“كالكسيت” على خطى “بريكسيت”.. هل يختار سكّان كاليفورنيا الانفصال عن الولايات المتحدة الأمريكيّة؟
وافقت الحكومة المحلية في كالفورنيا على العريضة حول إمكانية انفصال ولاية كاليفورنيا عن الولايات المتحدة.
وتحتاج العريضة إلى جمع أكثر من نصف مليون توقيع للمضي قدما في إجراءات الانفصال.
جاء ذلك في تقرير لموقع “نيوز ري” الروسي تناول إمكانية انفصال ولاية كاليفورنيا.
وقد أعرب الناشطون عن ثقتهم في نجاح هذه المبادرة، معلنين عن معارضتهم للقيادة الجديدة للولايات المتحدة.
تقرير المصير
في 27 جانفي، أعلنت وزيرة خارجية ولاية كاليفورنيا شيرلي ويبر عن موافقة الولاية على التماس الانفصال عن الولايات المتحدة.
في الوقت الراهن، أصبح قرار التصويت لصالح البقاء أو الانفصال عن الدولة بيد سكان كاليفورنيا.
ومن أجل القيام بذلك، ينبغي تأمين توقيع 546.651 مواطنا على الوثيقة.
وستستمر عملية التصويت إلى حدود 22 جويلية 2025.
وفي حالة جمع التوقيعات اللازمة، سيتم إجراء استفتاء حول مستقبل كاليفورنيا في سنة 2028.
وأطلق على هذه المبادرة اسم “كالكسيت” في إشارة إلى “بريكست”.
وستنطلق عملية الانفصال في حال صوّت لصالحها ما لا يقل عن 55٪ من الناخبين، مع مشاركة لا تقل عن 50 ٪.
وتعليقا على ذلك، كتبت صحيفة نيويورك بوست: “أن حدوث ذلك بمنزلة تصويت بسحب الثقة من الولايات المتحدة الأمريكية، وتجسيد لإرادة شعب كاليفورنيا في أن تصبح ولايته دولة مستقلة”.
كما قال أحد سكان كاليفورنيا الداعمين للمبادرة: “ولايتنا تدفع ضرائب تفوق حجم المساعدات الفدرالية التي تتلقاها بـ 83 مليار دولار. نحن ندعم الولايات الأخرى. لماذا لا ننفصل؟“.
لماذا تريد كاليفورنيا الانفصال؟
تعد كاليفورنيا الولاية الأكثر كثافة سكانيّة على الساحل الغربي للولايات المتحدة.
ووفقا لتقرير “آفاق الاقتصاد العالمي” الذي أعده صندوق النقد الدولي، احتل اقتصاد كاليفورنيا في نهاية سنة 2023 المرتبة الخامسة ضمن أكبر اقتصاد في العالم، متفوّقا على الاقتصاد البريطاني والهندي.
ويدعم غالبية سكان الولاية الحزب الديمقراطي. وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة المنعقدة في نوفمبر 2024، دعم السكان المرشحة عن الحزب الديمقراطي ونائب الرئيس السابقة كامالا هاريس.
وقد أثار نشطاء كالكسيت قضية انفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة في سنة 2016 على إثر فوز ترامب.
ومع ذلك، أظهرت استطلاعات الرأي أن 14 ٪ فقط من الناخبين المسجلين يؤيدون المبادرة.
ويعتقد زعيم حركة كالكسيت ماركوس رويز إيفانز، أن حظوظ الحركة في النجاح ارتفعت.
ونقل الموقع عن الخبير السياسي ورئيس الحركة الروسية المناهضة للعولمة ألكسندر إيونوف، أن العملية التي أطلقت في كاليفورنيا ذات طابع سياسي.
بينما يرى إيونوف، أن “الديمقراطيين يحاولون الانتقام ممّا يسمى بالجمهوريين الجدد بقيادة ترامب بسبب الانهيار الكامل لسياسة بايدن الداخلية“.
سكان كاليفورنيا يكرهون ترامب
ويجاهر الناشطون في ولاية كاليفورنيا بمشاعرهم العدائية تجاه ترامب، ويشاركهم في ذلك أغلب السياسيين في الولاية الذين يعارضونه بشكل علني.
كذلك تعهد حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسم، وهو ديمقراطي، بحماية الحقوق المدنية الأساسية للسكان المحليّين من الجمهوريين.
وأشارت منظمة كالماترز إلى أنه خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى، رفعت قيادات كاليفورنيا دعاوى قضائية ضد ترامب بمعدل واحدة كل 12 يوما.
وفي المجمل، رفعت الولاية 123 دعوى قضائية ضد الرئيس، بحيث تعارض السلطات قضية حظر الإجهاض التي يروج لها الجمهوريون.
علاوة على خطاب ترامب القاسي تجاه المهاجرين.
فضلا عن السياسات البيئية للإدارة الجديدة.
إلى جانب إعلان الرئيس عن خطط لزيادة إنتاج النفط، وإصداره أمرا تنفيذيا بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ.
وحسب تقارير إعلامية، تستعد حكومة ولاية كاليفورنيا بالفعل لرفع دعاوى قضائية جديدة ضد الزعيم الأمريكي.
ووفقا لإيونوف، فإن ترامب الذي أعلن عن خطط لتوسيع الأراضي الأمريكية لتشمل غرينلاند وكندا، سيحارب بشدّة أي مشاعر انفصالية.
كما تابع إيونوف: “حتى في عهد الديمقراطيين، عملت وكالات الاستخبارات الأمريكية عن كثب مع الكاليفورنيين وغيرهم من المؤيدين لاستقلال الولايات والأقاليم الفردية.
وبعد كل حدث يتم استدعاؤهم للاستجواب، ويقوم مكتب التحقيقات الفدرالي بعمليات تفتيش في مكاتب المنظمات“.
هل تنفصل كاليفورنيا؟
وذكر الموقع أن القانون الأمريكي يفتقر إلى القوانين التي تنظم عملية انفصال الولاية.
ففي سنة 1869، بعد الحرب الأهلية الأمريكية، قضت المحكمة العليا بأن قانون القبول نهائي، ولا يمكن مراجعته أو إلغاؤه إلا “بالثورة، أو بموافقة الولايات“.
وحيال هذا الشأن، يرى أستاذ قسم العلوم السياسية في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية جيفورج ميرزايان أن نجاح مبادرة كالكسيت لا يصب على الإطلاق في مصلحة المؤسسة الحاكمة الأمريكية.
فالجمهوريون الذين تولوا السلطة لا يريدون خسارة أغنى ولاية والأمر سيان بالنسبة إلى الديمقراطيين؛ نظرا إلى أن كاليفورنيا، إلى جانب نيويورك، تشكّلان أكبر قاعدة انتخابية للديمقراطيين في الولايات المتحدة.
لذلك من الصعب على الديمقراطيين احتلال البيت الأبيض بعد ذلك”.
كما أشار ميرزايان إلى أن “الميزان الانتخابي سوف يتأرجح بشكل خطير لصالح الجمهوريين“.
وحسب إيونوف، فإن هناك حجر عثرة يعطل طموحات أنصار كالكسيت، وهو وجود حركة نشطة في شمال كاليفورنيا تدعو إلى الانفصال، وإنشاء ولاية جيفرسون جديدة غير موجودة حاليّا، من شأنها توحيد كاليفورنيا وجزء من ولاية أوريغون.
وذكر الموقع أن السلطات الروسية تراقب الأحداث الجارية في الولايات المتحدة.
وفي هذا الصدد، وصف رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، غريغوري كاراسين، ما يحدث ومطالبات الولايات المتحدة بالأراضي الأجنبية بـ”السخافات“.
خطر حرب أهلية
في ربيع سنة 2024، أجرت مؤسسة راسموسن ريبورتس استطلاعا للرأي لمعرفة عدد الأمريكيين الذين يحتملون وقوع حرب أهلية جديدة في البلاد.
وأجري الاستطلاع بعد إصدار فيلم “حرب أهلية”، الذي تجسد أحداثه اتحاد ولايتي كاليفورنيا وتكساس، وإعلانهما التمرّد ضد رئيس ديكتاتوري أدّت سياساته إلى تقسيم المجتمع.
وأظهر الاستطلاع أن 41 ٪ من المشاركين مقتنعون بأن صراعا أهليا جديدا سوف يندلع في الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس المقبلة، في حين أرجح 16 ٪ حدوث هذا السيناريو.
وحسب الخبير السياسي مالك دوداكوف، فإن هذه الولايات حاولت في العديد من المناسبات الضغط على الحكومة الفدرالية وابتزازها بالانفصال عن البلاد.
وقال دوداكوف: “بالنسبة إلى أي احتمال نظري لانهيار الولايات المتحدة، فهذا لا يمكن أن يحدث إلا في حالة حدوث حرب أهلية أو صراع نووي وما إلى ذلك.
بناء على ذلك لا ينبغي توقع أي نوع من الانفصال السلمي، على الأقل في المستقبل القريب أو على المدى المتوسط”.
وعلى النقيض من ذلك، يرجح إيونوف احتمال اندلاع حرب أهلية في الولايات المتحدة.
كما أشار إلى أن “هناك العديد من الطوائف الدينية المختلفة والمؤثرة في الولايات المتحدة. يمكن استغلال هذا العامل لإخراج الناس إلى الشوارع بسرعة. هناك ديناميكيات خطيرة للغاية في ولايات مثل تكساس وكاليفورنيا وهاواي والأراضي المرتبطة ببورتوريكو“.
كذلك يرى إيونوف أن كاليفورنيا بمنزلة قنبلة موقوتة. وعدم حدوث الانفصال اليوم لا يعني تجنبه في المستقبل القريب.
وبيّن أن حملة ترامب قسّمت المجتمع الأمريكي إلى نصفين، وأصبح المزاج السياسي المحلي يسوده التشاؤم.