انهيار البنية التحتية في شرق ليبيا بسبب "إعصار دانيال".. هل فاقم الفساد العمراني الكارثة؟ (صور)
tunigate post cover
عرب

انهيار البنية التحتية في شرق ليبيا بسبب "إعصار دانيال".. هل فاقم الفساد العمراني الكارثة؟ (صور)

بنية تحتية متهالكة جرّاء سنوات من الفساد.. مصلحة التخطيط العمراني في قفص الاتّهام
2023-09-12 14:16

أثار انهيار البنية التحتية في أغلب مدن الشرق الليبي الذي خلّفه “إعصار دانيال” عديد التساؤلات عن أسباب ذلك، وما إذا كانت مشاريع الإعمار هناك التي يشرف عليها البرلمان وقوّات حفتر ستنهار قريبا.
وانهارت مدن بأكملها مثل مدينة درنة “شرق البلاد” ما دفع الحكومة إلى اعتبارها منطقة منكوبة وإعلان الحداد ثلاثة أيام وتأكيد مقتل أكثر من 2000 ليبي جرّاء الفيضانات في الشرق الليبي.
وشكل مجلس النواب الليبي لجنة تحت مسمى “الإعمار وإعادة والاستقرار” وخصص لها ميزانية بملايين الدنانير من أجل إعادة إعمار مدن الشرق والطرق وإنشاء مشاريع عمرانية كبيرة، إلا أن أغلب هذه المشاريع انهارت تماما خلال ساعات من الفيضان. 
ورغم قرار رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان بتسيير ميزانية طوارئ تقدر بـ200 مليون دينار ليبي لكل المدن المنكوبة، إلا أن الانهيارات ما زالت تتوالى وسط استغاثات من المجالس المحلية هناك والمطالبة بتدخل دولي لإنقاذ العائلات العالقة بعد انهيار كل الطرق والشوارع والميادين. 
 وأكدت رئيسة لجنة التنمية المستدامة بمجلس النواب الليبي ربيعة بوراص، أن “ليبيا دون بنية تحتية حقيقية وأنها عبارة عن تجمعات سكنية عشوائية لاقت حتفها من أول مواجهة مع تغيرات المناخ القاسية”.
وأضافت في تصريحات لموقع “عربي21” أن السبب هو “مصلحة التخطيط العمراني التي يجب محاسبتها قانونيا على غيابها التام عن التطوّر العمراني غير المدروس الذي تجني البلاد نتائجه الآن”.
وطالبت بضرورة إحالة كل الجهات المعنية على التحقيق وإعادة النظر في كل المشاريع في أسس البناء والتعمير من قبل النقابات المهنية، وضرورة أن تعمل السلطة التشريعية على طرح مشروع يعالج التسيب الحاصل من قبل الجهات المعنية بشؤون التخطيط الحضري العمراني”، وفق تعبيرها.
ومن جانبه أكد النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، عمر العبيدي أن “الوضع المأساوي في مدن شرق البلاد يتطلب تدخلات عاجلة من السلطات التنفيذية الموجودة الآن، وهي مدعوة إلى الوحدة والتآزر وتوحيد الصف في فرصة حقيقية لتوحيد الدولة ومؤسساتها السيادية”.
وأشار خلال تصريحه لموقع “عربي21” إلى أن “استنفار جميع المؤسسات تجاه ما يحدث في شرق البلاد يؤكد ضرورة أن تعمل مؤسسات الدولة تحت سلطة تشريعية وتنفيذية واحدة بعيدا عن الانقسام وهذا ما يعمل عليه مجلس الدولة مع الشريك الاستراتيجي والسياسي، مجلس النواب”.
في المقابل قال وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر، إن “الإعصار قوي ولا تقف أمامه المباني والجسور والطرق، خاصة في الوديان الموجودة في أغلب مدن الشرق الليبي، ففي درنة مثلا انهارت السدود وغمرت المدينة وفاقمت الوضع”، مضيفا: “إذا أدّت السيول إلى تدمير المشاريع الإعمارية القائمة أو التي تحت الإنشاء بشكل كامل بحيث لا يمكن إعادة التوازن للمشروع فسيطبق عليها بند القوة القاهرة في عقد التنفيذ، ومن المؤكد أن قوّة الإعصار الحالي كانت بدرجة لا يمكن لكثير من المنشآت والطرق الصمود أمامها”، وفق قوله. 
بدوره أكد الأكاديمي الليبي من مدينة البيضاء شرق ليبيا والمتضرّرة بقوة، عماد الهصك، أن “البنية التحتية في ليبيا عامة والشرق خاصة متهالكة ولم تخضع لأي تطوير منذ عقود طويلة، وهناك سنوات من الفساد والإهمال جعلت البنية التحتية تنهار بشكل كلي مع هذا الإعصار”، مضيفا: “أما بخصوص لجنة إعادة الإعمار فهي لم تبدأ إلا قبل أشهر معدودة ومن الإنصاف ألا ننسب هذا الانهيار الكامل في البنية التحتية إلى هذه اللجنة”.
وتابع: “هذا لا يعني عدم وجود فساد متجذّر في مفاصل الدولة وآثاره قد تراكمت منذ زمن طويل، ولا يمكن أن ننسب الفساد إلى جهة بدأت بعملية الإعمار خلال فترة قصيرة، ونتجاهل سنوات طويلة من الفساد الذي ينخر في بنية الدولة الليبية”.
وأوضح الباحث الليبي المتخصص في إدارة الأزمات، إسماعيل المحيشي أنه “ليست هناك مشاريع إعادة إعمار في ليبيا بالمعنى المعروف لذلك، والموجود هو مشاريع سطحية لا ترتقي إلى الإعمار فنحن نتكلم عن انهيار سدود ومشاريع لتصريف الأمطار والصرف الصحي فهذه المشاريع غير موجودة في ليبيا إطلاقا.” 
وقال إن هذا الأمر لا يخص شرق البلاد فقط، بل إنه حتى في العاصمة طرابلس يتم صرف الأمطار ومياه الصرف الصحي في البحر وهذا مخالف للمعايير البيئية.
أما ما يخص المشاريع التي تنفذها الشركات المصرية فهناك عوائق كثيرة تقابلها أهمها  السياسية وحالة الانقسام الحكومي، حسب الباحث الليبي.
وأوضح أن “أغلب العقود التي تم توقيعها مع الشركات المصرية جاءت لتحقيق مكاسب سياسية مع الجانب المصري، وما هي إلا أيام حتى بدأت الخلافات وتوقفت كل العقود التي تم توقيعها”.
وشدد على أن ليبيا قي حاجة الآن إلى تأسيس بنية تحتية بمواصفات عالمية بمساهمة شركات متخصصة في هذا الجانب.
وكان وزير في حكومة شرق ليبيا قد أشار، اليوم الثلاثاء، إلى انتشال أكثر من ألف جثة في مدينة درنة التي اجتاحتها السيول وإنه من غير الممكن إحصاء العدد الكلي للقتلى في الوقت الراهن لكن العدد كبير للغاية.
وأضاف هشام شكيوات وزير الطيران المدني وعضو لجنة الطوارئ في تصريح لوكالة رويترز: “عُدت من هناك (درنة)… الأمر كارثي للغاية… الجثث ملقاة في كل مكان في البحر، في الأودية، تحت المباني”.
وتابع: “ليس لدي عدد إجمالي للقتلى لكن هو كبير كبير جدا… عدد الجثث المنتشلة في درنة تجاوز الألف… لا أبالغ عندما أقول إن 25 ٪ من المدينة اختفى.. المباني انهارت”.
وتشهد مناطق الشرق الليبي والجبل الأخضر منذ أمس الأول الأحد، سيولا عارمة تسببت في مقتل آلاف الأشخاص وفقدانهم، وغرق العديد من المساكن، وانهيار البنية التحتية جرّاء عاصفة “دانيال” التي وصلت إلى المنطقة قادمة من البحر المتوسط.

إعصار دانيال#
بنية تحتية#
درنة#
دمار#
فساد#
كارثة#
ليبيا#

عناوين أخرى