شركة “أركنو” لتصدير النفط تخضع لسيطرة غير مباشرة لنجل حفتر وأرباحها تُحوّل إلى بنوك الإمارات
كشف خبراء في الأمم المتحدة وسجلات شحن، أن شركة “أركنو” الخاصة والناشطة في مجال تصدير النفط تخضع لسيطرة غير مباشرة من قبل صدام حفتر، نجل اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
ونقل تقرير لوكالة رويترز، بأن “أركنو” صدرت نفطا بقيمة 600 مليون دولار على الأقل منذ شهر ماي الماضي، ما ينهي بذلك احتكار المؤسسة الوطنية للنفط المملوكة للدولة لصادرات البترول الخام.
ولم يتسن لرويترز التحقق ممن يملك “أركنو”، لكن لجنة خبراء في الأمم المتحدة قالت في تقرير موجه إلى مجلس الأمن بتاريخ 13 ديسمبر الماضي، إن الشركة تخضع لسيطرة غير مباشرة من صدام حفتر أحد أبناء خليفة حفتر.
وفي تصريح لريترز قال تشارلز كاتر مدير التحقيقات في مجموعة “ذا سنتري” الدولية للتحقيقات والسياسات: “هذه سابقة مذهلة تعكس النفوذ المتنامي لأطراف مسلحة على قطاع النفط”.
واطلعت رويترز على أكثر من 20 وثيقة، تضمنت سندات شحن وقرارات حكومية ورسائل من شركة النفط من أجل هذه التقرير، إضافة إلى مقابلات مع مصادر دبلوماسية وتجارية وخبراء في الشأن الليبي.
ووفقا لموقعها الإلكتروني وحسابها على “لينكد إن”، يقع مقر أركنو في مدينة بنغازي في شرق ليبيا، ولها رصيف يخضع لسيطرة قوات حفتر.
وقال مصدران إن الشركة تأسست في أوائل 2023 على يد موظفين سابقين في مؤسسة النفط الليبية.
وبعثت رويترز رسائل إلكترونية للحصول على تعليق إلى عنوانين للتراسل لشركة أركنو لكنها لم تتلق ردا، كما حاولت التواصل مع متحدث باسم قوات حفتر دون أن تتلقى كذلك تعليقا.
ووفقا لتقرير للأمم المتحدة، جرى تعيين صدام حفتر رئيسا لأركان القوات البرية الخاصة بوالده في ماي الماضي، مما سمح له بتأكيد السيطرة على علاقات ليبيا مع الدول المجاورة ومصالحها الاقتصادية.
وأظهرت رسالة بتاريخ 11 جويلية اطلعت عليها رويترز، العلاقة بين “أركنو” وصادرات النفط لأول مرة، عندما حصلت في ماي على ملكية شحنة من شركة الخليج العربي للنفط، وهي شركة تابعة للمؤسسة الوطنية للنفط.
تدفقات مالية خارج المركزي الليبي
وأشارت سجلات شحن إلى أن “أركنو” صدرت منذ ذلك الحين سبع شحنات نفطية أخرى، ليصل إجمالي صادراتها بين ماي وديسمبر 2024 إلى 7.6 ملايين برميل بقيمة حوالي 600 مليون دولار، وفقا لمتوسط أسعار خام برنت الشهرية.
وحسب بيانات مجموعة بورصات لندن وشركة كبلر ووثائق راجعتها رويترز، اشترت شركة “إكسون موبيل” الأمريكية إحدى الشحنات المتجهة إلى إيطاليا في 28 أكتوبر2024.
اشترت يونيبك، الذراع التجارية لمؤسسة الصين للبترول والكيميائيات (سينوبك) أكبر شركة تكرير في العالم والمملوكة للحكومة الصينية، شحنتين على الأقل، متجهتين إلى بريطانيا وإيطاليا.
ولم ترد سينوبك على طلب للتعليق، ولم يتضح بعد ما إذا كانت اشترت الشحنات مباشرة من أركنو أو من تاجر آخر.
ولم ترد مؤسسة النفط الوطنية وشركة الخليج العربي للنفط والبنك المركزي على طلبات للتعقيب، ورفضت وزارة النفط التعليق.
تعيش ليبيا حالة من عدم الاستقرار السياسي منذ الإطاحة بالقذافي، لكن صادرات النفط ظلت تحت سيطرة البنك المركزي.
وما تزال مؤسسة النفط، التي تعمل منذ فترة طويلة بشكل مستقل وحافظت على الحياد السياسي في البلد المضطرب، تمثل الجزء الأكبر من الصادرات الليبية.
واستنادا إلى بيانات كبلر وحسابات رويترز، صدرت المؤسسة نحو 264 مليون برميل من النفط بقيمة تقرب من 21 مليار دولار خلال الفترة نفسها التي شهدت شحنات أركنو الثماني.
عادة ما يتم سداد ثمن شحنات النفط الخام التي تصدرها المؤسسة الوطنية للنفط بالدولار في حساب مصرف ليبيا المركزي في المصرف الليبي الخارجي في نيويورك، قبل نقلها إلى حساب حكومة طرابلس لدى مصرف ليبيا المركزي.
وحسب وثائق شحن، طلب دفع ثمن شحنات “أركنو” من خلال حسابات في بنك الإمارات دبي الوطني المرتبط بحكومة دبي وبنك التجارة والاستثمار في جنيف.
ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كانت المدفوعات قد تمت إلى تلك الحسابات ولا إلى أين قد تكون الأموال قد اتجهت لاحقا.
وقال بنك الإمارات دبي الوطني إنه لا يمكنه تأكيد أو نفي أي علاقات مع عملاء بسبب سياسات داخلية والتزامات تنظيمية.
بدوره أفاد بنك التجارة والاستثمار أيضا، أن سياسته تلزمه بعدم تأكيد أو نفى أي علاقات مع عملاء.
شراكة مشبوهة
ووفقا لخطاب من المؤسسة الوطنية للنفط بتاريخ 10 جويلية، أصبحت “أركنو” شريكا في حقلي النفط الرئيسيين السرير ومسلة.
ولم يذكر الخطاب تفاصيل عن كيفية عمل الشراكة، وتدير شركة الخليج العربي للنفط التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط الحقلين ويمثلان أغلب إنتاجها الذي يبلغ نحو 300 ألف برميل يوميا من الخام عالي الجودة، وهو النوع نفسه الذي تصدره شركة أركنو.
وقال كاتير من مؤسسة ذا سنتري “يبدو أنه لا يوجد دليل على أن شركة أركنو قدمت بالفعل أي خدمات أو قامت بأعمال تطوير في حقلي مسلة والسرير النفطيين، ونتيجة لهذا فإن حصول أركنو على مئات الملايين من الدولارات من المؤسسة الوطنية للنفط، والتي يجري دفعها في شكل شحنات نفط للتصدير، يثير شكوكا كبيرة بشأن احتمالية وجود فساد”.
ووفقا لقرار للحكومة صدر في نوفمبر 2023، أصبحت أركنو شريكة للمؤسسة الوطنية للنفط في تطوير ثلاثة حقول نفطية أصغر حجما هي السلطان واللطيف في شرق ليبيا والطهارة في الغرب.
وقال تقرير للأمم المتحدة إن أعضاء الفصائل المسلحة جرى تعيينهم في مناصب مختلفة في المؤسسة الوطنية للنفط نفسها، ضمن تعديل وزاري تضمن إنشاء مكتب في موقع مختلف مسؤول عن اتفاقيات تقديم الخدمات مع الشركات الخاصة.
وأوضح التقرير: “من بينها اتفاقية مع أول شركة نفط خاصة في ليبيا، شركة أركنو للنفط”.