كشف تقرير إعلامي، نُشر اليوم الاثنين 4 سبتمبر، أنّ الدوائر الرسمية في الجزائر تأكّدت من ارتباط مسؤولين إماراتيين بشكل مباشر بقضايا خطيرة تستهدف المصالح الحيوية للبلاد، منها التجسّس داخليا وحدوديا، والضغط على دول شقيقة وصديقة قصد التشويش على علاقاتها مع الجزائر. وقالت صحيفة الخبر الجزائريّة إنّ أبو ظبي اجتهدت في الاستثمار في أزمات الجيران والأفارقة من أجل مقايضة مواقفهم لجرّهم نحو مسار التطبيع مع الكيان الصهيوني، في عمل معاكس تماما لمبادئ الجزائر وجهودها المناهضة للتغلغل “الإسرائيلي” في القارة.
تقول الصحيفة: “يبدو أنّ حكّام أبو ظبي ماضون في استعداء الجزائر والإضرار بأمنها ومصالحها الإستراتيجية، ويصرّ هؤلاء، من خلال توالي انزلاقاتهم الخطيرة، على الدفع بالعلاقات الثنائية نحو القطيعة”، مضيفة أنّ “التطاول والإضرار بالمصالح الوطنية داخليا وخارجيا لم يعد خفيا أو حديث جرائد”، بل أخذ طابعا علنيّا، وفق توصيفها.
وحذّرت الصحيفة من أنّ الممارسات العدائية لحكّام أبو ظبي تجاه الجزائر، حكومة وشعبا، تؤشّر على أنّ العلاقات بين البلدين الشقيقين تتّجه نحو المجهول، وقد لا يطول خيار ضبط النفس الذي تلتزم به الجزائر منذ فترة ليست بالقصيرة.
وأثار التقرير عدة أسئلة عن دوافع الممارسات الإماراتية ضدّ الجزائر، منها تساؤلات حول طبيعة التعامل الرسمي المحتمل مع الانزلاقات الخطيرة التي يسلكها مسؤولون إماراتيون -على اختلاف وظائفهم ومواقعهم- تجاه الجزائر حكومة وشعبا، مشيرا إلى أنّ المعلومات المتواترة “التي تفضح الأدوار المشينة للإماراتيين على مختلف الأصعدة، ستضطرّ الجهات المختصّة للردّ إذا لم “يعد الأشقاء إلى رشدهم”، وفق ما جاء في الصحيفة.
ويبيّن التقرير أنّ “ما يُتداول إعلاميا” يُظهر أنّ درجة الاستياء من الأدوار الإماراتية بلغت مداها، مؤكّدا أنّه في الآونة الأخيرة “انخرطت أبو ظبي في مسلسل استفزازي للجزائر، من خلال الاصطفاف المفضوح مع نظام المخزن، وتجهيزه بكل الوسائل من أجل إلحاق الأذى بالجزائر، واتّضح ذلك جليّا من خلال عدة معطيات تصدقها الوقائع المتتالية”.
وأكّد التقرير أنّ حديث تقارير إعلاميّة محليّة عن وجود “تحرّكات مشبوهة” لملحق الدفاع بسفارة الإمارات العربية في الجزائر، لم يأتِ من التخمين أو من التكهّنات، بل تصدقها أقوال رسميين إماراتيين وأفعالهم -وفق الصحيفة- مشيرا إلى أنّ “الاصطفاف وراء نظام المخزن” ترجمته “هبة” الطائرات الحربية التي تقدّمت بها أبو ظبي إلى من وصفهم بـ”شركائها في التطبيع بالرباط في الآونةالأخيرة، بالإضافة إلى معدّات الجوسسة التي نشرها المغرب عبر حدوده مع الجزائر، والتي وجّهت خصيصا للتجسّس على مختلف الاتصالات الداخلية للجزائريين عبر الشريط الحدودي، فضلا عن الدعم الإماراتي المفضوح لأطروحة المغرب التوسّعية، وأيضا الاحتلاليّة للصحراء الغربية على جميع الأصعدة، وفق ما أوردته صحيفة الخبر الجزائريّة.
تقول الصحيفة: “لم يتوقّف مسلسل التآمر على الأمن القومي الجزائري عند هذا الحدّ، فقد كان مختبر “ذا سيتيزن لاب”، التابع لجامعة “تورونتو” الكندية والمتخصّص في الأمن الإلكتروني، قد كشف في أفريل الماضي عن برنامج تجسّس إسرائيلي جديد طوّرته شركة “كوادريم”، وتشغله الإمارات العربية المتحدة فوق أراضيها، موجّه لاختراق هواتف المسؤولين والصحفيين في 10 دول، وهو النظام الذي “جادت” به أبو ظبي على القصر الملكي بالمغرب”.
وأضاف التقرير أنّ “الإمارات ذهبت بعيدا في دعمها العسكري لنظام المخزن، من خلال إقرار مسؤوليها بمنح 68 طائرة حربية متقدّمة من نوع “ميراج 9000 داش 9″، مع قطع غيار وإمدادات الذخيرة بمثابة دعم مجاني لسباق التسلّح المغربي، وهي الصفقة التي أذاعها الإعلام المغربي على نطاق واسع قبل أشهر، وتأكّد في الآونة الأخيرة أنّ المخزن بدأ يتسلّم هذا النوع من المقاتلات المتطوّرة”.
وذكر التقرير أنّ الإمارات قد استقبلت خلال الأسابيع الماضية ضبّاطا وتقنيين مغاربة للخضوع إلى تكوين وتدريب على صيانة هذا النوع من الطائرات القتالية متعدّدة الاستخدامات، وذات القدرات القتالية جو–جو وجو–بحر، وقيادتها.
ووفق ما تبرزه مواقع متخصّصة، فإنّ هذا الأسطول الجوي الذي تحصّلت عليه الإمارات من فرنسا قادر على حمل صواريخ جو–أرض، وصواريخ “كروز”، ومدعّم برادار متعدّد الوسائط، ونظام استهداف هدف متحرّك، لرفع القدرات العسكرية لسلاح الجو المغربي.
يأتي ذلك بالتزامن مع نشر تقارير إعلامية مفصّلة حول ما وصفها التقرير بـ”تحرّكات مريبة” للملحق العسكري الإماراتي في الجزائر، والذي يحمل رتبة عقيد، وتصريحه أمام نظراء له من عدة دول أوروبية أنّه “في حال نشوب حرب بين الجزائر والمغرب، فإنّ بلاده ستقف بكل إمكاناتها مع المغرب”.
وقبل نحو عام لم توافق الإمارات، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي الحالي، على مقترح للأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش بتعيين وزير الخارجية الجزائري السابق صبري بوقادوم مبعوثا أمميا إلى ليبيا، إذ نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن دبلوماسي أممي أنّ “الإمارات وحدها رفضت تعيين بوقادوم”، يضاف إلى كل ذلك تحذيرات رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة من الدور الإماراتي المشبوه في المنطقة ومحاولاتها الحثيثة للّعب الخطير في العمق الإستراتيجي للجزائر، خاصة بمنطقة الساحل الإفريقي، وآخرها انقلاب النيجر.
للتذكير، فقد سبق لعبد القادر بن قرينة أن صرح أنّ “دولة خليجية وظيفية هي دائما وراء لعبة زرع الخلافات والفرقة في المنطقة”، وتحدّث صاحب مبادرة التلاحم وتأمين المستقبل بما يؤكّد أنّه يقصد الإمارات العربية المتّحدة، متّهما مسؤوليها بالوقوف وراء الخلافات العربية، وبقيادة المشاريع التي تتناقض مع المبادئ الجزائرية وسياساتها في المنطقة، وغيرها من الاختراقات.
وختمت الصحيفة تقريرها باتّهام الدولة الخليجية بالسعي إلى جرّ تونس إلى مسار معاد للجزائر وإقحامها كُرها في خيار التطبيع مع “إسرائيل”، مشيرة إلى زيارات مسؤول إماراتي عمل جاهدا على افتكاك موافقة رسمية تونسية للذهاب إلى تطبيع علاقاتها مع الكيان.. قبل أن يكسر الرئيس قيس سعيّد الصمت الرسمي الأسبوع الماضي ويجدّد رفضه القاطع لهذا الخيار الذي سبق أن وصفه بالخيانة.