دعت الهياكل المهنية لقطاع الإعلام المجتمعة بشكل استعجالي بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الأربعاء 30 جانفي 2024 للنظر في الوضع الخطير الذي تردت فيه مهنة الصحافة في تونس وطرق مواجهتها، إلى إنهاء سياسة ملاحقة الصحفيين وتخويفهم وسجنهم، والقطع مع متابعتهم وفق قوانين تتعارض مع جوهر المهنة.
وطالبت هياكل المهنة في قطاع الإعلام، في بيان مشترك نشرته اليوم الجمعة 2 فيفري، بمراجعة المرسوم 54 ومجلة الاتصالات والمجلة الجزائية وقانون مكافحة الإرهاب، واعتماد المرسوم 115 كآلية وحيدة للتتبع، داعية السلطة التنفيذية إلى الانفتاح وتعيين مخاطب يتواصل معها من أجل بناء مقاربة تشاركية لبناء سياسة عمومية لقطاع الإعلام، والعمل بشكل استعجالي على الحد من “انهيار شامل” للقطاع “ستكون له آثار كارثية في الأوضاع العامة بالبلاد.
وأشارت هياكل المهنة ومنها نقابة الصحفيّين والجامعة العام للإعلام التابعة لاتحاد الشغل و”الهايكا” وجمعية مديري الصحف، في البيان ذاته، إلى أن مؤسسات صحفية هشّة وغير قابلة للحياة أحيانا أغلق العديد منها ويُهدد الإغلاق أغلبها ممّا يجعلها غير قادرة على إنتاج مضامين جيّدة، في ظل سوق إشهارية محدودة وغير منظمة ممّا يُفسد التنافس الحرّ والعادل على الموارد الإشهارية الضرورية لديمومة المؤسّسات الإعلاميّة الخاصّة والجمعياتية والعامّة، إضافة إلى غياب تنظيم قانون للإشهار العمومي وفق المعايير الدولية.
وذكّرت بالأوضاع الكارثية للصحفيين الذين يتهددهم فيها الطرد الجماعي والعشوائي والعمل بالعقود الهشة والحرمان من التغطية الاجتماعية مما من شأنه ألا يُتاح لهم التميّز المهني والترقية المهنيّة والاستقلالية ويهدّد قدرتهم على أداء أدوارهم.
كما سجّلت هياكل المهنة تراجع واقع الحريّات الصحفية خاصة مع استعمال قوانين وتشريعات غير دستورية على غرار المرسوم 54 عمّقت الرقابة الذاتية، مشيرة إلى أن المنظومة التشريعيّة والقانونيّة غير مكتملة وعمّقها تعطيل عمل الهيئة التعديلية وتهميشها مما فتح الباب أمام الفوضى الشاملة على مستوى المضامين الصحفية خاصة في السياقات الانتخابية وتراجع منسوب التنوع وتعددية المشهد الإعلامي.
وأشار البيان إلى التعاطي البراغماتي للحكومات المتعاقبة مع قطاع الإعلام وإحجامها على الانخراط في مقاربة إصلاحيّة استراتيجية شاملة وصولا إلى التجاهل التام للقطاع وتهميشه والتضييق على مصادر الأخبار من خلال أوامر تضييقية، وانغلاق المسؤولين العموميين على أنفسهم ورفضهم التعاون مع الصحفيين ومؤسساتهم والالتجاء غير المبرر إلى شبكات التواصل الاجتماعي دون غيرها.
وطالبت الهياكل بضرورة الإسراع بإصلاح قطاع الإعلام العمومي ليكون قاطرة الإعلام التونسي من خلال مقاربات تشاركية وناجعة بعيدا عن الأحادية والترقيعية، تمس حوكمته الداخلية وتنظيمه وتمويله واستقلاليته التحريرية بما في ذلك إعادة النظر في تركيبة مجالس إدارته، وتنقيح أنظمته الأساسية حتى تتماشى مع الاتفاقيات المشتركة والقطاعية والخاصة.
ودعت السلطتين التنفيذية والتشريعية إلى ضرورة وعي بأدوار الإعلام وأهدافه، ذلك أن الإعلام الخاص والعمومي والجمعيّاتي يمثّل مرفقا عموميّا سياديا يقدّم خدمة عامّة إلى عموم المواطنين لا بدّ للدولة أن تعمل على ضمان جودته وديمومته وتنوّعه، ومساعدته على تجاوز أزماته المالية التي يمر بها عبر عديد الآليات من بينها إعادة توزيع الإشهار العمومي حسب معايير الجودة وخدمة قضايا المجتمع، والمساعدات التي تقدّمها الدولة إلى المؤسّسات الإعلاميّة على غرار المساعدات الماليّة المباشرة والتخفيضات على القيمة المضافة والإشهار الخاصّ.
وطالبت الهياكل بحماية الصحفيين من سياسات التهميش والتجويع الممنهجة وهو ما ستكون له نتائج كارثية في مستوى الابتكار المحدود في المضامين وفي السياسات التحريريّة بشكل عام، وفي الاستماتة في الدفاع عن مهنة تقوم على مقاربة أساسها القيم الكونية لحرية الصحافة وحق التونسيين والتونسيات في إعلام مهني قوي يقوم بأدواره الحقيقية.
بالإضافة إلى إنهاء سياسة ملاحقة الصحفيين وتخويفهم وسجنهم، والقطع مع متابعة الصحفيين وفق قوانين تتعارض مع جوهر المهنة الصحفية وطرق تنظمها على غرار المرسوم 54 ومجلة الاتصالات والمجلة الجزائية وقانون مكافحة الإرهاب، واعتماد المرسوم 115 آلية وحيدة للتتبع.
فضلا عن إنهاء التنكيل بالهيئة التعديلية لأسباب غير مبررة وغير مشروعة والانخراط في مقاربة تحترم التعديل السمعي البصري ضامنا لتنوع المشهد الإعلامي وجودته وتنظيمه وفق المعايير الدولية.
كما دعت الهياكل رئيس مجلس نواب الشعب إلى التعامل الإيجابي مع المبادرة التشريعية المتعلقة بصندوق دعم استقلالية وسائل الإعلام وجودة مضامينها، والتي كان تقدم بها العدد الكافي من أعضاء مجلس نواب الشعب، والإسراع بإحالتها إلى اللجنة المختصة لمناقشتها نظرا إلى حاجة قطاع الإعلام الماسة والاستعجالية إليه.
وطالبت الهياكل الديوان الوطني للإرسال الإذاعي والتلفزي بمراعاة الوضعية المالية والاقتصادية الصعبة والاستثنائية التي تمرّ بها وسائل الإعلام التلفزية والإذاعية الخاصة والجمعياتية والجهوية والمتخصصة في علاقة بالديون المتخلدة بذمتها بعنوان معاليم الإرسال لفائدة الديوان.