تونس سياسة

تراجع قيس سعيد عن حلّ المجلس الأعلى للقضاء… مراوغة أم تخوّف؟

بعد أيام من إعلانه صراحة عن حلّ المجلس الأعلى للقضاء، خرجت وزيرة العدل ليلى جفال مساء  الأربعاء 9 فيفري/فبراير، لتؤكد تمسّك رئيس الجمهورية قيس سعيّد  بالمجلس كمؤسسة دستورية ضامنة لاستقلال القضاء، مع مراجعة قانونه وتكليف مجلس مؤقت، مما يفتح باب التأويلات. هذا التراجع يتزامن مع إضراب القضاة وتحركاتهم الاحتجاجية منذ يوم الاثنين وحتى اللحظة وسط انتقادات دولية لقرارات سعيد المتعلقة بالقضاء.


قيس سعيّد اختار أسلوب المراوغة نفسه الذي اعتمده مع مجلس نواب الشعب حين جمّد اختصاصاته دون حلّه تجنّبا للانتقادات التي توجهها إليه دول ومنظمات دوليّة، وتخوّفا في الآن ذاته، مما قد ينجر عن ذلك من حصار مالي دولي، في ظل أزمة مالية واقتصادية خانقة تعيشها تونس هي الأخطر على الإطلاق وفق مراقبين.

مراوغة 
وفي هذا السياق، علّق رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر على  قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد عدم حلّ المجلس بالقول :” أعتقد أنّها  مراوغة على خلفية موقف أعضاء المجلس الأعلى للقضاء الرافضين لحله والمتمسكين باستقلاليته، كما أن حديث الرئيس عن توجهه إلى إصدار مرسوم في علاقة بإحداث هيئة وقتية انتقالية داخله هو مؤشر خطير على إنهاء العمل بدستور البلاد،  وسيتحول المجلس من سلطة منتخبة إلى مجلس معين، وهو ما يعنيالعودة إلى واقع القضاء زمن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بل ربما أسوأ من ذلك”. 


تخوّف
كما أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيد يعلم جيّدا أنّ المواقف الأوروبية والأمريكية الرافضة والمنددة بقرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء ستكون لها انعكاسات سلبية على الموازنة المالية العمومية، خاصة أن تونس لا يمكنها الحصول على تمويلات خارجية للميزانية دون موافقة هذه الدول.


وكان سفراء دول غربية وآسيوية لدى تونس والاتحاد الأوروبي قد أعربوا عن “قلقهم البالغ” إزاء قرار حلّ المجلس، وحثّت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه الرئيس التونسي على عودة المجلس، ورأت أن حله انتهاك واضح للالتزامات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

ومن واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إن بلاده تشعر بقلق بالغ إزاء قرار الرئيس التونسي حل المجلس الأعلى للقضاء، ودعا الحكومة التونسية إلى احترام استقلالية القضاء، وتسريع عملية الإصلاح السياسي.

وأعرب السيناتور الجمهوري جيم ريش عن قلقه من محاولة الرئيس التونسي قيس سعيد حلّ المجلس الأعلى للقضاء في البلاد.

وقال ريش في تغريدة إن محاولة قيس سعيّد حل المجلس هي أحدث حلقة في سلسلة تحركاته المناهضة للديمقراطية، وإن الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع الشعب التونسي لدعم قضاء حرّ ومستقل.