من المنتظر أن تلتقي رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته، اليوم الأحد 16 جويلية برئيس الجمهورية قيس سعيّد، في تونس، بهدف مناقشة ملف شراكة تتعلّق على وجه الخصوص بالهجرة.
ووفق ما كشف نائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنطونيو تاياني يوم الجمعة 14 جويلية، فإنّ اللقاء سيشهد توقيع اتّفاق بين المفوضية الأوروبية وتونس لـ”دعم المجتمع”.
ويعود المسؤولون الأوروبيّون إلى تونس لاستكمال المحادثات التي انطلقت خلال زيارتهم في 11 جوان الماضي، والتي أعلنت خلالها فون دير لاين عن استعداد الاتّحاد الأوروبي تخصيص مساعدات كلية طويلة الأمد بقيمة 900 مليون، فضلا عن تقديم 150 مليون يورو مباشرة لدعم الخزينة العامّة في إطار مقترح “اتفاق شراكة شاملة” بين الاتّحاد الأوروبي وتونس، الذي ما يزال في طور النقاش.
وكان من المتوقّع أن يتم توقيع اتفاق نهائي في الغرض في أواخر شهر جوان المنقضي إلاّ أنّه تمّ الإعلان في وقت لاحق عن تأجيل ذلك إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى.
من جهته أكد نائب رئيس المفوضية الأوروبية مارغريتيس شيناس أمس السبت 15 جويلية أنّ الاتحاد انتهى من إعداد اتفاقية شاملة مع تونس كاشفا أنه سيتم توقيعها اليوم الأحد على أعلى مستوى سياسي.
وقال شيناس إنّ الاتفاقية المُزمع توقيعها “ستُتيح لأوّل مرة للشباب التونسي فرصة بناء حياة أفضل في بلادهم بدلاً من وضعها في أيدي المهربين” وفق ما نقلت عنه وكالة “آكي”.وأضاف السياسي اليوناني “نعم، إنها كذلك حقا، لحظة عظيمة”.
وكان وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني قد أعلن في وقت سابق عن تنظيم اجتماع مع الزعماء الأفارقة يوم 23 جويلية الجاري، لمواجهة تجّار البشر.
وقال تاياني: “في 23 جويلية، تنظّم الحكومة الإيطالية اجتماعا مع رؤساء دول وحكومات من إفريقيا وخارجها لدراسة استراتيجية مشتركة لهزيمة مهرّبي البشر.. يجب أن نعمل بجد لهزيمة تجار البشر مع إجراءات قوية لنمو القارة الإفريقية”، مشدّدا على الحاجة إلى صياغة “رؤية إستراتيجية تشمل إيطاليا على أنّها فاعل رئيسي”.
الاتفاقية المُنتظر الكشف عن تفاصيلها اليوم، أثارات جدلا واسعا من مختلف الأطراف حيث أكد رئيس الجمهورية قيس سعيّد في أكثر من مناسبة رفضه أن تلعب تونس دور شرطّي حدود للدول الأوروبية على جانب معارضته توطين المهاجرين غير النظاميين ببلادنا إضافة إلى حديثه عن وجود شبكات متاجرة بالبشر تتخفّى وراء ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وكان رئيس الجمهورية قد قال في اجتماع بمجلس الأمن القومي يوم الجمعة 14 جويلية، إنّ أموالا طائلة وصلت إلى تونس من الخارج عن طريق شبكات الاتّجار بالبشر، ما يؤكّد أنّ تلك الشبكات تستهدف الوطن.
وأشار سعيد إلى أنّ تحويلات مالية كبيرة وصلت إلى تونس، مضيفا أنّ أرقامها صادمة للكثيرين، و”تمثّل دليلا على أنّ المتاجرين بالبشر وبأعضائهم يستهدفون أيضا الوطن”، وما يقومون به من أخطر أنشطة الشبكات الإجرامية.
ووصف رئيس الدولة الظاهرة بكونها “هجرة غير إنسانية، وهي في الواقع عملية تهجير وليست بالهجرة المعروفة تتولاّها شبكات إجرامية تتاجر بالبشر وأعضائهم وتستهدف وجود الأوطان”.
وكان مجلس الأمن القومي قد كشف عن جملة من المعطيات، تفيد بأن التحويلات المالية في مكتبيْ بريد فقط بلغت على التوالي 18 مليون دينار و13 مليون دينار 80% منها موجّهة للأفارقة جنوب الصحراء.
وبلغت قيمة المبالغ التي انتفع بها الأفارقة جنوب الصحراء في مدينة صفاقس وفق المعطيات ذاتها خلال 6 أشهر 23 مليون دينار، فضلا عن سحب 3 مليون دينار خلال ستة أشهر من قبل الأفارقة من جنوب الصحراء ثلثها من البريد.
من جهة ثانية انتقدت جمعيات حقوقية ومنظمات وطنية وأحزاب سياسية موقف قيس سعيّد من ظاهرة الهجرة غير النظامية والاتفاقية المُزمع عقدها مع الاتحاد الأوروبي والتي يرون فيها إساءة كبيرة لصورة تونس واعتبروا أنها ورقة جديدة يحاول من خلالها رئيس الجمهورية التغطية على فشله في إدارة شؤون البلاد.
وطالب مشاركون في المسيرة التي نُظّمت، يوم الجمعة 14 جويلية، احتجاجا على تعامل السلطات مع وضعية المهاجرين انطلاقا من مقرّ نقابة الصحفيين التونسيين في اتّجاه المسرح البلدي وسط العاصمة، بالإيقاف الفوري لكلّ الانتهاكات ضدّ المهاجرين ومحاسبة من قالت إنّهم “أجرموا في حقّهم، وعلى رأسهم رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد”.
كما طالت شعارات المحتجّين دول الاتّحاد الأوروبي التي يعتبرونها سببا في نهب القارّة الإفريقيّة وتجويع شعوبها بما فيها الشعب التونسي، ودفعها إلى ركوب قوارب الموت هربا من الفقر وبحثا عن فرص جديدة.
وندّد المحتجّون بتواطئ نظام قيس سعيّد مع المخطّط الأوروبي وقبوله لعب “دور شرطي للحدود الأوروبيّة”، داعين إلى فسح المجال لكلّ من يريد ركوب البحر من أفارقة أو تونسيّين والتوقّف عن اعتراض قواربهم في عرض البحر.
يُذكر أنّ منظّمات ومجموعات مُناهضة للعنصرية والاستغلال ندّدت في بيان لها بما سمّته “تواصل خطاب قيس سعيّد المؤامراتي.. المحرّض على المهاجرين والمخوّن والمجرّم لكلّ من يساندهم”، مؤكّدة زيف المقاربة الرسمية لملفّ الهجرة ورواية المؤامرة والتوطين، واعتبرتها “محاولة جديدة لمغالطة عموم التونسيين والتغطية على الإخفاق السياسي والاقتصادي والاجتماعي لنظام قيس سعيّد”