تنظر فيها غدا.. ملفات ضحايا التعذيب أمام العدالة الانتقاليّة
tunigate post cover
تونس

تنظر فيها غدا.. ملفات ضحايا التعذيب أمام العدالة الانتقاليّة

بعد تغيير 53.8٪ من رؤساء دوائر العدالة الانتقاليّة.. مخاوف من تعطّل المسار
2023-09-17 17:13

تنظر، غدا الاثنين، الدائرة المختصّة بالنظر في العدالة الانتقالية والانتهاكات زمن الأنظمة الاستبدادية، في ملفي مقتل عثمان بن محمود رميا بالرصاص وعبد الرؤوف العريبي تحت التعذيب، وفق ما جاء في جريدة الصباح الصادرة أمس السبت 16 سبتمبر.
ولم تستثن الحركة القضائية 2023 – 2024 الصادرة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية يوم 30 أوت 2023، والتي شملت 1088 قاضيا بعد حجبها السنة الماضية، الدوائر القضائية المتخصّصة في العدالة الانتقالية وغيّرت تركيبتها في إطار الحركة، مما قد يزيد من تعطيل البتّ في الملفات.
وأشارت الجريدة إلى أنّ المنظّمات والجمعيات المدافعة عن العدالة الانتقالية، سبق لها أن ندّدت بالتعطيل المتكرّر الناتج عن الحركة القضائية والمطالبة بتثبيت القضاة الجالسين بالدوائر الجنائية المتخصّصة في قضايا العدالة الانتقالية وتمتيعهم بترقياتهم، تجنّبا لإطالة المسار والتسريع بالبتّ في القضايا المنشورة لديها والجاهزة للفصل حماية لحقوق الضحايا والمنسوب إليهم الانتهاك على حد سواء، خاصة أنّ إطالة آجال التقاضي تعدّ نكرانا للعدالة في حقّ كل المتقاضين.
وعلّقت الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية قائلة: “في حركة غير مسبوقة ومنذ تركيز الدوائر الجنائية للعدالة الانتقالية بموجب الأمر عدد 2887 المؤرخ في 8 أوت 2014، وشروعها في العمل بعد القيام بالتكوين اللازم لرؤسائها وأعضائها منذ 29 ماي 2018، تمّ بموجب الحركة القضائية لهذه السنة تغيير سبعة رؤساء دوائر جنائية للعدالة الانتقالية من مجموع 13 دائرة بكل من بنزرت والكاف ومدنين وقابس وصفاقس وسوسة ونابل، أي بنسبة 53.8%، وتغيير عدد من أعضائها ومن أعضاء باقي الدوائر مثل “دائرة العدالة الانتقالية بتونس”.
وستنظر الدائرة المتخصّصة بالنظر في قضايا العدالة الانتقالية في ملف قتل عبد الرؤوف العريبي، عضو بالاتّجاه الإسلامي، تحت التعذيب سنة 1991 بزنزانات أمن الدولة، وفق ما نشرته جريدة الصباح.
وانضمّ عبد الرؤف العريبي منذ السبعينات للحركة الإسلامية، وتقدّم سنة 1981 رفقة عدد من رفاقه بمطلب للحصول على ترخيص قانوني للنشاط تحت إطار حزب حركة الاتّجاه الإسلامي، غير أنّ النظام حينها شنّ حملة اعتقالات في صفوف الإسلاميين، وكان العريبي من بين العناصر القيادية التي نشطت أجهزة البوليس السياسي في البحث عنها، لذلك فرّ إلى بلجيكا خاصة بعد صدور حكم يقضي بسجنه مدة ثمانية أعوام غيابيا.
إلّا أنّه عاد إلى تونس عام 1984 بعد قرار النظام الإفراج عن كل المعتقلين من التيار السياسي الديني والمصالحة، لكنّ البوليس السياسي سرعان ما عاد لمطاردة الإسلاميين وتحديدا عام 1987 وتضييق الخناق عليهم، فقرّر العريبي مجدّدا التخفّي ومواصلة نشاطه في سريّة رفقة بقيّة رفاقه.
وفي سنة 1988، قامت حركة الاتّجاه الإسلامي بعقد مؤتمرها واُنتخب العريبي عضوا بمجلس الشورى للحركة، وظلّ يساهم بالرأي والعمل في دوائر متعدّدة إلى أن وقع اختطافه من قبل البوليس السياسي يوم 3 ماي 1991، حيث كان بصدد مغادرة معهد ثانوي خاص بجهة الحلفاوين بالعاصمة بعد إتمامه الدروس عندما فوجئ بعدد من أعوان الأمن بزيّهم المدني يحاصرونه ثم يعتقلونه وينقلونه إلى أحد المقرات الأمنية، قبل أن يتوجّه بعد نحو أربع ساعات ثلاثة أعوان أمن من البوليس السياسي إلى منزل الشهيد بباردو، حيث قاموا بتفتيشه ثم غادروه دون تقديم أيّ توضيحات عن الوجهة التي نقل إليها.
ومساء يوم 27 ماي 1991 حلّ عونَا أمن بالزيّ المدني بمنزل عائلة عبد الرؤوف العريبي واصطحبا والده إلى مقرّ منطقة الأمن ببوشوشة، حيث وقع إشعاره من قبل أحد المسؤولين الأمنيين بوفاة ابنه لدى إحدى المصالح الأمنية بوزارة الداخلية، وحُدّد له موعد الجنازة، ورغم محاولة العائلة -عن طريق أحد المحامين- تأخير موعد الجنازة إلى موعد لاحق لترتيب بعض الأمور، إلّا أنّ محاولتها باءت بالفشل فتحوّل أفرادها في الموعد المحدّد إلى المقبرة، وقام الأستاذ عبد الفتاح مورو بمواراة عبد الرؤوف الثرى، حيث عاين رفقة عائلة الشهيد آثار كدمات وزرقة في الوجه والرقبة والكتفين والصدر إضافة إلى آثار عنف في الساقين و”زلعة” في القصبتين، فيما شوّه قميص الأستاذ مورو بالدم من جراء جرح في الجهة الخلفية من رقبة الشهيد.
وخلال جلسة سابقة تمّ سماع شهادة عبد الناصر شامخ وبعد أداء اليمين وتحذيره من مغبّة شهادة الزور وسلامته من القوادح القانونية، وبسؤاله إذا كان يعرف الشهيد قبل وفاته أشار إلى أنّه لم يتقابل معه أبدا في السابق، وذكّر بما تعرّض له من تعذيب في مجموعة براكة الساحل باستعمال الضرب والتعرية ووضع “الدجاجة”، وغيرها من أساليب التعذيب ممن يسمون أنفسهم “مجموعة بربروس” وهو الاسم المخطوط على العصي التي كانوا يستعملونها طوال مدة إيقافه في 29 أفريل 1991 بقبو وزارة الداخلية إلى تاريخ 17 جوان 1991. وصرّح أنّ محمد الصالح الحيدري أعلمه أنّ أحد الموقوفين توفّي تحت التعذيب وأنجسم الضحية كانت تبدو عليها آثار التعذيب، مؤكّدا أنّ هذا كل ما يعرفه عن المرحوم ولم يعلم باسم الشهيد إلّا بعد الثورة بحكم أنّه أصبح ناشطا في مجال حقوق الإنسان وبمقارنة تاريخ الحادثة وتاريخ إيقافه، نافيا أن يكون شاهد جثّة العريبي.
وذكّرت الجريدة بسماع المحكمة، في جلسة سابقة، لأقوال المنسوب إليه الانتهاك الصادق شعبان الذي كان زمن الواقعة مستشارا لحقوق الإنسان لدى رئيس الجمهورية من 20 جوان 1991 إلى 8 جوان 1992، ثم وزيرا للعدل بداية من 9 إلى 7 جانفي 1997.
وقد ذكر صلب أقواله بأنّه عندما كان مستشارا تتمثّل مهّمته في تطوير المجال التشريعي في علاقة بقوانين حقوق الإنسان، وأوضح في خصوص الاجتماعات في علاقة بحقوق الإنسان بأنه كانت تتمّ دعوته من قبل رئيس الجمهورية، أما بشأن مقابلته لوالدي الشهيد عبد الرؤوف العريبي فإنّ ذلك كان بتكليف من رئيس الجمهورية، ملاحظا أنّه فعلا أعلمهما بأنّ الوفاة جائز جدّا أن تكون تجاوزا مرتكبا من قبل أحد الأعوان وأنّ الدولة كلّفت جهة بالتحرّي في مثل هذه التجاوزات.
وأشار المقال المنشور في جريدة الصباح إلى أنّ الصادق شعبان، أوضح في خصوص ما نُسب إليه عند توليه لوزارة العدل أنّ اللجنة صلب وزارته مختصة في متابعة مجرى القضايا المرفوعة من قبل الضحايا، نافيا عن نفسه التسترّ أو المشاركة من قريب أو بعيد في التعذيب، وطلب على ذلك الأساس بالحكم عدم سماع الدعوى في شأنها.
كما تنظر الدائرة نفسها في قضية قتل طالب الهندسة عثمان بن محمود رميا بالرصاص أثناء مطاردته من قبل أعوان أمن سنة 1986، والتي شملت الأبحاث فيها ستة متّهمين من بينهم الرئيس الراحل بن علي، ووجّهت إليهم تُهم القتل العمد والشهادة زورا والمشاركة في ذلك.
وعثمان بن محمود، طالب في الهندسة ينتمي إلى حركة الاتّجاه الإسلامي قُتل بالرصاص يوم 18 أفريل 1984 على يد فرقة أمنية كوّنها الرئيس الراحل بن علي لما كان مديرا عاما للأمن الوطني في تلك الفترة، ويطلق عليها فرقة “النمور السود” وهي فرقة مختصّة في تعقبّ المعارضين، وقد قام أعوان تلك الفرقة بمطاردة الشهيد بأحد الأزقّة بحيّ الزهور بالعاصمة وقتلته ثم تمّ إخفاء الأمر.
في الأثناء كانت عائلة الشهيد تبحث عنه، وبعد ثلاثة أيّام أعلمها مستشفى شارل نيكول أنّ جثّة ابنهم داخل المشرحة.
وادّعى أعوان الأمن الذين قتلوا الشهيد أنّهم ضبطوه وهو يحاول سرقة منزل بمنطقة حي الزهور فطاردوه، ولما رفض أطلقوا عليه الرصاص فأصيب عن طريق الخطإ برصاصة في رأسه وتوفّي.
ولكن تقرير الطبيب الشرعي فنّد رواية الأعوان، وأثبت أن وفاة الشهيد كانت بسبب تلقّيه رصاصات كثيفة من مسافة قريبة جدّا كانت موجّهة إلى أماكن قاتلة في جسده على غرار الصدر.

تونس#
ضحايا التعذيب#
عبد الرؤوف العريبي#
عثمان بن محمود#
عدالة انتقالية#

عناوين أخرى