نشأت “بيسي بلونت” وسط عائلة أمريكيّة من أصول إفريقيّة.
وبدأت تعليمها في مدرسة مكوّنة من فصل واحد، حتى تدرّجت في سلّم المعرفة والتعلّم وذاع صيتها.
ومكّنتها شخصيّتها المتفرّدة والعنيدة وتحلّيها بروح الابتكار، من تقمّص دور ريادي في كلّ المجالات، إذ ساهمت بلونت في تمكين مبتوري الأطراف ما بعد الحرب العالمية الثانية، من التعامل مع إعاقاتهم، دون الحاجة إلى مساعدة أحد.
ومثّل عملها في وزارة المحاربين القدامى الأمريكيّة، نقلة نوعيّة في حياتها، الشيء الذي دفعها إلى اختراع آلات تساعدهم في إنجاز مهامّهم، إضافة إلى تعليمهم مهارات الكتابة بأطرافهم المتبقّية.
وكانت بلونت أوّل امرأة سمراء تظهر على شاشة أشهر البرامج التلفزيونية الأمريكية، خلال خمسينات القرن الماضي، وكان يحمل اسم “ذي بيغ أيديا”.
طفولة قاسية
عانت بلونت أثناء فترة دراستها من صراعات مع معلّمتها بسبب كتابتها بيدها اليسرى، الأمر الذي كان مكروها حينها.
تعرّضت للتوبيخ من مدرّستها، فدفعها ذلك إلى تعلّم الكتابة بكلتا يديها، إضافة إلى أصابع قدميها وفمها.
في تلك الفترة لم تكن هناك مدارس للتعليم خاصّة بالطلبة ذوي البشرة السوداء في منطقتها، فقرّرت وضع خطّة تعليمية خاصّة، وسعت جاهدةً أن تكون اختصاصيّة علاج طبيعي فيزيائي.
نقلة نوعيّة
تمّ قبولها في إحدى كليات علوم التربية البدنيّة، في الولايات المتحدة الأمريكية.
نجحت وتميّزت بلونت، وبدأت في عملها اختصاصيّة علاج طبيعي في مستشفى بروكس بمدينة نيويورك الأمريكية، فيما واصلت تعليم الجنود والضبّاط مبتوري الأطراف العائدين من الحرب العالمية الثانية، كيفية إنجاز مهامّهم اليوميّة، بعد أن فقدوا أيديهم أو أقدامهم في الحرب.
ومن خلال معرفتها بالطرق البديلة للكتابة، وقدرتها على ذلك بمختلف أطرافها، بدأت بيسي بتعليم الجنود إمكانيّة الكتابة باستخدام القدم والفم، وكانت تحفّزهم بقولها: “أنت لست مشلولا.. الشلل هو شلل العقل فقط”.
كما ساعدها هذا العمل على ابتكار أولى اختراعاتها، إذ ابتكرت جهاز تغذية إلكتروني يسمح بإيصال قضمات الطعام إلى فم المريض دون الحاجة إلى أحد.
مسار مهني متفرّد
آمنت بلونت بأنّ الكتابة اليدوية “فريدة من نوعها”، تماماً مثل بصمات الأصابع أو بصمات القدم.
ونحتت اسمها شيئا فشيئا، وأصبحت بلونت أوّل امرأة سمراء البشرة داخل الجمعيّة الأمريكية لمحلّلي خطوط اليد، التابعة للشرطة، في كل من نيوجيرسي وفيرجينيا.
بدأت بيسي مسارا مهنيّا مختلفا داخل مجال الطبّ الشرعي، إذ تخصّصت في علم الخط، وهو علم يمكّن من تحليل الخطّ لتحديد سلوك الفرد، بالإضافة إلى معرفة سماته الشخصيّة، وهو ما يُستخدم حاليّا في الطبّ النفسي.
عملت بلونت خلالها خبيرة في الكتابة اليدوية لدى شرطة لندن، وفي فترة انتقلت لتدريس خطوط اليد في عاصمة المملكة المتحدة، وتخصّصت في كشف الوثائق المزوّرة، فيما استمرّت بالتوازي بالعمل في الطب الشرعي إلى حدود الثمانينات من القرن الماضي.