للمرة الثالثة يتأجّل موعد انطلاق الموسم الرياضي في تونس بسبب إجراءات الحكومة للحد من انتشار فيروس كورونا.
من المقرر استئناف أنشطة كرة القدم يوم 3 ديسمبر، ما يعني أن الموسم تأخر عن موعده الأصلي 3 أشهر وهو ما يثير تساؤلات لدى الجمهور الرياضي حول مصير الموسم الكروي والسيناريوهات المتوقعة وتأثيراتها على التزامات الأندية…؟ أسئلةٌ حاولنا الإجابة عنها من خلال رصد مواقف وآراء المعنيين بالأمر.
قرارات خاطئة وعشوائية
لم يتردّد مدرّب الاتحاد المنستيري لسعد جردة الشابي، في تصريحٍ لبوابة تونس، في التعبير عن رفضه قرارات الحكومة بإيقاف النشاط الرياضي واستغرابه من تعامل السلطات مع القطاع في هذه الظروف الاستثنائية.
واعتبر الشابي، بطل كأس تونس الموسم الماضي، أن أغلب الدول في العالم بدأت تتعايش مع وباء كورونا ولم توقف النشاط الرياضي وأن نجوماً في عالم الكرة أصيبوا بالفيروس واستأنفوا نشاطهم دون تأثيرات، مؤكداً أن إيقاف النشاط الرياضي لن يحل معضلة انتشار كورونا لأن من يتخذ هذه القرارات يجهل كرة القدم واصفاً إياها بالعشوائية، حسب تعبيره.
ووصف محدثنا التعلّل بانتشار فيروس كورونا بالأكذوبة لأن السلطات التي حظرت على الأندية المحلية ممارسة الرياضة، غير قادرةٍ على منع الأندية والمنتخبات من اللعب في تونس في إطار التزاماتها القارية، وفق قوله.
وشمل قرار الحكومة منع الأنشطة الرياضية والثقافية ومنع كل التجمعات خوفاً من انتشار العدوى خاصة أن أغلب الرياضات تعتمد على الاتصال المباشر بين الرياضيين.
إرهاق بدني وارتباك فني
أكّد المعد البدني لفريق الترجي الرياضي صبري البوعزيزي، لدى اتصالنا به، أنه حاول، رفقة الطاقم الطبي والفني للفريق، التعامل بشكل طبيعي مع التأجيل المتواصل لانطلاق البطولة والعمل بنسق النشاط العادي عبر إجراء حصص تمارين وسط الأسبوع ولعب مباراة ودية يوم الأحد.
في المقابل، لم يخف البوعزيزي التأثير السلبي لتأخر انطلاق البطولة على الجانب الذهني للاعبين.
بدوره، انتقد بشدّة مدرّب الاتحاد المنستيري الفوضى التي سببها التأجيل المتواصل لنظام البطولة في برنامج عمله مع الفريق، مؤكّداً أن اللاعبين تأثروا نفسياً وذهنياً.
وأضاف قائلا « فريقنا سينطلق في مسابقة كأس الاتحاد الإفريقي بعد أسبوع دون أن يجري أي مباراة رسمية وهو أمر غير مقبول. »
وعاد المعد البدني للترجي ليشير إلى صعوبة التعامل مع ضغط الرزنامة في وقت وجيز إذا ما كان الفريق ينافس في أكثر من مسابقة، على غرار فريقه الترجي، وقال إن الحل في مثل هذه الظروف هو إجراء تغييرات متواصلة في التشكيلة ليتمتع اللاعبون بقسط من الراحة بين المباراة والأخرى.
التأجيل في صالح بعض الفرق
بينما انزعجت عدة الفرق من تأخر موعد عودة البطولة، استفادت أندية أخرى من الظروف الاستثنائية وحاولت تفادي بعض المشاكل خلال فترة الانتظار.
من بين هذه الفرق النجم الساحلي الذي لا يزال يبحث عن مدرّب للفريق الأوّل ومنحته فترة التوقّف فرصة لإعادة تنظيم إدارته والبحث عن إطار فني كفء للإشراف على النادي وهو بصدد وضع اللمسات الأخيرة قبل بداية الموسم.
فرق أخرى لم تجهز نفسها جيّدًا في موعد الانطلاق الأول واستغلت شهر تأخير للقيام ببعض الانتدابات والقيام بالتحضيرات اللازمة رغم بعض المشاكل الإدارية، على غرار النادي البنزرتي والنادي الإفريقي والنادي الصفاقسي.
الحل تغيير نظام البطولة
قال الصحفي والناقد الرياضي فتحي المولدي، في تصريحٍ لبوابة تونس، إن الجامعة في موقف حرج رغم أنها غير مسؤولة عن التأخير المفروض بحكم الظرف الصحي الاستثنائي.
وأضاف » سيستحيل على الجامعة استكمال الموسم الكروي بصفةٍ عاديةٍ نظراً لكثرة الالتزامات وضغط الرزنامة دولياً ومحلياً ».
وأكّد المولدي أن صحة الفاعلين في الشأن الرياضي أهم من المسابقات وقال « إن للظروف الاستثنائية حلولاً استثنائية » واقترح في مستوى أوّل أن يتم إلغاء مسابقة كأس تونس، ثم بحث صيغة جديدة لنظام البطولة، كأن يتم تقسيم الفرق إلى مجموعتين أو لعب مباريات ذهاب فقط في ملاعب معينة.
أما فيما يخص مصير بطولة الرابطة المحترفة الأولى، قال لسعد جردة إن أي صيغة ستكون مرهقة بدنياً باعتبار أن الفرق ستضطر للعب مباراة كل ثلاثة أيام.
ودعا السلطات إلى منح الضوء الأخضر أمام الرياضيين لاستئناف نشاطهم في أقرب الآجال والتأقلم مع الظروف مثلما تفعل دول أخرى انتشار الوباء فيها أضعاف النسبة المسجلة في تونس.
القرارات الجديدة للجامعة؟ !
اعتبر الناقد الرياضي فتحي المولدي قرارات المكتب الجامعي، الصادرة الجمعة 20 نوفمبر، منطقية وفي محلها خاصة قرار إيقاف بطولات الشبّان ورجّح أن تكون تمهيداً لقرارات أخرى تخص نظام البطولة.
أما لسعد جردة فاستنكر قرار إحالة شبّان كرة القدم في تونس على البطالة مبكراً ووصفها بغير المدروسة لأن نتائجها ستكون وخيمة على مستقبل اللاعبين الشبّان، وفق قوله.
كما لم يستسغ قرار تخفيض أجور اللاعبين المحترفين والمدرّبين لأنه لا ذنب لهم في تأجيل انطلاقة الموسم، وفق قوله.
في انتظار القرار النهائي بخصوص مستقبل الموسم وصيغة استكماله، يدرس المكتب الجامعي الفرضيات الممكنة للخروج من الوضعية الحرجة، لكن يبدو أن كل الحلول ستكون مكلفة للنوادي ولاعبيها خاصة على المستوى البدني وقد أقرّت الجامعة في بلاغها الأخير بأن الرزنامة ستكون مضغوطة جداً.
في الأثناء، لن يقتصر الحل على قرار جامعة كرة القدم، وإنما سيكون مرتبطاً بتواصل انتشار العدوى بكورونا من عدمه خلال الفترة القادمة وما إذا كانت الحكومة ستمدّد العمل بالإجراءات الاستثنائية.