“لا يستوي الدفاع عن الحق عن طريق الباطل، وبالتالي لا تقاس أحقية المغرب التاريخية في صحرائه بالتطبيع مع إسرائيل، كمغربي أفهم أن السياسة مصالح، لكن ليس على حساب المبادئ و بالتالي قرار التطبيع لا يمثلني واعتبره وصمة عار”.
هكذا دون حسان خليل بعيد إعلان اتفاق التطبيع بين الرباط وإسرائيل، خبر أصاب الشارع المغربي والرأي العام الداخلي، بحالة من الصدمة والغضب انعكست على مواقع التواصل الاجتماعي، منددة بالموقف الرسمي الذي “قبل بيع القدس، مقابل اعتراف أمريكي بسيادته على الصحراء”.
موقف الشارع المغربي الذي سارع لرفض هذه المقايضة السياسية، لا يبدو غريبًا، وهو الذي كان سباقًا عبر محطات تاريخية عديدة، إلى تأكيد أصالة انتمائه الوجداني للأقصى، وتمسكه بثوابت القضية الفلسطينية.
براغماتية مرفوضة
لم تجد عناوين “البراغماتية السياسية” و”إكراهات التوازنات الإقليمية”، التي عملت على تسويقها الدوائر المقربة من القصر الملكي بين وسائل الإعلام والشارع الداخلي، قبولًا، برغم ارتكازها إلى قضية الصحراء الغربية التي تكتسي حساسية شديدة لكل المغاربة سلطة وشعبًا.
لكن “شراء اعتراف أمريكي بسيادة الرباط على جزء من أرضها، مقابل تنازلات مهينة والاعتراف بالعدو”، كما وصفه المغردون، تسبب في تفجر موجة انتقادات حادة على منصات فيسبوك وتويتر.
“إسرائيل كيان مبني على العنصرية والتطرف الديني والتطهير العرقي، ولا شيء سيغير هذا الواقع، الصحراء لم تكن ملكهم أو ملك أمريكا ليمنحوها لنا”، يقول صاحب حساب يحمل اسم “البزخ المزكيطي”، تعبيرًا عن رفض واسع لمضمون “صفقة التطبيع”.
“اليوم كمغربي حر أشعر بالخجل”، يضيف مدون آخر، مترجمًا حالة القطيعة ما بين الحكومة المغربية ومواطنيها، الذين كالوا طوال الأشهر الماضية الاتهامات بالخيانة والخنوع، لأنظمة الإمارات والبحرين والسودان بعد اعترافهم رسميًا بكيان الاحتلال.
ويرى بعض المتابعين للشأن المغربي، أن اللهجة القوية والواثقة التي انتهجتها الرباط طوال الأسابيع الماضية في تكذيب التسريبات الإعلامية والدبلوماسية، عن قرب إعلان اتفاق سياسي مع إسرائيل، والترويج الدعائي للصحافة المحلية عن التزام “القيادة المغربية بحل الدولتين ورفض إبرام اتفاقيات منفردة”، تسبب في تعميق حالة الصدمة لدى المغاربة، الذين كانت قناعتهم ثابتة بأن بلادهم التي ترأس لجنة القدس بالجامعة العربية لن تنساق وراء ضغوط واشنطن.
انتصار للباطل بحجة المصالح
المكسب الدبلوماسي المتعلق بتثبيت اعتراف أمريكي بمغربية الصحراء، وافتتاح قنصلية دائمة بمنطقة الداخلة، لم يكن انجازًا كافيا لإقناع الرأي العام بواجهة قرار الملك محمد السادس، اعتمادا على “فلسفة الغاية تبرر الوسيلة”، والذي شبهته تدوينة حسن خطابي “بالتطبيل للباطل”.
“إياك ثم إياك أن تطبل لقرار ظالم، وباطل بحجة المصالح ، فحتى قضية الصحراء لن تنتهي باعتراف أمريكا أو غيرها بل فقط بجنود المغرب وسواعد أبنائه”، يضيف حسن خطابي.
من جانبه يفسر الصحفي المغربي، ومدير مكتب قناة الجزيرة في طهران نور الدين الدغير، قبول بلاده إقامة علاقات مع إسرائيل، بأنه “قد يدخل في سياق التكتيك السياسي تحت ضغط إدارة ترمب وهشاشة علاقة الجوار المغربي”، بهدف تحقيق هدف محلي ذي بعد استراتيجي، وهو ضمان “اعتراف أمريكي رسمي بسيادة المغرب على كل الصحراء المغربية، بما يعني تضييق الخناق في الأروقة الدبلوماسية على مناوئي المغرب في ملف الصحراء”.
ورغم إقرار الدغير “بسوء الخيار السياسي للقيادة المغربية”، إلا أنه يرجع موافقتها على التطبيع، إلى “الدبلوماسية العالمية التي جنت على أصحاب الحق في الحصول على حقهم”.