أغنية صمدت أكثر من 60 سنة وظلت محفورة في ذاكرة أجيال من التونسيين

“بوركت يا رمضان بالصفو والخير.. يا مثقل الأغصان بالنور والزهر.. سبحان من أجراك نهرا من الأيام.. ملء الوجود سلام قبس من الإسلام”.. مطلع أغنية “رمضانية” خالدة تعود بمحبي الإذاعة إلى أيام الزمن الجميل.

وتعرّف التونسيون لأول مرة على كلمات هذه الأنغام من خلال البرنامج اليومي التونسي الإذاعي “تحية الغروب” ومن ثمة برنامج “رمضان ملء قلوبنا” لكروان الإذاعة وصاحب الصوت المتفرد عادل يوسف على مدى 35 عاما.

وفي تلك الفترة رافقت أحباءَ أثير الإذاعة، هذه الأغنية الخالدة عبر فسحة من الفقرات سويعات قبل إعداد مائدة الإفطار والتفاف جميع أفراد العائلة حولها.

وكان الموسيقار اللبناني حليم الرومي (1919-1983) -والد الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي- لحّن في ستينات القرن الماضي ابتهال “بوركت يا رمضان” والذي اعتمدته لاحقا عدّة إذاعات عربية نغما يصاحب برامجها الرمضانية وبينها الإذاعة التونسية.

ومن المفارقات الطريفة أن واضع “نوتات” الأغنية وألحانها مسيحي الديانة وهو ما يؤكّد مجددا أن الفن والثقافة لا يفرّقهما اختلاف الأديان وأنه لا حواجز ولا قيود تحول أمام الإبداع.

رحلة إلى الزمن الجميل

ومجرد سماع الأغنية يأخذك في رحلة عبر ساعة الرمل إلى أيام الزمن الجميل فتستحضر مشهد “العم عمر” “ذي الشنبات البيضاء” وهو يعدّل موجات جهاز راديو قديم خشبي الصنع يعود إلى حقبة الأربعينات اعتلى أحد الرفوف، واضعا زهرة على طرف أذنه في إشارة منه إلى تعديل المزاج و”الروقان”.

يوقد نار “البابور” (غاز تقليدي صغير) ويحضر “3 ركوات” (جزوات) مصنوعة من النحاس، فيملأ كل واحد فيها بمياه ساخنة وبنّ وسكر ومن ثمة يعد القهوة العربية التي تنبعث رائحتها شهيّة من أحد مقاهي المدينة العتيقة وينتظرها الصائمون ساعات لتعدّل سهراتهم الرمضانية.

ورغم مرور أكثر من 60 عاما على صدورها إلا أن أغنية “بوركت يا رمضان” بقيت منقوشة في ذاكرة أجيال من التونسيين إلى اليوم سيما مع إعادة تجسيد ومضتها الشهيرة وبثها مجددا من قبل التلفزيون التونسي.