فوجئ الجمهور الرياضي التونسي في الأسابيع الماضية بتراجع نتائج السباح الأولمبي والعالمي أحمد أيوب الحفناوي في بطولة العالم للألعاب المائية التي أقيمت بالدوحة.
الحفناوي حامل ذهبيتين وفضية في دورة اليابان في أوت الماضي، لم يتمكّن من تجاوز التصفيات في سباقات 400 و800 و1500 متر سباحة حرة، بعد أن كان مرشّحا للفوز بها جميعها.
هذه النتائج جعلت التساؤلات تُطرح بقوة حول سبب التراجع المفاجئ لنتائج “حفّا” (الحفناوي) قبل أشهر قليلة من الموعد الأولمبي في باريس.
في الحقيقة تراجع نتائج أيوب ومستواه في المسبح ليسلا حديثا، بل يعود إلى أشهر مضت، ففي نهائي البطولة الصيفية في تونس في أوت الماضي خسر الحفناوي عدة سباقات أمام سبّاحين آخرين صاعدين ينتظرون منحهم الفرصة للتألق.
مواهب على خطى الحفناوي.. لكن
في المسابح التونسية، ولد البطل السابق أسامة الملولي وعرفت الجماهير موهبة أيوب الحفناوي، وتتابع صعود أحمد الجوادي وغيره، لكنها لا تعرف إيميل الفوزاعي التونسي الهولندي الصاعد بقوة في عالم السباحة والذي لم يجد فرصته للبروز والالتحاق بالمنتخب التونسي.
الفوزاعي حقّق انتصارا كبيرا على الحفناوي في نهائي البطولة في أوت الماضي، على الرغم من أنه يصغره بثلاث سنوات، ليس هذا استنقاصا من البطل الأولمبي، بل إشادة بالمستوى الباهر الذي يتمتّع به الفوزاعي رغم صغر سنه.
الفوزاعي الناشط ضمن نادي أولمبيكا للسباحة، قاد فريقه إلى التتويج بعدة ميداليات بأرقام لافتة. لكن لماذا لا ينتمي إلى المنتخب التونسي؟
“فيتو” من الجامعة أمام بطل صاعد
حسب ما كشفه مصدر خاص لبوابة تونس، فإنّ إيميل الفوزاعي أمامه “فيتو” من الجامعة التونسية للسباحة منعه من الانتماء إلى المنتخب التونسي بدعوى أنّه ناشط ضمن فريق هولندي وانتمى إلى المنتخب الهولندي للشباب، لكن في الحقيقة اللاعب لم يشارك مع هولندا في أيّ فئة سنيّة وغير مسجّل ضمن أيّ جامعة سباحة ولا ينتمي إلى أيّ منتخب، ما يجعل حرمانه من تمثيل تونس أمر غير مبرر وغريب.
وبسبب موقف جامعة السباحة، لم يشارك الفوزاعي في البطولة العربية الأخيرة التي أقيمت بالإمارات في أكتوبر الماضي، رغم أنّ أرقامه أفضل من المتوّجين بالذهب في خمسة سباقات مختلفة في البطولة العربية، ما يعني أنّ قرار الجامعة حرم تونس على الأقل من خمس ميداليات ذهبية لو سمحت للفوزاعي بتمثيل المنتخب.
في المقابل، هناك سباحون في وضعيات مماثلة للفوزاعي (مقيمون بالخارج ولديهم جنسية مزدوجة) يشاركون بشكل طبيعي في البطولة التونسية، وتُحتسب نتائجهم وأبواب المنتخب التونسي مفتوحة أمامهم. وهو الأمر الذي يجعل من وضعية إيميل الفوزاعي لغزا حقيقيّا.
بطولة معلّقة رغم إعلان البطل
يبدو أنّ قرار جامعة السباحة لا يستهدف فقط السباح الشاب إيميل الفوزاعي بقدر ما هو “عقاب” لفريقه نادي أولمبيكا، فمنع السبّاح من الانضمام إلى المنتخب التونسي، يُخفي وراءه قضية جديدة قد تكون حديث الرأي العام الرياضي في الأيام القليلة القادمة.
وحسب مصادر بوابة تونس، فإنّ لقب بطل الموسم الماضي في السباحة ما يزال معلّقا ولم تُحسم هويته بعد، على الرغم من إعلان فريق الترجي الرياضي فائزا باللقب للمرة التاسعة على التوالي وفي جميع الاختصاصات.
المفاجأة تتمثّل في اعتراض فريق أولمبيكا على احتساب نتائج البطولة، والذي يعتبر نفسه الأجدر بالفوز بها، نظرا إلى “تفوقه على الترجي الرياضي في مجموع السباقات”.
في نهائي البطولة الصيفية يوم 17 أوت 2023، احتجّ فريق أولمبيكا على طريقة احتساب النتائج النهائية لمجموع السباقات، حيث يرى نفسه بطلا بالوقائع والأرقام، بدلا من الترجي الرياضي.
ورفض سبّاحو فريق أولمبيكا الصعود على منصة التتويج لتسلّم ميداليات المركز الثاني وطنيا، احتجاجا على النتائج، وهو ما انجرّت عنه دعوة مسؤولين عن الفريق أمام مجلس التأديب بالجامعة وهما منصف الضميد وهاني تقتق، وإصدار عقوبة الإيقاف عن ممارسة أيّ نشاط رياضي مدى الحياة بالنسبة إلى الأول، والإيقاف مدة خمس سنوات بالنسبة إلى الثاني.
ويأتي احتجاج الفريق أولا على العطل التقني الذي أصاب آلية احتساب النتائج في مسابقة النهائي، وثانيا لعدم احتساب نتائج أبرز سباحيه إيميل الفوزاعي، لأنه أجنبي، وفق مصادرنا.
قضية في المحاكم
لم يستسلم فريق أولمبيكا وتمسّك بالدفاع عن حظوظه من أجل لقب بطولة يعتقد أنّه الأجدر بالفوز به، ويعتبر أنّ حقوقه هُضمت، حيث تقدّم باعتراض أمام هيئة التحكيم الرياضي يطالب بإعادة احتساب نتائج النهائي على أمل تسميته بطلا بقرار قضائي رغم مرور 7 أشهر.
ومن المنتظر أن يحسم الملف في جلسة غدا الثلاثاء 27 فيفري، حيث سيعمل فريق أولمبيكا على الدفاع عن نفسه أمام الجامعة و5 فرق متداخلة في القضية، قد يتأثّر ترتيبها في حال تغيّرت هوية البطل.
وفي حال كسب فريق أولمبيكا قضيته، فإنه سيسحب البطولة من الترجي الرياضي ويضع جامعة السباحة في موقف محرج ومأزق كبير.
تونس تخسر سبّاحيها
في الإطار نفسه، تُحيلنا وضعية إيميل الفوزاعي إلى مسألة استقطاب المواهب التونسية من قبل منتخبات أخرى لتجنيسها وتمثيلها في البطولات الدولية.
فاستمرار تجاهل السباح الفوزاعي من قبل تونس، رغم موهبته وقدراته اللافتة، سيجعله عرضة للتجنيس، خاصة أن بلد والدته هولندا التي يقيم بها ويتدرّب في مسابحها، يريد ضمه.
ونخشى أن يحصل مع إيميل الفوزاعي ما حدث للموهبة محمد عزيز إسماعيل، الذي توّج ببطولة تونس للمدارس في مناسبتين متتاليتين، قبل أن تستقطبه قطر وتمنحه الجنسية الرياضية.
ففي البطولة العربية للسباحة في جانفي الماضي، ظهر محمد عزيز إسماعيل بالزي الرياضي القطري متوّجا بالذهب في سباقين، وهو ما يطرح السؤال بقوة حول دور الجامعة التونسية للسباحة في حماية المواهب الصاعدة والحفاظ عليها للدفاع عن اسم تونس.