نقلت مصادر إعلامية وسياسية متطابقة من الرباط، أنّ زيارة الوفد الإسرائيلي الأمريكي التي بدأت عشية الثلاثاء 22 ديسمبر إلى المغرب، وقع اختزالها واختصارها بشكل مفاجئ إلى نصف يوم فقط، بعد أنْ كان برنامجها ممتدًّا على مدار يومين.
قرار تغيير برنامج الزيارة يأتي لاعتبارات وعوامل أمنية تتعلق بحماية المسؤولين الإسرائيليّين وضمان سلامتهم، فضلًا عن حالة الرفض الشعبي الواسع في الشارع المغربي للتطبيع، والانقسام الواسع الذي أثاره في الأوساط السياسية في البلاد.
انتشار أمني مكثّف وتعتيم إعلامي
وشهدت العاصمة المغربية الرباط انتشارًا أمنيًّا مكثّفًا منذ يوم أمس الاثنين، في إطار ترتيبات خاصة لتأمين الزيارة.
وعرفت عديد من المناطق الرئيسية بالرباط، والأماكن التي ينتظر أنْ تشملها زيارات ولقاءات الوفد الإسرائيلي، تعزيزًا كبيرًا من قوات الشرطة، تحسّبًا لأي تجمعات أو تحركات شعبية منددة بالتطبيع.
وبحسب ما نشرته الصحافة المغربية، فإن الزيارة التي ستقتصر على مساء اليوم الاثنين ستشمل عددًا من اللقاءات الثنائية المكثّفة بين الجانب الإسرائيلي والمغربي، وتوقيع عدد من اتفاقيات التعاون.
الإجراءات الاستثنائية فرضت حالة من التعتيم الكامل بما في ذلك المتعلق بالتغطية الصحفية، حيث منعتْ مختلف وسائل الإعلام المغربية من مواكبة الحدث في سابقة تحدث للمرة الأولى.
و ذكر موقع “هيسبرس” الإخباري المغربي، أنه لم يتمكن من مواكبة الزيارة وتغطيتها سواء عند وصول الوفد إلى مطار الرباط، وكذلك على مستوى لقاءاته مع المسؤولين المغاربة، بسبب ما وصفه “بالتغيير الطارئ على البرنامج وما فرضتْه من تعديل على ارتباطات الوفد الإسرائيلي والأمريكي، وصعوبة التنسيق مجدّدا في ظل ضيق الوقت”.
واكتفت معظم وسائل الإعلام المغربية بنشر صوّر محدودة لوصول طائرة العال إلى مطار الرباط سلا وسرْد برنامج الوفد التي يتضمّن لقاء مع الملك محمد السادس إلى جانب محادثات ثنائية مع عدد من الوزراء.
العثماني وإحراج التطبيع
وأرجعت مصادر إعلامية عربية جانبًا من التعتيم والاختزال المتعلق بالبرنامج، الى عدم حضور رئيس الحكومة سعد الدين العثماني لاستقبال الوفد الإسرائيلي بالمطار، وعدم مشاركته في اللقاءات والمحادثات التي ستجرى معه، وذلك تفاديا للإحراج الذيي سيطاله من الشارع السياسي والرأي العام، وكذلك من داخل حزب العدالة والتنمية ذي الخلفية الإسلامية، والذي عبّر كثير من قياداته وقواعده عن رفضهم لسياسة التطبيع.
وأفاد موقع “هيسربس” أنّ رئيس الحكومة المغربي قرّر تكليف الوزيريْن عبد القادر عمارة وعزيز رباح، باللقاءات مع الجانب الإسرائيلي وتوقيع الاتفاقيات التي تهمّ وزارات التجهيز والنقل والطاقة و المعادن.
ويبدو أنّ تمثيل الوفد الإسرائيلي الذي يرأسه مستشار نتنياهو مائير بن شبات، أعفى العثماني من حرج الحضور والمشاركة في الحدث، حيث نقلت مصادر من داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم، أنّ “الزيارة وسياسة التطبيع قراران يرجعان إلى السلطة الملكية ولا يمثّل الحكومة”.
وفور وصوله إلى الرباط، توجه الوفد الإسرائيلي إلى ضريح الملك المغربي الراحل الحسن الثاني لوضع باقة من الورود، اعترافًا بالدور الهام الذي لعبه الملك السابق في تطوير العلاقات والاتصالات السرية وغير المعلنة بين الرباط وتل أبيب، وفتْح مجالات التعاون على مستويات كثيرة خاصة منها الأمني والاستخبارتي.