تونس

تونسيون يذكّرون سعيّد بعقوبة رمي المحصّنات بالزنا

أثارت تبرئة قاضية تونسية اتّهمها قيس سعيّد في وقت سابق بالزّنا، الخميس 19 جانفي/كانون الثاني، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، متّهمين الرئيس بمواصلة تجاوزه القانون والأعراف.

ووصف ناشطون وحقوقيون إنصاف القاضية بـ”الضربة الجديدة” لمصداقية الرئيس الذي يقدّم نفسه بعد إجراءاته الاستثنائية في 25 جويلية/يوليو 2021، حاميا للقانون والحريات الخاصّة والعامة.

وأصدرت الدائرة الجناحيّة 16 لدى محكمة الاستئناف، قرارا برفض الطّعن (شكلا) في حكم ابتدائي قضى بعدم سماع الدعوى في حقّ قاضية معفيّة متّهمة بالزنا.

عُمر والمحصنات

في تعليقه على تبرئة المحكمة قاضية تونسية من تهمة الزنا، دوّن الناشط السياسي عدنان منصر ما يلي: “رئيس دولة وتحسب نفسك من الصحابة (عمر بن الخطاب)، تتّهم قاضية في شرفها بناءً على تقرير بوليسي تافه، وتعزلُها بناءً عن ذلك”.

وتابع منصر في التدوينة ذاتها: “المحكمة اليوم تبتّ نهائيا في قضيّتها بالبراءة، ما هو شعورك عاد (إذن) سي عميرات (تصغير عمر)؟؟ لم يقل لك ضميرك شيئا؟ أخلاقك لم تقل شيئا؟ نزاهتك لم تقل شيئا؟ ونظافتك؟”.

من جهتها، دوّنت الناشطة الحقوقية نزيهة رجيبة (أم زياد) التالي: “قذفت مواطنة محصنة، وكان أولى بك أن تحمي عرضها بصفتك رئيسا ومطلوب منك حماية شعبك.

كانت قضيتها شخصية وتنحصر في عدد محدود من المعنيين بها، ولكن لأنّك كنت مهووسا بوضع يدك على القضاء وهي قاضية، أخرجت قضيتها من الفضاء الخاص ووضعتها في حلبة المشهد السياسي المتوحّش الضاري، فصار عرضها وليمة لآكلي لحوم البشر وخاصّة النساء”.

وأضافت الصحفية السابقة: “اليوم برّأ القضاء القاضية بعد أشهر من عذابات العزلة والاستهداف الوحشي، فما هو شعورك؟”.

أما الصحفي وليد أحمد الفرشيشي فتساءل عن موقف الرئيس قيس سعيّد بعد تبرئة القاضية، قائلا في تدوينة: “رمَى قاضية بالزنا على رؤوس الملإ والأشهاد، لا وفعلها واثقا مُلقيا بالمرأة إلى قطعان ضباعه تنهش عرضها، وها هو القضاء يبرّئ امرأة محصنة… فماذا أنت فاعل يا فتوح؟”.

متابعا: “سأقول لك ماذا تفعل، اقرأ هذه الآية؛ “والّذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون”.

وعلّقت الناشطة الحقوقية بشرى بلحاج حميدة على الاتّهامات التي يسوقها باستمرار رئيس الدولة إلى معارضي إجراءاته الاستثنائية، بالقول: “قال امرأة لا تعمل ولديها 150 مليارا، إذ بها تشتغل طول حياتها ولا تملك عُشر المبلغ (..) قال القاضية زانية برّأتها المحكمة نهائيا. هذه أمثلة على سبيل الذكر لا الحصر”.

اتّهام وسحلتعود قصّة القاضية إلى شهر جوان/يونيو 2022، حين أصدر قيس سعيّد أمرا رئاسيا عدد 516 بالرائد الرسمي (الجريدة الرسمية)، يقضي بإعفاء 57 قاضيا، من مهامهم.

وبرّر سعيّد قرار الإعفاء بجملة من التّهم التي تتعلّق بالقضاة من بينها؛ مساعدة مشتبه فيه بتهمة الإرهاب ومنها منحه الجنسية التونسية، والتواطؤ فيما يُعرف “بالجهاز السري”، والارتباط بأحزاب سياسية، بالإضافة إلى فساد مالي وارتشاء وثراء فاحش وفساد أخلاقي.

وفي معرض حديثه عن القضاة في خطاب متلفز، سلّط سعيّد الضوء على قاضيتيْن مُتهمتين بالزنا، في خطوة أثارت استنكار التونسيين على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي بيان صدر في 6 جوان/يونيو، ندّدت منظّمات مدنيّة وشخصيات وطنية بتصريحات الرئيس ضدّ القاضية، واعتبرته اعتداءً خطيرا على الحياة الخاصّة للنساء وانتهاكا صارخا لكرامة المرأة، فيما نظّم محامون ومنظّمات حقوقية وقفة احتجاجية أمام قصر العدالة بتونس، تنديدا بعزل القضاة وتضامنا مع القاضيات النساء.

وكانت مجموعات موالية للرئيس قيس سعيّد تداولت وثائق رسمية تتعلّق بالقاضية على صفحات فيسبوك، إثر اتّهام الرئيس لها في كلمة له بمجلس وزاري بأنّها “زانية.

واتّهم ناشطون حقوقيون، الموالين لسعيّد، بانتهاك المعطيات الشخصية والحريات الخاصّة للأفراد، فيما وصفت منظّمات مدنية ما قام به مؤيّدو مسار 25 جويلية بالسّحل الالكتروني الممنهج الموجّه إلى خصوم الرئيس.