تونس سياسة

بلومبيرغ: ديمقراطية تونس تنهار.. لا يمكن لبايدن الوقوف جانباً


في مقال رأي نُشر على موقع وكالة بلومبيرغ، مساء الخميس 28 جويلية/يوليو، تحت عنوان: ” الديمقراطية التونسية تنهار.. لا يجب على بايدن الوقوف جانبا”، قال المحلل السياسي بوبي غوش، إنّ واشنطن لم تتعاط بشكل جدي مع التطورات الأخيرة في هذا البلد، حيث اقتصر موقفها على بيان نقلت فيه الخارجية الأمريكية ملاحظات بايدن المتواضعة.

وأكّد غوش أنّه في غمرة الأحداث المتسارعة في تونس، عقب استئثار قيس سعيد بصلاحيات واسعة أثمرت دستوراً لم يحقق الإجماع بين التشكيلات السياسية، وجب على الولايات المتحدة أن “تتحرك”.

وأضاف غوش، أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك الإمكانات اللازمة لممارسة نفوذها الاقتصادي للضغط على سعيد من أجل الإصلاحات الديمقراطية، واصفاً الاستفتاء في الدستور بالآلية التي ستسمح للرئيس التونسي بإضفاء الطابع الشرعي على حكم الرجل الواحد.

موقف أمريكي ضعيف

وفي المقال، أوضح المحلل السياسي أنّ الموقف الأمريكي الذي نقله وزير الخارجية نيد برايس، ضعيف جداً بالمقارنة مع الحدث، مشيرا إلى أنّه اقتصر على نقل ملاحظات مراقبي الاستفتاء والمنظمات المدنية التي أشارت إلى ضعف الإقبال وغياب الشفافية والنزاهة في العملية الانتخابية، إضافة إلى مخاوف التونسيين العميقة من الدستور الجديد.

وأشار بوبي إلى أنّ واشنطن لم تنتقد قيس سعيد ومحاولاته لإفشال التجربة الديمقراطية في تونس مهد الربيع في العالم العربي، ولم تدعه صراحة إلى الرجوع إلى النظام السياسي الذي كان قائماً قبل قيامه بالتدابير الاستثنائية، مؤكداً أنّ إدارة بايدن فشلت مرة أخرى في إثبات مكانتها كمدافع عن الديمقراطية.

كما انتقد غوش عدم اتخاذ الإدارة الأميركية إجراءات صارمة تجاه إجراءات الرئيس التونسي الذي كان محل الكثير من الانتقادات، من بينها: السيطرة على مفوضية الانتخابات قبيل التصويت، وتكميم أفواه الإعلام، والتلاعب بالقضاء، وسجن المعارضين السياسيين.

خطوة سعيد القادمة

وأشار المحلل الأمريكي إلى أنّ الغالبية العظمى من التونسيين اختارت عدم التصويت على مشروع الدستور الجديد، لتقويض محاولة سعيد إضفاء الشرعية على انتزاعه السلطة، متوقعا أن تزداد المعارضة حدة في الأيام القليلة، حيث ستبذل قصارى جهدها للتشكيك في قانونية الدستور وفي حق الرئيس في الحكم.

في مقابل ذلك، أكّد بوبي في معرض مقاله التحليلي، أنّ سعيد سيبحث عن مصادر بديلة للشرعية، من خلال الدفع بمناصريه في مسيرات شعبية لدعم الحكومة والدستور الجديد، مشيرا إلى إمكانية صدور “تعبيرات الولاء من القوات المسلحة”.

وتاليا، سيحاول قيس سعيد، إضفاء صبغة الشرعية على خطواته الأخيرة بتكثيف لقاءاته في الداخل والخارج، والاستفادة قدر الإمكان من استعداد القادة الأجانب وبالتحديد الدول الديمقراطية للتعامل معه، ما يعني تراجع صوت المدافعين عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والمنددين بزيف الاستفتاء.

وفي سياق ذي صلة، يرى غوش أن سعيد سيعوّل كثيراً على ضعف الموقف الأمريكي بقيادة بايدن، وسيأمل في أن يكون تعاملها كتعامل إدارة الرئيس باراك أوباما مع انقلاب عبد الفتاح السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي في مصر، حين قبلت بالدستور الجديد كأمر واقع.

ضغط أمريكي

في مقال الرأي الذي نشرته بلومبيرغ، دعا غوش واشنطن إلى مطالبة سعيد باحترام استقلال القضاء وحرية الصحافة، والعمل مع أحزاب المعارضة من أجل ترتيب تقاسم السلطة وإجراء انتخابات جديدة، مضيفا أنّه في حال عدم تجاوب قيس سعيد مع هذه الدعوات، فيجب على الولايات المتحدة “وقف جميع المساعدات لتونس وتشجيع شركائها الأوروبيين على أن يحذو حذوها”.

وتابع المحلل السياسي: ” بغض النظر عن الخطاب الرئاسي، ينبغي أن يكون الموقف الرسمي للولايات المتحدة هو أن الاستفتاء كان معيباً للغاية بحيث لا يمكن أن تكون النتائج شرعية، وأي تحرك من جانب سعيد لممارسة الصلاحيات الموكلة إلى الرئاسة في الدستور الجديد يجب أن يقابل بإدانة شديدة، وبتسليط عقوبات اقتصادية”.

وفي مقاله، ذهب بوبي غوش إلى أنّ إدارة بايدن وجب عليها أن تكون مستعدة أيضا لممارسة حق النقض الأميركي على أي مساعدة من صندوق النقد الدولي لتونس، مضيفا أنّ هذا “سـيؤلم” قيس سعيد، خاصة أنّه بحاجة ماسة إلى التمويل الأجنبي ومساعدة صندوق النقد الدولي للبدء في إصلاح الاقتصاد المنهار.

وأشار كاتب المقال إلى أنّ فشل سعيد في الوفاء بوعوده بسبب عجزه على تحصيل التمويل الكافي لميزانية الدولة، سيقلص من الدعم المحدود الذي يتمتع به، وسيدفع مقابل ذلك مطالب استعادة الشرعية.

وفي المقال، قال بوبي إنّ الرئيس الأمريكي لا يتردد في استخدام اللغة القوية في مثل هذه المواقف، مذكّراً بإدانة بايدن في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2021، لدانييل أورتيغا (نيكاراغوا)، بسبب انتخابات “التمثيل الإيمائي”، داعياً إلى أن يحصل سعيد على معاملة مماثلة.