رياضة

تابوه المنشّطات…المسكوت عنه في الرياضة التونسية

لطفي النايب


استهلاك المنشّطات أكبر عامل قد يهدّد التنافس الرياضي الشريف في الرياضة، هو حيلة الرياضي تتمثل في تناوله مادة محظورة للرفع من أدائه الجسماني بهدف تحقيق نتائج أفضل. منذ سنة 1999 بُعثت الوكالة الدولية لمكافحة المنشّطات لمقاومة هذه الظاهرة وتحت إشرافها تعمل وكالات وطنية في حوالي 35 دولة في العالم من بينها تونس.

المنشطات في تونس تتجاوز المعدّل العالمي

تتولى الوكالة الوطنية لمكافحة المنشّطات ANAD في تونس مراقبة الرياضيين منذ إحداثها سنة 2008، هي مؤسسة مستقلة تابعة لوزارة الشباب والرياضة ترفع سنويا حوالي 300 عينة من الرياضيين التونسيين في مختلف الاختصاصات وفي رياضات دون غيرها ورياضيين بعينهم.

يقول حليم الجبالي مدير عام الوكالة في حواره مع بوابة تونس إن هناك رياضات تركز عليها الوكالة على غرار الرياضات الدفاعية والسباحة وسباق الدرّاجات وكمال الأجسام استنادًا إلى الإحصائيات الدولية التي أثبتت أن هذه الرياضات هي الأكثر سقوطًا في اختبار المنشطات.

تعمل الوكالة وفق معايير محددة في اختيار الرياضيين على غرار التغيّر المفاجئ في الأداء أو تقديم نتائج ملفتة بعد التعافي من إصابة وقد يتعلق الأمر برياضي في آخر مسيرته لكنه على نحو لافت يحقق أداء  مذهلا وقد يكون الاختبار خارج فترة المنافسات.

تسجّل تونس ما بين 1% و1.1% من  الحالات الإيجابية في السنة، أي أن بين 3 و6 رياضيين يسقطون في اختبار الكشف عن تناول المنشطات.

وعلى الرغم من أن تونس لا تعتبر من الدول التي تنتشر فيها ظاهرة تناول المنشطات، إلا أن هذا الرقم يفوق المعدّل العالمي الذي لا يتجاوز 1%.

مخبر تونس للكشف عن المنشطات

قبل سنوات، كانت تونس ترفع عينات رياضييها وتحللها في مخبر وطني هو الثاني في إفريقيا والأول عربيًا، وتستقطب عينات من دول مجاورة في إطار التعاون، لكنها لم تحافظ عليه لعدم قدرتها على القيام بالعدد الأدنى من التحاليل سنويا (1500عينة) فسحبت الوكالة الدولية إجازة المخبر التونسي سنة 2013.

ورغم محاولات استعادة المخبر إلا أن عودة نشاطه مستبعدة في الوقت الحالي لعدم القدرة على تلبية الشروط الدولية وصعوبة استقطاب حرفاء أجانب للمخبر حتى يصبح مصدرًا لعائدات مالية.

وتعمل الوكالة التونسية على الترفيع في عدد الاختبارات السنوية من أجل كشف مزيد من العينات الإيجابية لردع المخالفين.

حالات نادرة لكن باهظة الكلفة

يثار موضوع المنشطات بشكل أكبر، بعد تسليط الاتحاد الإفريقي لكرة القدم عقوبة الإيقاف مدة سنة ضد مهاجم الترجي الرياضي طه ياسين الخنيسي لسقوطه في اختبار المنشطات خلال المباراة الأخيرة في ربع نهائي دوري أبطال إفريقيا أمام شباب بلوزداد الجزائري.

رغم الأرقام التي تسجّلها الوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات في تونس إلاّ أن الجمهور الرياضي والرأي العام لا يذكران الكثير من الحالات، إذ سقط نجما للكرة التونسية سابقًا اسكندر السويّح وزياد الجزيري في الاختبار، ثم لاعبا الترجي الرياضي حمزة الباغولي وسامي هلال. كما سقط أربع رياضيين من منتخب رفع الأثقال سنة 2009 في اختبارات تعاطي المنشّطات.

وآخر ضحايا المواد المحظورة البطل الأولمبي في التايكوندو الحاصل على برونزية أولمبياد ريو سنة 2016 أسامة الوسلاتي الذي عُوقب بالإيقاف عن النشاط أربع سنوات متواصلة.

تتراوح العقوبة الدولية عن تناول المواد المنشطة بين سنة وأربع سنوات بحسب نوع المادة المُستهلكة، فقد يخطئ الرياضي في التقدير بتناول دواء أو مكمّل غذائي دون استشارة طبيب فريقه أو منتخبه وفي هذه الحالة تكون العقوبة مخففة وقد يثبت الاختبار تعاطيه مادة منشطة عن قصد والعقوبة تكون تجميد نشاطه أربع سنوات وتجريده من لقبه، إذا كان قد استفاد من المنشط.

أما في تونس فتسلّط غرامة مالية ضد الفريق أو الجامعة التي ينتمي إليها الرياضي وقد تصل العقوبة إلى سنة سجنًا في حال تعلّق الأمر باستهلاك مواد مخدرة على غرار الكوكايين أو القنب الهندي.

الوكالة تحذر

توجّه الوكالة الوطنية لمكافحة المنشّطات توصياتها للرياضيين بشكل دوري لتوخي الحذر والابتعاد عن المنشطّات. لا لتناول مشروبات أو مأكولات مجهولة المصدر وعدم أخذ أدوية أو مكملات غذائية بصفة تلقائية، الرياضيون ممنوعون من تناول علبة شكلاطة مثلاً في شكل هدية أو الشرب من قنينة ماء أو عصير بالاشتراك مع آخرين.

لا يتسامح اختبار المنشّطات مع الخطأ غير المقصود والقوانين في هذا الشأن صارمة، إذا يتحمّل الرياضي فقط مسؤولية ما يحمله جسمه وقد تتسبب لحظة إهمال في توقف مسيرة الرياضي.

تتطلّب حياة الرياضيين درجة عالية من الوعي والمسؤولية والانضباط. وفي هذا السياق، تحدّث مدير عام الوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات عن حادثة شهدها بنفسه وقال: « قطفت حبّة ليمون من حديقة بيت والدي وقدمتها للبطلة الأولمبية حبيبة الغريبي كهدية ظريفة فكان ردها، نعم سأقبل الهدية لكنني لن آكلها ».

تضم قائمة المحظورات عشرات المواد المصنفة ممنوعة عن الرياضيين. وقد يتفاجأ البعض إذا ما قلنا إن المخدرات على غرار الكوكايين والهيروين والقنب الهندي(الزطلة) هي في قائمة المواد المحظورة.

 نجوم العالم في الفخ

على مدى سنوات أطاحت اختبارات مراقبة المنشّطات بعديد الأبطال في العالم وجرّدتهم من ميدالياتهم وشوّهت مسيرتهم. وتأتي نجمة التنس العالمية الروسية ماريا شارابوفا في صدارة هؤلاء حيث دفعت الثمن غاليًا سنة 2016 بإيقافها عن النشاط سنتين وهي في أوج عطائها.

كما لوّث أسطورة سباقات الدراجات لانس أرمسترونغ تاريخه بتناول مواد محظورة وجُمّد نشاطه مدى الحياة وحُرم من سبعة ألقاب.

بدوره العدّاء الأمريكي جاستن غاتلن خالف القوانين سنة 2006 وتعرّض للعقوبة ولانتقادات واسعة.

الأسماء كثيرة في عالم كرة القدم أيضًا بداية بمارادونا في مونديال 1994 وثبوت تناوله مادة الكوكايين، ثم بيب غوارديولا عندما كان لاعبا في الدوري الإيطالي وثلاثي المنتخب الهولندي دافيتس وياب شتام وفرانك ديبور عام 2001 ومن بعدهم نجم مانشستر يونايتد ريو فيرديناند والقائمة طويلة.

عربيا سقط النجم السابق للمنتخب السعودي محمد نور في اختبار الكشف عن المنشطات فأوقف أربع سنوات كانت سببا في خروجه من الباب الصغير.

أما تجربة الجزائري يوسف البلايلي، لاعب الترجي الأسبق،  فكانت تراجيدية حيث سقط في اختبار المنشطات عام 2015 وعوقب بأربع سنوات خففت إلى سنتين، قبل أن يعود ويقدّم مستويات باهرة مع الترجي التونسي بالتتويج بلقبي رابطة أبطال في 2018 و2019 ثم التتويج مع المنتخب الجزائري بكأس إفريقيا عام 2019.

وتعتبر روسيا من الدول سيئة السمعة من حيث تناول المنشّطات، حيث سقط أبطالها في الكثير من المناسبات وتعرضت لفضيحة قبل عام بعد أن ثبت تواطؤ الدولة والمسؤولين عن مراقبة المنشطات مع رياضيين مخالفين باعتماد أساليب تظليل متطوّرة لمغالطة المراقبين انجر عن ذلك معاقبة الرياضيين الروس بعدم المشاركة في أولمبياد طوكيو التي تقام بعد أشهر.

لعل أشهر وقائع تناول المنشطات ما حدث  في أولمبياد لندن سنة 2012 حين فازت العدّاءة الروسية يوليا زاريبوفا بذهبية سباق 3000 متر موانع بعد تناولها المنشّطات متقدمة على التونسية حبيبة الغريبي  لكن التحقيقات أنصفت العداءة التونسية بمنحها الميدالية الذهبية ومعاقبة منافستها الروسية.