قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأربعاء، إنّ “أوساطا (فرنسية) متطرّفة” تحاول تزييف ملف الذاكرة المرتبط باستعمار فرنسا للجزائر، وتعمل لدفعه إلى رفوف النسيان.
جاء ذلك في رسالة وجّهها إلى الشعب الجزائري بمناسبة “اليوم الوطني للهجرة”، في الذكرى الـ63 لمجازر 17 أكتوبر عام 1961.
وفي هذا التاريخ، قمعت الشرطة الفرنسية بالعاصمة الفرنسية بالقوة، بأمر من قائدها موريس بابون، مظاهرة سلمية لآلاف الجزائريين الذين خرجوا للتظاهر مطالبين بالاستقلال وتنديدا بحظر التجوال الذي فرض عليهم من الساعة الثامنة ليلا إلى الساعة الخامسة صباحا.
وأطلقت الشرطة الفرنسية النار على المتظاهرين في ميترو الأنفاق، وألقوا العشرات منهم أحياء في نهر السين، وتتضارب التقديرات بشأن عدد الضحايا، حيث يقدّرهم البعض بـ12 ألف قتيل، بينما يعتقد آخرون أنّ الرقم الحقيقي أكبر وما زال مجهولا.
وفي رسالته قال الرئيس الجزائري: “المشاهد المأساوية بمحطات ميترو الأنفاق، وجسور نهر السين بباريس، التي يحتفظ بها الأرشيف الموثق لحقد الاستعمار ودمويته وعنصريته بتلك اللحظات المجنونة، الخارجة عن أدنى حس حضاري وإنساني، تؤكّد عمق الرابطة الوطنية المقدّسة بين أبناء وطننا العزيز”.
واعتبر أنّ “الذكرى تستعيد فيها الأجيال اعتناق الجالية الجزائرية بفرنسا المد الثوري التحرري في جزائر عقدت العزم على الخلاص من هيمنة الاستعمار ومن أوهام المستوطنين”.
وجدّد الرئيس الجزائري تمسّك بلاده “بمبدإ الحق والإنصاف” في ما يتعلق بملف الذاكرة.
وأشار إلى أنّ أوساطا متطرفة (في فرنسا) “تحاول تزييف الملف أو إحالته على رفوف النسيان”.
وأضاف أنّ “مسألة الذاكرة تحتاج إلى نفس جديد للتخلّص من عقدة الماضي الاستعماري والتوجّه نحو مستقبل لا إصغاء فيه للحقد والكراهية”.
يذكر أنّ تبون اتفق مع نظيره الفرنسي إيمانوال ماكرون، في 27 أوت 2022، على هامش زيارة الأخير للجزائر، على تشكيل “اللجنة المشتركة الجزائرية-الفرنسية للتاريخ والذاكرة”، والتي عقدت أولى جلساتها في 19 أفريل 2023، لتقديم توصيات لمعالجة “جميع القضايا المتعلقة بالفترة الاستعمارية”.
وجاءت رسالة الرئيس الجزائري، في وقت تشهد العلاقات بين بلاده وفرنسا تدهورا كبيرا.
ويشكّل “ملف الذاكرة” المرتبط بالاستعمار الفرنسي للجزائر (1830-1962) تحدّيا كبيرا لعلاقات البلدين.
وقبل أسبوعين، أكّد الرئيس تبون أنّ اليمين المتطرّف في فرنسا يشنّ حملة كراهية مليئة بالكذب والمغالطات ضد الجزائر والجزائريين، وأعلن أنه لن يذهب إلى فرنسا في الزيارة التي كانت مقررة أواخر سبتمبر أو بداية أكتوبر.
واعتبر أنّ اليمين واليمين المتطرّف في فرنسا، يتّخذان من اتفاقية الهجرة لسنة 1968 راية لهم كجيش للمتطرّفين.
كما أفاد أنّ فرنسا ترفض مناقشة المسائل الجادة مع الجزائر، على غرار تنظيف النفايات النووية التي تخلّت عنها عقب التجارب التي أجرتها في الجزائر ما بين 1960 و1966.
ومنذ 30 جويلية الماضي، سحبت الجزائر سفيرها لدى باريس، بسبب تبنّي الحكومة الفرنسية موقفا يدعم الأطروحة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء.