عالم عرب

تحقيق أممي: استهداف منشآت الصحة الإنجابية في غزة “إبادة جماعية”

لجنة أمميّة تكشف بالأدلّة عن زيادة مؤسفة في العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في حق الفلسطينيّين
أكّدت لجنة تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة، الخميس، أنّ الاحتلال ارتكب “أعمال إبادة جماعية” في حق الفلسطينيين عبر تدميرها الممنهج لمرافق رعاية الصحّة الجنسية والإنجابية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقالت اللجنة في تقرير: “لجأت إسرائيل بشكل متزايد إلى استخدام العنف الجنسي والإنجابي وغيره من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد الفلسطينيين”.
كما “ارتكبت أعمال إبادة جماعية عبر التدمير الممنهج لمرافق الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية”، وذلك “في إطار جهود أوسع نطاقا لتقويض حقهم في تقرير المصير”، وفق التقرير.

انتهاكات واسعة

ويوثّق التقرير “مجموعة واسعة من الانتهاكات المرتكبة ضد النساء والرجال والفتيات والفتيان الفلسطينيين في جميع أنحاء الأرض المحتلة منذ 7 أكتوبر 2023”.
ورافق إصدار التقرير يومين من جلسات الاستماع العامة بجنيف في 11 و12 مارس الجاري، استمعت خلالها اللجنة إلى ضحايا وشهود على العنف الجنسي والإنجابي وأفراد من الطاقم الطبي الذين ساعدوهم، إضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني وأكاديميين ومحامين وخبراء طبيين.
وأكّدت اللجنة أنّ تلك الانتهاكات “تشكّل عنصرا رئيسيا في إساءة معاملة الفلسطينيين، وجزءا من الاحتلال غير القانوني واضطهاد الفلسطينيين باعتبارهم مجموعة”.
وخلصت إلى أنّ “العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ازدادت وتيرته وشدّته يُرتكب في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة كإستراتيجية حربية تتبعها إسرائيل للسيطرة على الشعب الفلسطيني وتدميره”.
وتابعت: “تمثّل أشكال محدّدة من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مثل التعري القسري في الأماكن العامة والتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب والاعتداء الجنسي، جزءا من إجراءات العمل الاعتيادية لقوات الأمن الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين”.
ووثّقت اللجنة “أشكالا أخرى من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، بينها الاغتصاب واعتداءات على الأعضاء التناسلية، ارتُكبت إما بأوامر صريحة أو بتشجيع ضمني من القيادة المدنية والعسكرية العليا في إسرائيل”.

إفلات من العقاب

و”يسود مناخ من الإفلات من العقاب أيضا في ما يتعلق بالجرائم الجنسية والعنف القائم على النوع الاجتماعي التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية، بهدف بث الخوف في المجتمع الفلسطيني وطرده”، وفق اللجنة.
وقالت رئيسية اللجنة الأممية نافي بيلاي إنّ “التصريحات والإجراءات المُبرئة للقادة الإسرائيليين، وعدم فعالية نظام القضاء العسكري في مقاضاة القضايا وإدانة الجناة، تُرسل رسالة واضحة إلى أفراد قوات الأمن الإسرائيلية مفادها أنهم يستطيعون الاستمرار في ارتكاب مثل هذه الأعمال دون خوف من المساءلة”.
وشدّدت اللجنة على أنّ “المساءلة من خلال المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية، من خلال قوانينها المحلية أو ممارسة الولاية القضائية العالمية، تعدّ أمرا أساسيا لضمان سيادة القانون وتحقيق العدالة للضحايا”.

 تدمير ممنهج

وحسب اللجنة الأممية، فإنّ “القوات الإسرائيلية دمّرت بشكل ممنهج مرافق الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية في جميع أنحاء غزة”.
وأردفت: “كما فرضت حصارا في الوقت نفسه، ومنعت المساعدات الإنسانية، بما في ذلك توفير الأدوية والمعدّات اللازمة لضمان سلامة الحمل والولادة ورعاية ما بعد الولادة ورعاية حديثي الولادة”.
وأكّدت أنّ “هذه الأفعال تنتهك الحقوق الإنجابية للنساء والفتيات واستقلاليتهن، بالإضافة إلى حقهن في الحياة والصحة وتكوين أسرة والكرامة الإنسانية والسلامة البدنية والعقلية (…) وحقهن في تقرير المصير ومبدإ عدم التمييز”.

منع الإنجاب

كما خلصت اللجنة الأممية أيضا إلى أنّ “السلطات الإسرائيلية دمّرت جزئيا القدرة الإنجابية للفلسطينيين في غزة كمجموعة، عبر التدمير المنهجي للرعاية الصحية الجنسية والإنجابية”.
وزادت بأن هذا “يرقى إلى فئتين من أفعال الإبادة الجماعية في نظام روما الأساسي واتفاقية الإبادة الجماعية، بما في ذلك فرض ظروف معيشية متعمدة تهدف إلى التدمير الجسدي للفلسطينيين وفرض تدابير تهدف إلى منع الإنجاب”.
وحسب بيلاي فإنّ “الأدلة التي جمعتها اللجنة تكشف عن زيادة مؤسفة في العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي”.
وأكّدت أنه “لا مفرّ من استنتاج أنّ إسرائيل استخدمت العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي ضد الفلسطينيين لإرهابهم وإدامة نظام قمع يقوض حقهم في تقرير المصير”.
وتابعت أنّ “استهداف مرافق الرعاية الصحية الإنجابية، بما في ذلك من خلال الهجمات المباشرة على أقسام الولادة وعيادة الإخصاب الرئيسية في غزة، إلى جانب استخدام التجويع أسلوبا من أساليب الحرب، أثّر في جميع جوانب الإنجاب”.
بيلاي أكّدت أنّ هذه “الانتهاكات لم تتسبّب في أضرار بدنية ونفسية ومعاناة فورية شديدة للنساء والأطفال فحسب، بل أيضا في آثار طويلة المدى لا رجعة فيها على الصحّة النفسيّة والإنجابيّة والخصوبة للفلسطينيّين كمجموعة”.
ووجدت اللجنة “تزايدا في نسبة وفيات الإناث في غزة، والتي وقعت على نطاق غير مسبوق نتيجة لإستراتيجية إسرائيلية قائمة على استهداف المباني السكنية عمدا واستخدام متفجرات ثقيلة في المناطق المكتظة بالسكان”.
كما وثّقت اللجنة “حالات استُهدفت فيها نساء وفتيات من جميع الأعمار، بمن فيهن مريضات ولادة، وهي أفعال تُشكّل جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب تتمثل في القتل العمد”.