لايف ستايل

بين فلسطين وروسيا…فيسبوك و”مكيال الإنسانية” المختل

في إجراء غير مسبوق أعلنت شبكة “ميتا” الأمريكية التي تمتلك شبكتي التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”إنستغرام”، عن قرار بتخفيف القيود الصارمة المتعلقة بالمنشورات التي تستهدف الغزو الروسي لأوكرانيا.

وبموجب هذه السياسة، باتت مختلف أشكال المنشورات المعادية لروسيا وجيشها وقياداتها السياسية من صور وتعليقات وغيرها مسموحا بها، وغير معرضة للمنع أو الحذف، على عكس الرقابة الصارمة التي تتعرض لها ملايين الحسابات الأخرى كلما تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية.

التضامن “الأعرج” مع أوكرانيا  

 منشورات من قبيل “الموت للغزو الروسي” أو “ليذهب بوتين إلى الجحيم”، وغيرها من العبارات التي تصنف ضمن أبسط المعايير التواصلية والافتراضية كتعبيرات معيبة أخلاقيا، باتت من منظور فيسبوك ومارك زوكربيرغ متاحة ومباحة، للتعبير عن التضامن مع الشعب الأوكراني في مواجهة الحرب التي تشن على بلاده.

 إدارة الشبكة الزرقاء العالمية حاولت تبرير “سوأتها” القيمية والمعيارية التي تكشف عن تحيز سياسي مفضوح، وانجراف وراء الأجندات الأمريكية والغربية، بالقول إنها لن تسمح “بأي دعوات ذات مصداقية للعنف ضد المدنيين الروس”، وهو تبرير اعتبره مراقبون وناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي نوعا من “الاستغباء والضحك على الذقون”، إلا إذا أصبح المشرفون على الشبكة “مطلعين على النوايا”، ويجيدون التفريق بين المنشورات المجازية والمنشورات ذات الصبغة الحقيقية كما كتب أحد المعلقين على الأمر.

تبخرت معايير فيسبوك الصارمة المتعلقة بمناهضة الكراهية والعنصرية وخطابات العنف عندما تعلق الأمر بالحرب على أوكرانيا، بعدما أن كانت سيفا مسلطا لمصادرة كل المواقف المدافعة عن فلسطين، وإسكات الأصوات المنتقدة للانتهاكات الصهيونية وجرائم الاحتلال، حتى بات تدوين كلمات فلسطين والمقاومة وحركة حماس أو نشر صورة الراية الفلسطينية، مغامرة لا تحمد عقباها وتجر على صاحبها عقوبات تصل إلى إغلاق الحساب بشكل نهائي.

الوجه القبيح فيسبوك 

“أسقط فيسبوك القناع عن الوجه الحقيقي لسياسته القبيحة و المنحازة”، يعلق الكاتب والصحفي معز الباي في حديث لبوابة تونس على قرار شبكة التواصل الاجتماعي العالمية، “فإذا ما كنت الحرب الروسية على أوكرانيا قد عرت أسوء مظاهر العنصرية المقنعة، والكراهية والمعايير الحقوقية العرجاء لدى الغرب الذي يتباكى على الانتهاكات الروسية، ويغمض في الآن ذاته عينه على جرائم الكيان الإسرائيلي، فمن الطبيعي أن يكون فيسبوك نسخة مصغرة من سياسة المكيالين التي يعتمدها الغرب”.

ويصف محدثنا شبكة فيسبوك بكونها تجسيدا لسياسات العولمة الغربية على الصعيد التكنولوجي والافتراضي، وهو ما يفسر الخرق الفاضح للضوابط التي وظفتها في السابق لملاحقة المحتوى المتضامن مع القضية الفلسطينية وإدانة الاحتلال، بما يكشف انخرام موازيين الإنسانية والحياد التي طالما تشدق بها مارك زوكربيرغ “المعروف بميوله الداعمة لإسرائيل”، حسب قوله.

قبل ما يقرب عن السنة وفي خضم العدوان الصهيوني على غزة، والانتهاكات الصهيونية في حق المقدسيين وسكان حي الشيخ جراح، شنت شركة “ميتا” حملة شرسة على آلاف الحسابات العربية، وحتى الأوروبية المتضامنة مع فلسطين على “فيسبوك” و”إنستغرام” لحضرها وترشيح محتوياتها، تحت ادعاءات الحياد وعدم التسييس ومكافحة دعوات العنف والإرهاب، في مقابل تجاهل متعمد للتحريض والهجمات التي تسوق لها الحسابات الداعمة للاحتلال.

مكيال فيسبوك الذي يتباكى على الإنسانية في أوكرانيا ويغض ضميره عن إبادة مستمرة للشعب الفلسطيني، بلغ حدا من الاختلال والتمييز والصفاقة، إلى درجة حذف منشورات لعارضة الأزياء الأميركية الفلسطينية “جيجي حديد” لمجرد نشرها صورة زي تقليدي تحت وسم فلسطين.

 مكيال أخلاقي مختل ومعايير عرجاء تطبق على المقاس وحسب المصالح، وتختزلها تدوينة الناشط أحمد الهيلاني الذي كتب معلقا “يعني صار مسموحا أن نقول مقاومة ضد روسيا، لكن ممنوع تجيب سيرتها ضد إسرائيل؟ ازدواجية المعايير هي دليل على أن مواقع التواصل ما هي الا الأداة الأهم لتنفيذ سياسات الغرب”.