالم بنسبة 30% على الأقل خلال موسم الصيف الحالي، مقارنة بالفترة نفسها  قبل الوباء.

وحسب تقرير نشرته وكالة “بلومبرغ” فإن سعر تذكرة الرحلة بين نيويورك ولندن على سبيل المثال بلغ 2000 دولار، فيما تضاعفت التكلفة بحوالي 5 مرات نحو وجهات أخرى تشمل أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية.

موسم العودة إلى تونس

موجة ارتفاع أسعار النقل الجوي ألقت بظلالها على حركة السفر خلال فترة العطلة الصيفية في تونس. ويشهد الموسم السياحي  الحالي تدفق ملايين الوافدين من السياح والجالية التونسية المقيمة بالخارج.

التطور الكبير للحجوزات وعدد الرحلات المتجهة من المطارات التونسية وإليها منذ شهر ماي/أيار الماضي، لم يحجب الارتفاع الملحوظ والكبير في أسعار التذاكر، وهوما لمسه آلاف المغتربين التونسيين خلال بحثهم عن مقاعد للسفر بمختلف الناقلات الجوية بما في ذلك الخطوط التونسية.

ارتفاع الطلب وغياب الرحلات المخفضة

في حديث إلى بوابة تونس يرجع أحمد بالطيب رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة ارتفاع أسعار الطيران إلى عدة عوامل، أهمها الزيادة الكبيرة في تكلفة الوقود والكيروسين الذي تسبب في ارتفاع تكلفة التشغيل، إلى جانب ارتفاع مستوى الطلب مقارنة بالعرض بالنسبة إلى كل الناقلات الجوية.

وتطرق بالطيب إلى الرحلات الجوية المرتبطة بالمطارات التونسية، مبينا أن عدد الرحلات المبرمجة محدود مقارنة بعدد المسافرين الذي عرف طفرة مهمة للغاية، إلى جانب غياب رحلات الطيران منخفضة التكلفة والمعرفة بـ “الشارتار”، والتي تساهم عادة في تخفيف الضغط على الحجوزات وتقدم أسعارا مناسبة إلى بعض الفئات من المسافرين.

وأضاف بالطيب: “قبل الجائحة كان طيران “الشارتار” يساهم في تعديل السوق، فكان يؤمن على سبيل المثال 50 رحلة إضافية بين تونس وفرنسا في مثل هذه الفترة من السنة، ومع غياب هذه الخدمات حاليا ارتفع الطلب على الحجوزات ما ساهم في ارتفاع الأسعار”.

وتتراوح نسبة الزيادة في أسعار التذاكر بين تونس وعدد من الوجهات التقليدية مثل فرنسا وإيطاليا وألمانيا بين 40 % و80 % حسب محدثنا، الذي أكد أن كل الوجهات شهدت أسعار تذاكرها ارتفاعا دون استثناء.

كما لفت أحمد بالطيب إلى أن الأسعار مرشحة لمزيد الارتفاع مع بلوغ ذروة الموسم في شهري جويلية/يوليو وأوت/أغسطس، مضيفا أن “الأسعار تحددها سياسة التسويق الخاصة بشركات الطيران وتوقيت الحجوزات، فعندما يحجز الحرفاء باكرا يستفيدون من أسعار تفاضلية، وفي حالة اقتناء تذاكرهم في وقت متأخر بالنسبة إلى الموسم السياحي فستكون التكلفة مضاعفة”.

نقص الأسطول

وإلى جانب ذلك يشير رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار إلى نقص أسطول الناقلات الجوية سواء منها الأجنبية أو الخطوط التونسية، بعد تراجع عدد الطائرات من 21 إلى حدود 13 حاليا.

وأوضح بالطيب: “رغم اقتناء الناقلة الوطنية ثلاث طائرات جديدة لكنها لا تستطيع تأمين الطلب المرتفع على المقاعد، بالإضافة إلى أن عديد الناقلات العالمية الكبرى لم تقم بإعادة تشغيل العشرات من طائراتها المتوقفة عن الخدمة منذ فترة الجائحة لأسباب مالية وتقنية”.

ضغط على الحجوزات

بوابة تونس تحدثت كذلك إلى كريم قديش المدير العام التجاري المساعد بشركة الخطوط التونسية، عن ارتفاع أسعار الرحلات والعوامل المرتبطة به.

وأوضح السيد قديش أن موسم الصيف يعرف ارتفاعا في الأسعار نتيجة زيادة الضغط على الحجوزات وبشكل خاص في النصف الثاني من شهر أوت/أغسطس، وهي فترة عودة المغتربين التونسيين إلى بلدان الإقامة.

وتختلف نسبة الزيادة باختلاف الناقلات الجوية ومواعيد الرحلات، لكنها تتراوح بين 500 و 700 أورو، بما في ذلك شركات الطيران ذات التكلفة المنخفضة على غرار “نوفال إير”.

أما الوجهات التي عرفت زيادة ملحوظة في الأسعار على متن طائرات الناقلة الوطنية نتيجة الطلب الكبير عليها، فتشمل كلا من فرنسا وألمانيا وإيطاليا.

 ولفت المدير العام التجاري المساعد بالخطوط التونسية إلى زيادة تكلفة التشغيل نتيجة ارتفاع أسعار “الكيروسين” في السوق العالمية بنسبة 100%.

وفي سياق متصل أكد كريم قديش أن ما يشاع عن تعمد رفع شركات الطيران الأسعار لتعويض جانب من خسائرها في السنتين الماضيتين غير صحيح، مبينا أن المداخيل المتوقع تحقيقها خلال الصائفة الحالية لا تشكل سوى نسبة بسيطة جدا من الخسائر الضخمة التي تعرضت لها الخطوط التونسية في فترة الجائحة.

وقال محدثنا: “خلال فترة الوباء تكبدت شركات الطيران خسائر تعادل أرباحها في 15 سنة الماضية، وبالتالي فمن غير المعقول أن تحاول تعويض كل هذه الخسائر خلال موسم العطلة الصيفية”.