عالم

بسبب تعميق تبعيتها الطاقية لروسيا… انتقادات واسعة لسياسة أنغيلا ميركل

 تواجه المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل التي كانت حتى وقت قريب تعد من أهم القادة الأوروبيين، انتقادات سياسية وإعلامية بسبب سياسة التقارب مع روسيا التي اتبعتها خلال فترات حكمها.

فعلى مدار 16 عاما في منصب المستشارة عززت ميركل اعتماد أوروبا على مصادر الطاقة الروسية من نفط وغاز دون أن تستثمر بما فيه الكفاية في تطوير المؤسسة العسكرية والمجال الدفاعي، حسب الاتهامات الموجة إليها.

صحيفة “دي فيلت” الألمانية المحافظة، انتقدت السياسة “الخاطئة” التي اتّبعتها ميركل طيلة 16 عاما “لاسترضاء أنظمة استبدادية مثل النظامين الروسي والصيني، وتطوير العلاقات الاقتصادية والعقود التجارية معهما”، حسب الصحيفة الألمانية.

وأضاف تقرير “دي فيلت”: “ما عاشته ألمانيا وأوروبا في الأيام الأخيرة ليس سوى انعكاس لسياسة ميركل، التي كانت تهدف إلى ضمان السلام والحرية من خلال عقد معاهدات مع الطغاة”.

تبعية طاقية

خلال العقد الأخير، تطور اعتماد ألمانيا في مجال الطاقة على روسيا من 36% من إجمالي وارداتها من الغاز عام 2014 إلى 55% في 2021.

ومنع الاعتماد المتزايد على الواردات الطاقية الروسية ألمانيا التي تصنف بكونها من أوائل الاقتصاديات الأوروبية، من الالتزام بالمطالب الغربية وعلى رأسها الأمريكية، بفرض حظر على النفط والغاز الروسيين.

وطالبت صحيفة “زودويتشه تسايتونغ” بتحمل المستشارة الألمانية السابقة ميركل نصيبها من المسؤولية، نتيجة حرصها على إقامة روابط اقتصادية وثيقة مع روسيا بعد أن ازداد اعتماد ألمانيا على موارد الطاقة الروسية…. “لنقف الآن على نتائج هذا الخطإ الفادح”، حسب ما أورده المقال.

وإذا كان سلف ميركل المستشار الألماني السابق الديمقراطي الاجتماعي غيرهارد شرودر، لعب دورا في زيادة الاعتماد على الطاقة الروسية من خلال إنشاء خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 1″، فإن ميركل هي من أجاز خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2″، والذي أعلنت برلين عن تعليق تشغيله إلى أجل غير مسمى بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا.

لكن متابعين للشأن الألماني يشيرون إلى أن ميركل واجهت ضغوطا مكثفة من الشركات الألمانية، والتي سعت إلى الحصول على عقود للاستثمار في روسيا، بالإضافة إلى حاجة ألمانيا إلى إيجاد مصادر بديلة للطاقة بعد قرارها في عام 2011 التخلص بشكل تدريجي من الطاقة النووية.

فشل عسكري

على الصعيد العسكري يرى الخبراء، أن الجيش الألماني واجه على امتداد السنوات الماضية، تدني موازنته ومحدودية المبالغ المرصودة لتطويره.

ورغم مطالبات الحلفاء، ولا سيما واشنطن، بزيادة معدلات الإنفاق الدفاعي بمعدل 2% من الناتج الوطني الإجمالي كما حددها حلف شمال الأطلسي، إلا أن المستشارة الحديدية ظلت على تمسكها بخفض ميزانية الدفاع.

واعترفت وزيرة الدفاع السابقة والمقربة من ميركل أنيغريت كرامب كارنباور، بـ”الفشل التاريخي” لبلادها في تعزيز قوة جيشها طيلة أعوام.

وكتبت أنيغريت على تويتر، “بعد جورجيا وشبه جزيرة القرم والدونباس، لم نحضر شيئا قد يردع بوتين”.

أخطاء سياسية

على المستوى الجيوسياسي، تواجه أنغيلا ميركل لوما عنيفا لعدم موافقتها على ضم جورجيا وأوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي في عام 2008، رغم ضغوط واشنطن في هذا السياق.

ويفسر مدير فرع أوروبا الوسطى بمركز “جيرمان مارشال فاند”، للدراسات يورغ فوربريغ قرار المستشارة الألمانية بشأن جورجيا، بأنه نابع من إدراكها لردة فعل موسكو وحسابها لفرضيات المواجهة مع بوتين، مضيفا: “ليس صحيحا أن سياسة ميركل كانت ساذجة حيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لقد كانت تقدر شخصيته وما هي روسيا عليه اليوم”.

بالمقابل يوجه الباحث “جيرمان مارشال فاند”، اللوم إلى حليف مريكل السياسي داخل الائتلاف الحاكم الحزب الاشتراكي الديموقراطي، والذي عرف عنه منذ السبعينات توجهه نحو التقارب مع موسكو.

وتتفق أستاذة العلاقات الدولية في جامعة “هيرتي سكول” مارينا هينكي مع هذا الرأي قائلةً: “إذا كنتم لا تعرفون ألمانيا وتظنون أن المستشارة كانت تمسك بيدها كل القرارات، فهذا الاعتقاد غير صحيح، في الحقيقة، إنه خطأ سياسي اقترفه الحزب الاشتراكي الديمقراطي”.