أقالت البرازيل، أمس الأربعاء 11 جانفي/كانون الثاني، سفيرها لدى الاحتلال الإسرائيلي الجنرال جيرسون ميناندرو غارسيا دي فيرينتس، في خطوة تشير إلى التغيير في سياسة برازيليا تجاه تل أبيب.
وفريتس، جنرال متقاعد في الجيش البرازيلي وأحد المقربين من الرئيس السابق جايير بولسونارو، الذي عيّنه في هذا المنصب (2020) بهدف تعزيز التعاون الأمني مع الكيان المحتل.
دعم الاحتلال
كشف ظهور علم الاحتلال الإسرائيلي خلال أعمال الشغب التي جرى خلالها اقتحام مراكز السلطات الديمقراطية الثلاث في العاصمة البرازيلية الأحد الماضي من قبل أنصار الرئيس السابق اليميني المتطرف جايير بولسونارو، عن العلاقات الوثيقة بين النظام والاحتلال.
وأظهرت مقاطع فيديو قيام أنصار بولسونارو بحمل أعلام الاحتلال خلال أعمال التكسير والاقتحام والشغب في العاصمة، والتي انتهت مع تدخّل الأمن البرازيلي.
واعتبر أنصار الرئيس الجديد لولا دا سيلفا (حكم فترتَين متتاليتَين بين 2003 و2011)، في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، حضور أعلام الاحتلال، يؤكد “فقدان أنصار بولسونارو لوطنيتهم”، مطالبين الحكومة الجديدة بفتح تحقيقات في الحادثة.
وارتبط الرئيس السابق بولسونارو بعلاقة وثيقة للغاية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي سافر إلى البرازيل لحضور حفل تنصيب الزعيم اليميني المتطرف.
وطيلة ولاية بولسونارو، تحولت البرازيل إلى دولة داعمة للاحتلال في المحافل الدولية، على عكس الموقف التقليدي الذي اتخذته وزارة الخارجية البرازيلية تاريخيا.
ولعب السفير المقال دورا في تعميق العلاقات العسكرية بين بلاده والاحتلال، وكان يعمل من أجل نقل السفارة البرازيلية من تل أبيب إلى القدس، إلّا أنّ ذلك لم يتم تنفيذه بسبب الضغوط الدبلوماسية.
وخلال حملة الانتخابات الرئاسية البرازيلية، سجّل نتنياهو مقطع فيديو أعرب فيه عن دعمه بولسونارو، وقام الرئيس السابق البرازيلي بنشر مقطع الفيديو على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة لحشد الدعم السياسي.
عودة إلى التوازن
يبدو أنّ السلطات البرازيلية الجديدة قد بدأت فعليا في تغيير سياستها الخارجية ولو جزئيا، فإقالة وزير الخارجية الجديد، ماورو فييرا، سفير بلاده، جاءت بعد دعوات محلية إلى تكريس مبدإ السيادة.
وقال فييرا في خطاب تنصيبه، إنّ “البرازيل ستعود إلى مواقفها التقليدية (التوازن) بشأن كلّ ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني”، فيما صرّح عند تشكيل الحكومة بأنه “في ظل حكومة لولا اليسارية، التي تولت السلطة مطلع الشهر الجاري، فإنّ البرازيل ستتعاون مع الدول العربية، وفي مقدمتها فلسطين”.
وكانت البرازيل قد أدانت هجوم الاحتلال على غزة عام 2014، واستدعت سفيرها من تل أبيب للتشاور، فيما وصفت الرئيسة البرازيلية السابقة، ديلما روسيف، العدوان بأنه “مجزرة” و”عملية غير متكافئة”.
وفي 2016، رفضت البرازيل اعتماد داني دايان سفيرا لديها، لأنه مستوطن، وشغل منصب رئيس مجلس المستوطنات في الضفة المحتلة.
وقال المؤرخ في جامعة ساو باولو رودريغو غويينا سواريس، إنه لم يُعد يُنظر إلى السياسة الخارجية البرازيلية في عهد بولسونارو على أنها “وسيلة للترويج الاقتصادي إنما باعتبارها وسيلة لبناء تحالفات يمينية متطرفة لتحقيق مكاسب سياسية داخلية”.
وأكّد أن البرازيل عاشت في عهد الرئيس السباق عزلة وتراجعا في مكانتها الدولية بسبب قرارات جايير بولسونارو الخاطئة منها؛ اصطدامها بالصين والعالم العربي.
وفي الأيام الأولى من إدارتها، أصدرت حكومة لولا دا سيلفا (77 عاما) مذكّرة انتقدت فيها اقتحام إيتمار بن غفير المسجد الأقصى في القدس المحتلة، ودافعت المذكرة عن “الاتفاقات الدولية التي تتناول إدارة موقعين إسلاميين مقدسين في القدس، والوضع الراهن للموقع”.
وعُرف دا سيلفا بمواقفه تجاه القضية الفلسطينية، إذ أكّد خلال زيارة لرام الله في 2010، في فترته الثانية، دعمه الكامل لاستقلال فلسطين، ثم أعلن في السنة نفسها اعترافه بدولة فلسطين ضمن حدود 1967.