أعلنت السلطات الجمركية في الولايات المتحدة، أخيرا، عن قائمة محدثة تستثني الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، بما في ذلك الهواتف الذكية، من الرسوم الجمركية المتبادلة.
وذلك في خطوة جديدة ضمن التقلبات المستمرة في السياسة التجارية الأمريكية.
وتأتي هذه الخطوة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الإبقاء على ضريبة جمركية موحدة بنسبة 10% على معظم الواردات، مع فرض رسوم مشدّدة تصل إلى 145% على المنتجات القادمة من الصين تحديدا.
خبر سار.. ولكن
وبموجب القرار الجديد، فإنّ منتجات الهواتف المحمولة، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، وبطاقات الذاكرة، والشاشات المسطحة ستُعفى من هذه الرسوم الإضافية.
وتشمل هذه الإعفاءات أيضا، حسب ما أفادت وكالة بلومبيرغ للأنباء، بعض المعدات المستخدمة في تصنيع أشباه الموصلات.
ورغم هذه الإعفاءات، تشير مصادر مطلعة إلى أنّ هذه الفئات من المنتجات قد تخضع لاحقا لرسوم خاصة إذا تغيّرت السياسات الجمركية.
وبالنسبة إلى المستهلكين الأمريكيين، يُعتبر هذا القرار خبرا سارا، حيث يجنبهم ارتفاعا وشيكا في أسعار السلع الإلكترونية الضرورية.
أما بالنسبة إلى الشركات العملاقة على غرار “آبل” و”سامسونغ”، فقد وفّر القرار هامش راحة مؤقت، وفق موقع تونس الرقمية.
ويقول خبراء إنّ غالبية منتجات الشركتين، وعلى رأسها أجهزة “آي فون”، يتمّ تجميعها في الصين قبل استيرادها إلى الولايات المتحدة.
ولو تمّ تطبيق الرسوم الجمركية المشددّة، لكانت التكاليف ارتفعت بشكل حاد.
الأمر الذي سيؤثر سلبا في الأرباح أو يؤدّي إلى رفع الأسعار النهائية للمستهلك.
وقد عانت شركة “آبل” بالفعل خلال الفترة الماضية، حيث تراجعت قيمة سهمها بنسبة قاربت 30% في الأسبوع الذي سبق إعلان القرار.
وذلك بفعل مخاوف المستثمرين من التداعيات المحتملة للسياسات الجمركية الأمريكية.
ودفعت هذه المخاوف الشركة إلى تسريع شحنات “آي فون” من الهند إلى السوق الأمريكية لتجنّب التأثيرات السلبية.
ويبدو أنّ هذا القرار من السلطات الجمركية الأمريكية يهدف إلى تحقيق توازن دقيق بين حماية المستهلك الأمريكي ومواصلة الضغط الاستراتيجي على الصين.
كما يعكس حدود سياسة الحرب التجارية القائمة، حيث تحظى بعض المنتجات الحيوية بحماية خاصة لضمان استقرار الاقتصاد الرقمي الأمريكي.
ومع ذلك، تبقى التساؤلات قائمة حول مدى استدامة هذه الإعفاءات، في ظل السياسة التجارية المتقلبة لإدارة ترامب، والتي تتّسم بكثرة التعديلات والتصريحات المتضاربة.
وتشير التوقعات إلى احتمال إدخال تعديلات جديدة أو توسيع قائمات الرسوم في الأشهر المقبلة، وفقا لتطور المفاوضات مع بكين.
20 منتجا في ارتفاع
وكان أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء 9 أفريل، عن إجراءات تجارية جديدة من شأنها أن تؤدّي إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار مجموعة واسعة من المنتجات داخل السوق الأمريكية.
وبينما قرّر ترامب تعليق العمل مؤقتا بالرسوم “المتبادلة” لمدة 90 يوما، فقد أبقى على رسم موحد بنسبة 10% على جميع الواردات، مع فرض رسوم إضافية ضخمة تصل إلى 145% على السلع المستوردة من الصين.
وهذه السياسة الجمركية، التي تعرّضت لانتقادات واسعة من خبراء الاقتصاد، تهدّد بإشعال موجة تضخّم واسعة تمسّ السلع الاستهلاكية اليومية إلى جانب المنتجات التقنية والسيارات.
ووفقا لتقديرات “بادجت لاب (مختبر الميزانية) في جامعة ييل، فإنّ هذه التدابير الجديدة ستنعكس بشكل مباشر على جيوب الأسر الأمريكية.
وتشكّل الواردات القادمة من الصين جزءًا كبيرًا من مشتريات المستهلكين الأمريكيين، ممّا ينذر بزيادات ملموسة في أسعار بنسبة 32.7%، والمنسوجات بـ+18%، والسيارات الجديدة بـ+15.8%، أي ما يعادل نحو 7.600 دولار إضافي على السيارة الواحدة.
فيما فرض ترامب ضرائب على الإلكترونيات بنسبة 87% من أجهزة ألعاب الفيديو، و78% من أجهزة الحواسيب المحمولة، و73% من الهواتف الذكية مصدرها الصين.
ووفقا لتقارير نيويورك تايمز، من المتوقّع أن يرتفع سعر النسخة الفاخرة من هاتف “آي فون” المقبل بمقدار 350 دولارا، ممّا سيدفع المستهلكين إلى التسابق للشراء قبل تطبيق الزيادات.
وذلك قبل أن يتراجع ترامب، أخيرا، عن فرض رسوم جمركية على الهواتف الذكية والإلكترونيات.
ولا تقتصر تداعيات هذه الضرائب الجديدة على السلع التقنية فقط، بل تمتدّ لتشمل المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية الأساسية، منها فرض ضريبة بـ+6.2% على المنتجات الطازجة، و+19.7% على الأرز المُصنّع، بسبب الضرائب على واردات تايلاند والهند.
أما القهوة، فرغم فرض ضريبة بـ10% فقط، إلّا أنّ الجفاف في البرازيل وكولومبيا يرفع الأسعار بشكل إضافي.
ومن المتوقع أن يتكبّد قطاع السيارات خسائر فادحة، مع فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السيارات المستوردة، وفق رويترز.
بدورها قطع غيار السيارات لم تسلم، حيث إنّ 63% من الإطارات المستوردة تأتي من تايلاند (37%) وكوريا الجنوبية (25%)، التي أصبحت الآن مشمولة بهذه الرسوم الجديدة.
وأعلنت شركات كبرى على غرار “وولمارت” و”بست باي” أنها ستضطرّ إلى تحميل هذه التكاليف على المستهلكين. وقالت الخبيرة الاقتصادية كاثرين روس من جامعة كاليفورنيا: “الشركات ستجد نفسها مجبرة على الاختيار بين خفض هوامش أرباحها أو تمرير الزيادات إلى عملائها”.
ويحذّر المحلّلون من تأثير “الدومينو” على المنتجات القادمة من فيتنام وبنغلاديش أيضا، التي أصبحت تواجه رسوما تصل إلى 46%، ممّا سيؤثّر في أسعار الأحذية الرياضية والملابس والمنتجات الجلدية.
ولم تتأخّر الصين في الرد، إذ أعلنت عن رسوم انتقامية تصل إلى 125% على المنتجات الأمريكية.
وقد تجاوز التصعيد الجمركي حدود العلاقات الثنائية، مهدّدا الاقتصاد العالمي بالانزلاق نحو الركود، حسب العديد من الخبراء، وفق وكالة فرانس برس.
وتبدو حرب الرسوم التي أطلقها ترامب مرشّحة لأن تكون من أبرز عوامل ارتفاع تكاليف المعيشة في الولايات المتحدة.
الأمر الذي سيزيد في الضغط على القوة الشرائية للأسر الأمريكية، ويُضاعف الضبابية التي تحيط بمستقبل الاقتصاد الأمريكي.
وكالات