تونس سياسة

تقرير: تراجع الحريات يؤثّر في الدعم العسكري لتونس

رافق تجديد الولايات المتحدة دعوتها الرئيس قيس سعيّد إلى العودة إلى المسار الديمقراطي وانتقادها إجراءاته الاستثنائية والدستور الجديد، تحذيرات من مخاطر خسارة تونس شريكا استراتيجيا وأحد أهم المانحين الدوليين.

الاستفتاء والدعم

 بعد وصف عدد من الدول والمنظّمات، الاستفتاء الدستوري في تونس الذي منح سلطات واسعة لقيس سعيّد، بـ”النكوص الديمقراطي”، أشار مراقبون إلى أن العلاقات التونسية الأمريكية تسير نحو الفتور.

وجاء في تقرير لموقع بريكينغ ديفنس، أن انتقادات واشنطن الأحداث الأخيرة في تونس، يلقي بالشكوك على صفقات الدفاع الغربية، في الوقت الذي توازن فيه الولايات المتحدة وغيرها بين الحاجة إلى علاقات ودّية مع تونس وانزلاقها المقلق بعيدا عن الديمقراطية.

وأشار الموقع إلى أنّ الولايات المتحدة توفّر لتونس حوالي 190 مليون دولار سنويا، مقسّمة بالتساوي، تقريبا، بين المساعدات الأمنية وبرامج تعزيز اقتصاد البلاد والمؤسسات الديمقراطية.

وفي أفريل، أوضحت إدارة الرئيس جو بايدن مدى قلقها إزاء تراجع الديمقراطية في تونس، كاشفة عن ميزانية سنوية خُفّضت فيها المساعدات لتونس بنحو 50%.

ونقل الموقع عن ميخائيل تانشوم، وهو باحث في المعهد النمساوي للسياسة الأوروبية والأمنية في واشنطن العاصمة، قوله إن: “موقع تونس الاستراتيجي في شمال أفريقيا والبحر الأبيض المتوسّط يجعلها شريكا مهمّا للولايات المتحدة”.

وأضاف: “في حين أن واشنطن غير مرتاحة للتراجع الديمقراطي في البلاد، سيكون من غير الحكمة التضحية بعلاقتها الأمنية مع تونس، ممّا يخلق فرصة للقوى المتنافسة لملء الفراغ”.

صفقة الطائرات

كشف الموقع المهتمّ بشؤون الدفاع، أن هناك مقترحا لبيع تونس طائرات التدريب الأمريكية، علاوة على صفقات أخرى، مضيفا أن قبل أسابيع من تمرير الاستفتاء في 25 جويلية/يوليو، منح مركز إدارة القوات الجوية الأمريكية شركة تكسترون للطيران عرضا بقيمة 90.7 مليون دولار، لعقد تسليم ثماني طائرات من طراز “تي-6 سي” للقوات الجوية التونسية.

ومن المقرّر أن يبدأ تسليم الطائرات بحلول مارس 2023، وأن يكتمل بحلول سبتمبر 2026، وسيتمّ تمويله في أغلبيته على أنه جزء من المساعدات العسكرية الأمريكية لتونس.

تراجع أمريكي

وعن آفاق الصفقة، قال محلّل ستراتفور للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة ران، وهي شركة خاصة للتنبؤات الاستخباراتية، إنّه من غير المتوقّع أن تستمر واشنطن في مساعدة تونس عسكريا بعد الاستفتاء.

وأضاف المحلّل: “أعتقد أن صفقة T-6C أصبحت الآن موضع شك”، مشيرا إلى أنّ الولايات المتّحدة وأوروبا، على حدّ سواء، تريَا في الاستفتاء “اتّجاها نحو الاستبداد”.

وحسب التقرير، توقّع بول تخفيضات في المساعدات العسكرية لنظام سعيّد، مؤكّدا أن هناك ضغوطا سياسية في واشنطن لتقليص العلاقات، بسبب سياسته التي تسير عكس اتجاه المكاسب الديمقراطية التي شهدتها تونس.

قلق أمريكي وحرص تونسي

وفق موقع بريكينغ ديفنس، رفض مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية التعليق بشأن صفقة T6 أو أيّ صفقة أخرى، إلا أنه كرّر مخاوف بلاده بشأن “التآكل المقلق للمعايير الديمقراطية في تونس خلال العام الماضي”.

وقال المسؤول إنّ: “الشراكة بين الولايات المتحدة وتونس، تكون أقوى عندما يكون هناك التزام مشترك بالديمقراطية وحقوق الإنسان”.

وتأتي الشكوك بشأن استمرار المساعدات الأمريكية لتونس، في وقت يحتاج فيه الجيش التونسي إلى صفقات تسليح تحسّن من قدراته وترفع من جاهزيته، مشيرا إلى أن هذه المؤسسة تواجه تحدّيات أخرى، بسبب القيود المالية للدولة التونسية.

وأضاف موقع بركينغ ديفنس، أنّ العقبة الرئيسية أمام تونس لتوسيع قدرات قواتها الجوية مالية بالأساس، فهي لا تحصل على مساعدات عسكرية كبيرة من حلفاء مثل فرنسا أو الولايات المتّحدة.

انتقادات واشنطن

وجاء في التقرير، أن الولايات المتحدة رفعت وتيرة انتقاداتها لسعيّد منذ أن أقال الحكومة، وجمّد عمل البرلمان وحلّه لاحقا، في خطوة ضربت النظام الديمقراطي الوحيد الذي أنتجته ثورات الربيع العربي، في الخصر.

واستعرض التقرير، موقف الولايات المتّحدة الأخير الذي أعربت من خلاله عن مخاوف من أن يقوّض الدستور التونسي الجديد حقوق الإنسان في البلاد، وأشارت إلى نسبة المشاركة الضعيفة في الاستفتاء الذي دعا إليه الرئيس قيس سعيّد.

كما أورد الموقع تصريح الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أكّد فيه أن بلاده لاحظت أن حركة واسعة من المجتمع المدني التونسي ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية، أعربت عن قلقها من الاستفتاء وانعدام الشمولية والشفافية في العملية الانتخابية.

وتواجه تونس أزمة اقتصادية مركّبة تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19، والحرب في أوكرانيا التي تعتمد عليها في استيراد القمح، وعطب سياسي حادّ جراء الإجراءات الاستثنائية التي أقرّها سعيّد في 25 جويلية/يوليو 2021.