لم تقف تداعيات موجة الحرّ الشديد التي شهدتها بلادنا في الآونة الأخيرة على صحّة المواطنين، والأعطال التي شهدتها شبكة الكهرباء، واضطراب التزويد بالماء، فضلا عن الحرائق التي نشبت في عدّة جهات، فآثار ارتفاع درجات الحرارة طالت قطاع الفلاحة، خاصة عمليات جني المحاصيل الزراعيّة.
ونقلت صحيفة الصباح في عددها الصادر، اليوم السبت 29 جويلية، عن رئيس نقابة الفلاحين الضاوي الميداني، قوله إنّه “كان من المفترض أن يتمّ جني العديد من المحاصيل في الفترة الحالية، وأيضا الأيام الماضية، مثل الطماطم والفلفل التي تدوم فترة جنيها ما بين 15 و20 يوما، غير أنّه بسبب الحرارة لم تتجاوز عملية الجني أسبوعا لتبقى المنتوجات في أرضها”، مشيرا إلى أنّ الحقول تضرّرت جميعها بسبب الارتفاع غير العادي لدرجات الحرارة، ما أدّى إلى تلف كميات كبيرة من المحاصيل.
وطال الإشكال ذاته عديد أنواع الغلال ومن الخضر أيضا، ما أثّر بدوره في تزويد الأسواق ومن ثمة في مداخيل الفلاحين. وما زاد من مفاقمة الأزمة انقطاع التيار الكهربائي بصفة مكثّفة، إلى جانب نقص الماء.
وقدّر رئيس نقابة الفلاحين حجم الأضرار بسبب ارتفاع الحرارة بمعدّلات غير عادية في الأسابيع الماضية وبسبب الجفاف، بين 20 و30 %، مبيّنا أنّ كلّ الظروف تفاعلت وأتت على الفلاح الذي يواجه مصاعب مالية كبيرة جراء ارتفاع كلفة الإنتاج وتقلّصه وتراكم الديون، زيادة على التغيّرات المناخيّة وتداعياتها.
وبخصوص إمكانيّة حصول الفلاحين المتضرّرين على تعويضات بسبب الجوائح الطبيعية، كالجفاف أو الحرارة الاستثنائية التي عاشتها تونس في الآونة الأخيرة، قال الضاوي الميداني: “الفلاحون لم يحصلوا من الدولة على حقوقهم ومستحقّاتهم المالية في قطاع الحبوب مثلا، فكيف سيحصلون على التعويضات بسبب الحرارة؟ هذا الدور من المفترض أن يكون مكفولا من قبل صندوق الجوائح الطبيعية، وعلى الأقل تكون هناك إحاطة ولو نفسيّة، فالفلاحة تعني الأمن القومي الغذائي”.
من جانبه، أوضح عضو المجلس المركزي للاتّحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، بيرم حمادة، في تصريح إذاعي، أمس الجمعة 28 جويلية، أنّ النّقص الكبير المسجّل في التزويد بالخضر والغلال ناتج عن التغيّرات المناخية التي تشهدها البلاد التونسية، وصرّح قائلا: “الأمطار التي شهدتها عدة مناطق في الفترة الأخيرة، زد على ذلك موجة الحرّ التي تعيش على وقعها البلاد، من شأنهما أن يُساهما في نضج بعض الغلال قبل أوانها”، مضيفا أنّ ارتفاع درجات الحرارة يُؤثّر سلبا في وفرة الغلال وجودتها، فأضرار محصول العنب مثلا تجاوزت نسبتها 80%.
وبخصوص الخضر، أوضح المتحدّث أنّ أكثرها يُزرع بين شهري فيفري ومارس، وآنذاك كانت المناطق السقويّة مغلقة، وهو ما انجرّ عنه نقص في الإنتاج.
بدوره، أكّد عضو المجلس المركزي بالاتّحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، فيصل فرحات، أنّ ارتفاع درجات الحرارة بشكل استثنائي، أثّر سلبا في جميع النباتات والحيوانات، مشيرا في تصريح لإذاعة الديوان، إلى أنّ جميع الخضر والغلال الصيفية مثل العنب والدلاع والبطيخ والخوخ، والخضر مثل الطماطم والفلفل قد تضرّرت، ما أدّى إلى إتلاف كميات كبيرة منها، وارتفاع أسعارها، إضافة إلى جفاف ثمرة الزيتون واصفرار النباتات وتضرّر الزراعات العلفية.