بقلم : فوزي الصدقاوي (*) [email protected] .... وبينما النخبة الفرنسية اليوم تواجه السؤال حول قابلية "فرنسا"…. وبينما النخبة الفرنسية اليوم تواجه السؤال حول قابلية "فرنسا" استيعاب إرث الماضي بعد تقييم مهمتها التي اضطلعت بها في العالم خلال المرحلة الاستعمارية، حيث إرثها الاستعماري لم يكن يسيرٌ هضمه ولا يُمكن تسوية فظاعته وفكر التنوير من جهة ولا مع قيم الثورة الفرنسية من جهة ثانية، يُستدعى التاريخ في حلبات السياسيين عندنا (العرب) من أجل طواحين الهواء حيناً وشحذا للأسلحة الإيديولوجية حيناً آخر ، من أجل خوض غمار معارك قديمة من خنادق راهنة ومتقابلة …… استيعاب إرث الماضي بعد تقييم مهمتها التي اضطلعت بها في العالم خلال المرحلة الاستعمارية، حيث إرثها الاستعماري لم يكن يسيرٌ هضمه ولا يُمكن تسوية فظاعته وفكر التنوير من جهة ولا مع قيم الثورة الفرنسية من جهة ثانية، يُستدعى التاريخ في حلبات السياسيين عندنا (العرب) من أجل طواحين الهواء حيناً وشحذا للأسلحة الإيديولوجية حيناً آخر ، من أجل خوض غمار معارك قديمة من خنادق راهنة ومتقابلة ...... 5. هوية الاستعمار المصطنعة من أجل التمدين يعتقد كلود ليفي ستراوش، في سياق انتقاده للنزعة المركزية الأوروبية، أن الفكر الغربي أضفى طابع البداهة على مفاهيم كالتقدم والتطور والحداثة والحال أنّها لا تزيد عن كونها أفكارا أوروبية خاصة، من جهة ثانية فإن النزوع التوسعي الذي صار حاجة اقتصادية([1]) ملحة كان يستدعي جهدا تبريريا ضروريا ستضطلع بالإعداد له النخبـة السياسية الأوروبية فقد حدد جول فاري (Jules Ferry) الدور المناط بعهدة أوروبا الجديدة كأحد الأهداف القصوى مؤكداً ( أن للشعوب الراقية الحق في تمدين الشعوب الدنيا فإنّه أيضا واجب محمول عليها)([2]) فإذا كان التمدين بداهةً وفق هذا المنطق، هو حق للآخر ، فإنّ التوسّع بداهةً وواجب على الدول الحاملة لرسالة التمدين. غير أن معادلة الحق والواجب هذه، حين تصرَّف واقعيًا تكون، وفق ذات المنطق، قد جعلت الحق عين الواجب، فتُـــلحق عالم ''ما وراء البحار '' بمركز الدول التوسعية أين تجري مراكــمة المنافع والمصالح الاستعمارية لتُوضع تحت تصرّف العرق الراقي، وهو أيضا معادلة لا تنفي هذه المقاصد المنفعية من وراء المهمة التوسعية التي خرجت لأجلها الجيوش الفرنسية. حيث ذهب بالتحليل مبيّنا أن (سياسة التوسع الاستعماري هي نظام سياسي واقتصادي، كنتُ أقول إن هذا النظام يمكن وصله بثلاث مجموعات من الأفكار: الأفكار الاقتصادية، الأفكار الحضارية ذات الأهمية القصوى والأفكار السياسية والوطنية)([3]). إن نقطة ارتكاز هذه الرؤية تنهض على أساس قاعدتها الكلية وهي ( أن السياسة الاستعمارية هي ابنة السياسة الصناعية ) ([4]) كما يقول جول فاري فالمستعمرات بناء على ذلك ( هي صمّام أمان إقتصادياتنا)([5]). وهكذا فإن الخصوصية الأوروبية ومنها الفرنسية إنّما تــُـقًـــدّم على أنّها حالة إنسانية أصيلة فقط من أجل أن تحوّلها إلى بداهة يتساوى فيها التمدين والتوسّع، ويتماهى فيها الحق والواجب ليُبرر أحدهما للآخر بصورة متبادلة و يُصبح التمدين قيمة في ذاته والتوسّع سبيلا لتحققه، مثلما يصحّ أن يكون التوسّع غاية في ذاته والتمدين سبيل إلى تحقيق التوسّع، وهو المعنى الذي استلهمتْه مجددا النخبة السياسية المنظّرة للاستعمار من جان جاك روسو في قوله : (إن الأقوى لا يبقى أبدا على جانب كاف من القوة ليكون دائما هو السيد إن لم يحوّل قوته إلى حقٍ والطاعة إلى واجبٍ.)([6]). يحتاج المستعمِر من أجل إدراك كينونته والتعرّف عليها وتوليد المعنى الملائم لهويته الخاصة أن يتوفر على غيريّة([7]) يتبصر بها عالمه الخاص ويرتّب لنفسه مع ''الآخر '' علاقات تمنحه المعنى و الهوية التي يرتضيها لنفسه، وتكاد تكون حاجة كل كيان إلى أن يحدد لنفسه هوية، أمر مقطوع بلزومه كما أن الهوية من جهة ثانية مقطوع بتلازمها مع ''آخر '' تتحدد به، فـ''الآخر'' يبدو يقينا ركن من مقوّمات الهوية ([8]) ومثلما أن الحرب على ''الآخر''، أَيَّ ''آخر '' يصطنعه الكيان الغازي، هي أداة الحفاظ على الهوية وفق ما يذهب الانتروبولوجي بيار كلاستر، فالجماعة الغازية بما هي هويّة، لا تَشعر بوحدتها وتمايزها إلا بصراعها مع جماعة مغايرة بما هي ''آخر'')[9](. 6. حركة التبشير المسيحي ومعاضدة الاستعمار الجيوش الفرنسية الغازية لم تكن وحدها عنوانا لعنف المشروع الاستعماري بل إن التبشير المسيحي كان على درجة من العنف الرمزي لا يقل قدرا عمّا في الترسانة العسكرية الفرنسية. ومع أن الاستعمار غالبا ما كانت مسيرته متلازمة مع التبشير المسيحي، فإن حضور التبشير المسيحي، لاسيما في منطقة شمال إفريقيا شكّل في وعي المغاربة صدمة مضاعفة في مشاعرهم الدينية وإنتمائهم الثقافي أكثر مما هي صدمة حداثة كما يذهب البعض([10]). وقد ساعدت تلك الحركة التبشيرية في تكريس أعراف وثقافة الاستعمار حتى في مرحلة ما بعد الاستعمار، حيث ظلت الفرنكفونية حلة ثقافية يسهر على رعايتها الآباء البيض والأخوات البيض، فأي مواقف سجلها التبشير المسيحي في علاقة بالحضور الاستعماري وكيف وطّد وجوده في الجزائر و البلاد التونسية ؟ تولى الكاردينال تشارلز مارتيال لافيجيري([11])، سنة 1867 خطة رئيس الأساقفة في الجزائر العاصمة ومنذ الأشهر الأولى عبّر عن الطرائق التي يمكن للكنيسة أن تقدم في الجزائر خدمات عظيمة للمشروع الفرنسي التوسعي، وقد أعدّ لهذا الغرض رسالة بنيّة عرضها في سبتمبر 1867 على نابليون الثالث في فرنسا بغاية الحصول على موافقة على مشروع إنشاء مؤسسة دينية أبرشية في الجزائر هي فأسس في سنة 1868جمعية الإرساليات الإفريقية المسماة لاحقا باسم الآباء البيض، وفي السنة الموالية أسس جمعية الأخوات البيضاوات. وكان يأمل في أن يُحظى مشروعه بالدعم المالي من السلطات الحكومية في الجزائر نفسها. ويتمثل مشروع لافيجيري في إعداد مبشّرين لإرسالهم إلى عدد من المراكز بالقارة الإفريقية، وهو يهدف إلى تقديم مبشرين إلى المناطق الواقعة خارج السيطرة الفرنسية من شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء حيث ستتركز أعمال تلك الإرساليات التبشيرية على الخدمات والصحة والفلاحة ...التي سيقدّمونها للسكان الأصليين من أجل بناء علاقات تواصلية إيجابية تمهيدا لحسن تمرير التبشير المسيحي في أوساط المسلمين والأفارقة عموما. ولا يُخفي لافيجيري من خلال رسائله أن فرنسا جديدة يمكنها أن تولد بفضل الأعمال العظيمة التي يتسنى أن تقدمها الحضارة المسيحية إن جرى دعم هذا المشروع ([12] ) ولافيجيري الذي يعتقد في حقوق تاريخية لفرنسا في مناطق شمال إفريقيا بنا ءً على أصولها المسيحية القديمة، يوجه نداءه من الجزائر إلى الألزاسيين والمنفيين في اللورين([13]) سنة 1871، ليعمّروا الأراضي الجزائرية ويكثّفوا الوجود الأوروبي فيها قائلا: ''السكان المسيحيون في الألزاس واللورين الفارين في هذه اللحظة من منازلكم المحترقة وحقولكم المدمرة عبر فرنسا وسويسرا وبلجيكا والجزائر وفرنسا الأفريقية، صوتُ أسقف يفتح لك أبوابه ويمد لك ذراعيه، ستجد هنا لنفسك ولأطفالك ولعائلاتك أرضًا أكثر وفرة وأخصبًا من تلك التي تركتها في أيدي الغازي''([14]) وقد شكّل المشروع التبشيري المسيحي الذي انخرط في توطيد دعائمه وإنشاء مراكزه في شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء، لقاءً موضوعيا مع المشروع الفرنسي التوسعي ذا أدوار وظيفية عند كل مرحلة من مراحل تطوّر الوجود الاستعماري الفرنسي، فقد ساهم بدور التعبئة من منبره باستحثاث الأوروبيين على القدوم إلى الجزائر والاقامة بها والاستفادة مما توفره من منافع 🙁 يمكن للدولة أن تحصل بسهولة على ملايين الهكتارات من الأراضي ... لذا تعال إلى فرنسا الجديدة، الأكثر ثراءً حتى من الأولى والتي لا تطلب سوى الأيدي لتطوير حياة ستقوي من الوطن الام، تعالوا، نحن جميعًا على استعداد للترحيب بكم كأخوة، لتسهيل مهامكم الأولى، ومواساتكم على آلامكم. تعال، من خلال المساعدة على إنشاء سكان مسيحيين مجتهدين وأخلاقيين على هذه الأرض التي لا تزال غير مؤمنة، ستكونون رسلهم الحقيقيين أمام الله وأمام الوطن. ))[15]( كانت الحركة التبشيرية المسيحية التي انطلقت من الجزائر لتعاضد الجهود العسكرية والسياسية والادارية للسلطات الفرنسية قد تمددت في ظل نفس السياسة الاستعمارية إلى البلاد التونسية، حيث سمحت السلطات الفرنسية للمؤتمر الأفخارستي أن ينعقد في تونس بين 7 و 11 ماي من سنة 1930، وهو المؤتمر الثلاثين الدولي المسيحي بعد ما كان انعقد 25 مرة بأوروبا ومرة واحدة بآسيا (بالقدس) ومرتين اثنتين بأمريكا (مونتريال وشيكاغو) وإنعقد سنة 1928 بأستراليا (سيدناي)، فقد خرج هذا المؤتمر من أوروبا ليجوب العالم وينعقد أخيرا بإفريقيا(تونس) وهو ما يمثل خطوة متقدمة في تاريخ التبشير المسيحي. ومادامت الحكومة الفرنسية ستجني منه منافع غير قليلة فإنّها ستسهو في هذه المناسبة عن ''لائكيتها'' لتضع كل التسهيلات واللوازم الضرورية على ذمة القساوسة الضيوف وكان المؤتمر الذي إنعقدت أعماله بقرطاج قد احتضن نحو 40.000 قسيسا يلبسون لباسا شبيها بلباس جنود الحملة الصليبية على تونس التي انتهت إلى فشل ووفاة القديس لوي على أرضها. كان المؤتمر، كما يُراد له، يعيد إنتاج الماضي ليستأنف تلك الحملة الصليبية (كتب على الأعلام البيضاء التي يرفعها الشبان أيام المؤتمر ''الصليبية التاسعة'')([16]) إن إستدعاء حوادث من الماضي منتقاة من التاريخ توفر للسلطات الاستعمارية فرصة التماهي مع الحاضر وقد شهدت بداية الثلاثينات إستعادة مدروسة ومتعمّدة للماضي بمَسْرَحَةِ مشاهده وتدفق وقائعه على الحاضر بمنسوب غير مسبوق يستفز ضمير الأهالي ويتطاول على هويتهم فلجنة تنظيم المؤتمر الأفخارستي سنة 1930 التي اختارت بالتعاون مع السلطات الفرنسية عقد أشغال مؤتمرها بقرطاج، كانت تعمل على استدعاء الماضي، مستغلة موافقة المؤتمر للذكرى المئوية الخامسة عشر لوفاة القديس أوغسطين([17]) ((saint Augustin. حيث أمضى فيها هذا المفكر المسيحي الكبير، القسم الأكبر من حياته، قبل وبعد اعتناقه المسيحية، كما أن في قرطاج أحداث مهمة أيضا فقد ذكر القديس ليون التاسع([18])(St léon IX) أن ما شهده مسرح قرطاج من سقوط شهداء كان أكثر مما شهده المسرح الإمبراطوري بروما، أما مذكرات القديس سيبريان([19])(St Cyprien) فتحوم حول أطلال قرطاج أين سقط قديسون صغار شهداء، أطفالا وشبانا قرطاجنّيون. ومن هذه الزاوية، فان أهمية قرطاج لهذه المناسبة، تتمثل في أنّها تحتضن تمثال ملك فرنسا القديس لوي الذي اُقيم بها تخليدا لذكرى وفاته بها سنة 1270م، فقرطاج كانت نقطة ارتكاز عالم يجري بعثه من جديد على نحو ما شرح مرسيا إلياد (فللعيش في العالم يجب تأسيسه ولا يُمكن لأي عالم أن يُولد في ''العماء''-vc Chaos)([20]). وهذا الحدث يُمكن أن يُستعاد من الماضي لشحن الذاكرة الاستعمارية ومنح المعمّرين في الحاضر مبررات قويّة تربطهم بالمكان. ان اختيار قرطاج مكانا لانعقاد المؤتمر الأفخارستي بالتعاون مع السلطات الفرنسية، كان يمنح الذاكرة الاستعمارية فرصة استعادة المكان المقدس وإستدعاء الزمان المقدس وإستكمال دورة التاريخ في الحاضر من اللحظة ''المقدسة''-المؤتمر، فبطرح نقطة ثابتة/مركز يعادل بها خلق العالم([21]) كما كان المؤتمر مناسبة ليتم وصل ذاك الماضي بنتائج راهنة، بعد أن نصب تمثال الكاردينال لافيجري رافعا صليبه صوب جامع الزيتونة فيما السلطات الاستعمارية تحتفل بخمسينية إحتلالها لتونس (قرطاج) سنة 1931 ومئوية إحتلالها للجزائر سنة 1930 فقد شهدت بداية الثلاثينات إستعادة مدروسة ومتعمّدة للماضي بمَسْرَحَةِ مشاهده وتدفق وقائعه على الحاضر بمنسوب غير مسبوق يستفز ضمير الأهالي ويتطاول على هويتهم فلجنة تنظيم المؤتمر الأفخارستي سنة 1930 التي اختارت بالتعاون مع السلطات الفرنسية عقد أشغال مؤتمرها بقرطاج، كانت تعمل على استدعاء الماضي، مستغلة موافقة المؤتمر للذكرى المئوية الخامسة عشر لوفاة القديس أوغسطين، حيث أمضى فيها هذا المفكر المسيحي الكبير، القسم الأكبر من حياته، قبل وبعد اعتناقه المسيحية، 7 .مؤتمر برلين سنة 1870 و''الاجاصة التونسية اليانعة'' احتلت فرنسا الجزائر عام 1830 وبموجب المرسوم الصادر في 22 جويلية 1834 "المتعلق بالقيادة العامة والإدارة العليا للممتلكات الفرنسية في شمال إفريقيا" عن الملك الفرنسي لويس فيليب، ثم صدر عن المحكمة الإمبراطورية بالجزائر في 24 فبراير 1862 قرار أكدته محكمة التعقيب في 15 فيفري 1864 ينصّ على ضم الأراضي الجزائرية من قبل فرنسا لتصبح "ملكية فرنسية" ([22]) تخضع للنظام التشريعي وللأوامر الملكية الذي أنشأت بدورها وظيفة ''الحاكم العام للجزائر'' الذي عُهد إليه بالقيادة والإدارة العليا. تحوّلت فرنسا بموجب قرارات ''الضم'' (l’annexion) إلى جارة على الحدود الشرقية للبلاد التونسية وصارت كلّ التوترات التي تحدث من حين لآخر على الحدود التونسية الجزائرية، موجبة لتدخل الجيوش الفرنسية لفرض ''ضبط الأمن والاستقرار'' ([23]). في عام 1878 شاركت فرنسا في مؤتمر برلين الذي انعقد بين الدول الكبرى روســـيا وبريــطانيا والإمــــبراطورية الألـــمانية وإيــــطاليا وتركيا لتسوية "المسألة الشرقية" ولاقتسام ما تداع عن الإمبراطورية العثمانية من مناطق وكانت فرنسا التي خسرت الحرب ضد الإمبراطورية البروسية سنة 1870-1871 تسعى إلى استعادة وضعها كقوة عظمى بالتعويض عن الخسارة العسكرية والسياسية إثر تنازلها عن الألـــــــزاس واللـــــورين إضافة إلى ما فُـــــرض عليها من عقوبات مالية مهينة. وفي ختام المؤتمر تلقت فرنسا بــصورة غير رسمية إشارة من المستشار الأماني أوتـــــوا فــــان بــسمارك ( (Otto Von BISMARCK بــ''أنّ الاجـــاصة التــــــونسية قد أينعت وحان قطافها''، وأنّه صار يمكن لها أن تنال نصيبها من تـــــركة الرجـــل المــــريض معتبرا احتلال فرنسا لتونس من شأنه أن يخفف عنها وطأة الهزيمة سنة 1870-1971 ويهوّن من آثارها على الفرنسيين([24]) أما وزير الخارجية البريطاني لورد سالزبوري (Lord Salisbury) فقد ألمح إلى أن فرنسا ملزمة بقبول تونس من أجل تحريرها من البرابرة ([25]). 8 . التسرّب الاستعماري إلى تونس وقابلية الاستعمار إن الاستيلاء على الأراضي الجزائرية (سنة 1830) والانتقال منها باتجاه التمدد على الأراضي التونسية (سنة 1881) كان يندرج ضمن تغييرات عميقة تمثّلت في استثمار ما أتاحته المستجدّات الظرفية والدولية لفائدة فرنسا إثر مؤتمر برلين سنة 1878 وما ترتب عنها من ترضيات بين الدول الكبرى باقتسام تركات الرجل المريض وما بدا من تحوّلات في التفكير الاستراتيجي التوسعي لدى النخبة السياسية الفرنسية للجمهورية الثالثة الفتية، حيث جعلت من تونس تجربة تأسيسية، بابتداع مفهوم الحماية كمصطلح قانوني يساعد بصورة ملائم على عدم توريطها عسكريا بحجم ما اضطرت إليه في الجزائر موظّفة في ذلك مجمل الاتفاقات والامتيازات التي كانت بينها وبين الدولة التونسية منذ بضع عقود. 1. تسرّب الاستعمار للبلاد التونسية تعود العلاقات التونسية الفرنسية إلى سعي هنري الثاني في"الحفاظ على النظام السياسي والعدالة هناك قنصلًا للأمة الفرنسية" وكان ثمرة ذلك الاتفاق مع الطرف التونسي في إنشاء ''الفندق الفرنسي'' سنة 1577 في المملكة التونسية وهي قنصلية أتيح لعدد من التجار الفرنسيين الإقامة فيها، وحماية مصالح الفرنسيين ولمصالح الأوروبيين أيضا. وفي معاهدة أبرمت بين الطرفين التونسي والفرنسي سنة 1665 مُنح القنصل الفرنسي تفضيلا و تبجيلا يزيد على باقي القناصل الأوروبيين المقيمين في تونس على أن تعترف فرنسا من جهتها بإستقلال تونس عن الخلافة العثمانية ولا بمسؤولية الداي الجزائري عليها وهو ما فتح الباب أمام فرنسا لتبرم المعاهدات بينها وبين المملكة التونسية دون الرجوع بالرأي للباب العالي، وظلت هذه العلاقة في إطراد إلى أن أنشأت بفرنسا سنة 1846 أول سفارة تونسية. وفي سنة 1857 وتحت ضغط الدول الأوروبية سن محمّد باي ''عهد الأمان'' وهي الوثيقة كان من أهم ما تضمّنته أنّها ساوت بين التونسيين في الحقوق والضمانات مع حماية حريّة الأفراد والممتلكات من غير اعتبار للديانة أو المكانة الاجتماعية أو السياسية كما منحت الأجانب امتيازات مثل شراء الأراضي والاستقرار النهائي بالبلاد التونسية فقد سمحت مبادىء هذه الوثيقة للــ''وافدين على البلاد التونسية أن يمتهنوا سائر الصنائع مثل أهل البلاد لا فضل لأحدهم على الآخر، وقد كانت الاصلاحات التي طالت المؤسسات السياسية قد ساعدت على حمل محمد الصادق باي على إصدار دستور في 29 جانفي 1861 ( يتضمن 13 بابا و114 فصلا). الذي أقرّ سلطة تشريعية ممثلة في " المجلس الأكبر " من أهم وظائفه وضع القوانين وتنقيحها.. والموافقة على الأداءات ومراقبة الوزراء ودرس مشروع الميزانية ما وضع هذه المؤسسة في مركز متقدم في إدارة الدولة في علاقة بالباي والوزير الأكبر والوزراء. لاسيما وأنّه جعل الملك مسؤول أمام المجلس إن هو خالف القوانين، بما قيّد من سلطته المطلق 2. القابلية للاستعمار مع تنام عجز الميزانيّة التّونسيّة سنة 1860. وتردي وضعية المالية العمومية بسبب الاختلاسات (سرقة محمود بن عيّاد لمبلغ 80 مليون ريال سنة 1856 ) و(سوء تصرّف مصطفى خزندار وزير الماليّة ثم وزير أكبر واختلاسه كان ذلك سببا في تفاقم الأزمة الماليّة للبلاد التّونسيّة). وقد اضطرت الدولة التونسية إلى الاقتراض أكثر من مرّة بفوائض مرتفعة من الدول والبنوك الخارجية ما راكم بذمتها ديونا عجزت على سدادها([26]). ساهمت انتفاضة 1864 في زيادة تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد التونسية إلى غاية سنة 1867 حين علّق الباي سداد الديون جزئيّا وأمام عجز الدولة التونسية عن الإيفاء بوعودها وتسديد ما عليها من ديون خارجية لفائدة المصارف والحكومات الأوروبية انتصبت في أفريل 1869 بتونس "اللجنة المالية الدولية" المعروفة باسم "الكمسيون المالي والتي كان يرأسها الوزير خير الدين بـــــاشا ولاحقا مصطفى بن إسماعيل وإدارة الفرنسي فــــــــيكتور فــــــيلّي (Victor Villet) وأهم الدول المعنية بالديون، وهي إيطاليا وإنجلترا وفرنسا. فاُخضِعت المالية التونسية وتجارتها من صادرات وواردات للرقابة والتصرف الدوليين، وقيّدت اللجنة من صلاحيات النقض والابرام للباي في الشؤون المالية، وقد نجحت فرنسا بذلك في إحكام هيمنتها على إقتصاديات البلاد وماليتها، ما هيّأ لخيار التوسّع سياسيا وعسكرية([27]). اعتبرت حكومة "جول فيري"Jules Ferry" الأولى (1880-1881) إثر مقتل شاب من أولاد سدرة من قبيلة خمير على يد أفراد من قبيلة ناهد الجزائرية أن ما جرى كان كافيا لتأمر بوجوب التدخل عسكريا في التراب التونسي والحصول على مبلغ مالي "لإعادة الأمن لحدودها الشرقية الآمنة" وفي يوم 07 أفريل 1881 حصلت حكومة جول فيري على موافقة البرلمان الفرنسي بإسناده منحة مالية بقيمة 5.7 مليون فرنك لتمويل الحملة([28]). في 24 أفريل 1881 جاوز 24.000 جندي جيش البر الفرنسي ولاية سوق هراس الحدود التونسية مدعوم ببوارج حربية قادمة من قاعدة طولون البحرية وفي غرّة ماي 1881 احتل مدينة بنزرت400 جندي من جنود البحر الذين نزلوا من البواخر وتتالت بعدها التعزيزات العسكرية([29]). ما قدمنا من سياقات أوروبية ودولية وإقليمية وتونسية محلية كان عرضاً مجملا للعناصر التاريخية التي أنضجت ''الاجاصة التونسية'' وجعلتها جاهزة للقطف وهيّأت للتحرك الفرنسي باتجاه البلاد التونسية سنة 1881، كان ذلك يجري ضمن توازنات دولية واقتسام للمناطق الحيوية في الداخل الأوروبي كما في عالم ما وراء البحار وكانت تلك الاقتسامات تتم في إطار من الترضيات التي تتوافق الدول الشريكة في المشروع الاستعماري على إقرارها. ومن ثم يتحوّل هذا الوضع إلى أمر واقع يقرره الأقوياء ويُفرض على الضعفاء ويثبّت بمعاهدات تلتزم الدول والخاسرة أو الضعيفة حتى وإن لم تدخل حربا، على التوقيع والتعهّد باحترامها. لا ينطوي المشروع الاوروبي التوسعي على أي رسالة إلا القوّة ولم يكن يوما مشروعا يحمل ''رسالة تنويرية'' قد تدّعيها الدول الاستعمارية، فالمهمة هي التوسع والمزيد من التوسّع كلّما كان ذلك متاح، فالمؤسسات الاستعمارية إستعدت بترسانة من العلوم الاستعمارية واكتسبت مهارات ميدانية فائقة يكفيها لتبرر كلّ شيء وابتداع أي شيء يمنح توسعاتها، الشرعية المناسِبة بمعاهدات وقواعد وقوانين دولية على المقاس. وهو ما سنشرحه في القسم التالي في إطار السياسة الاستعمارية الفرنسية في علاقتها بالبلاد التونسية من خلال تحليل تعاطيها فهمًا وتطبيقًا مع مسألتي السيادة والحماية. *- باحث في التاريخ المعاصر – تونس [1] - عرفت أوروبا منذ 1815 أزمة اقتصاديةّ تمثلت في تراجع الإنتاج وتقلّص فرص التصدير بسبب اكتفاء السوق من الحاجة إلى المواد الاستهلاكية، في وقت صارت فيه إيطاليا وألمانيا بداية من 1870 من بين الدول المصنعة بينما إستكملت انجلترا وفرنسا وحدتهما الترابية...) من جهة ثانية عرفت أوروبا أزمة مالية: تمثلت في تراجع فرص الاستثمار والإقراض البنكي ونسب الفائدة داخل وخارج أوروبا...) أما من الناحية الديمغرافية فقد إرتفع عدد سكان أوروبا من 270 مليون نسمة سنة 1870 إلى 420 مليون نسمة سنة 1900) وقد قوّت جميع هذه الظروف في قناعة السياسيّين بأنّ الحلّ الأمثل يكمن في التوسع خارج أوروبا باتجاه القارة الإفريقية وأجزاء كبرى من آسيا. [2]-Jules Ferry (1885): Les fondements de la politique coloniale (28 juillet 1885) ; http://www2.assemblee-nationale.fr/decouvrir-l-assemblee/histoire/grands-discours-parlementaires/jules-ferry-28-juillet-1885 [3]- Idem. [4]- Idem. [5] - Idem. [6] - جان جاك روسو : العقد الاجتماعي أو مبادئ القانون السياسي، ترجمة عبد العزيز لبيب، المنظمة العربية للترجمة، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت، 2011. [7] - الغيريّة : يقصد بها، الآخر في معنى المغاير ، الغريب والمختلف وهو غير الأنا ، لأنّه كيان ،في وعي الأنا، منفصل عن الأنا ويستقل بنفسه في هوية مغايرة... [8]- جان ماري بونوَا : ورد في من مقال “أوجه الهوية”، ترجمة: عبد السلام بن عبد العالي، مجلّة الفكر العربي المعاصر، العدد 39، لسنة 1986، بيروت، ص: 78. 8- CLASTER, Pierres, la société contre l’Etat, Recherches D’anthropologie Politique, Leséditions De Minuit,1974. [10] - لم تكن النخب العربية قليلة الاطلاع بما يتحقق في الغرب من تقدم علمي، وحضاري، فحركات التحديث كانت إنطلقت في التجديد قبل قدوم جيوش الاستعمار إلى بلاد العرب والمغرب ( رفاعة الطهطاوي، بطرس البستاني ...خير الدين باشا، عبد الرحمان الكواكبي ...) ويجب أن نذكر أن الاستحمام لم يكن من عادات الاوروبيين، التي اكتشفها الصليبيون خلال حملتهم على بيت المقدس وبلاد الشام ، الذين نشروا تلك الثقافة بعد عودتهم إلى أوروبا حيث شهدت عادات الاستحمام في القرن الثاني عشر والثالث عشر تبدأ في الانتشار.......أما من جهة صدمة الدين.. فالمغاربة جميعهم مسلمون سنّيون مالكيون واللسان العربي من خلال القرآن الكريم والعلوم الشرعية توحّد نخبتهم العلمية أكانوا عربا أم أمازيغ، لذلك يصعب على أبناء شمال إفريقيا أن يفهموا كيف يمكن للمريء أن يكون عربيا أو ناطقا بالعربية ولا يكون مسلما، فالاسلام هو العروبة والعروبة هي الاسلام، [11] - الكاردينال تشارلز مارتيال لافيجيري : عمل أستاذ تاريخ بجامعة السربون بباريس بين 1854-1856 اتجه إلى سوريا لمساندة الحركة التبشيرية عن طريق التعليم. ثم تولى خطة أسقف بمدينة نانسي (Nancy) الفرنسية سنة 1863 وفي سنة 1867 تحوّل إلى الجزائر ليصبح كبير أساقفتها فأسس سنة 1868 جمعية المبشرين بالجزائر التي تعرف باسم الآباء البيض وأسس في السنة الموالية جمعية الأخوات البيضاوات وكان يهدف بعمله تحويل مسلمي الجزائر إلى المسيحية معتبرا الجزائر مدخلا مهما نحو إفريقيا وقد أرسل منها بالفعل عددا من البعثات التبشيرية. أما في تونس فقد مهّد للحضور الاستعماري بدعم التعليم فيها منذ سنة 1875،و أعاد إحياء كنيسة قرطاج القديمة ومنحها إسم كنيسة القديس لويس، وفي سنة 1882مُنح صفة كاردينال . توفي بالجزائر في نوفمبر 1892 ونُـــقل جُـــــثمانــــه إلى تونس ليُدفن في كاتدرائية سان لويس بقرطاج. وقد جرى في تونس إحياء ذكرى مئوية ولادته سنة 1925، فنصب له تمثال عند مدخل المدينة العربية يحمل بيده اليمنى صليب وباليسرى الانجيل يرفعهما إلى أعلى متوجّها بهما نحو جامع الزيتونة. وبالاتفاق مع دولة الاستقلال قامت السلطات الفرنسية بإزالة التمثال ونقله إلى فرنسا إثر الاستقلال. [12] - - https://histoirecoloniale.net/L-Algerie-francaise.html [13] - : الألزاس واللورين : إقليم يقع شمال شرق فرنسا تحده سويسرا من الجنوب، ولوكسمبرغ من الشمال، ومن الشرق نهر الراين وتُقدر مساحة الإقليم بـ8280 كيلومترا مربعا بطول يُقدر بـ190 كيلومترا وعرض يناهز 50 كيلومترا. تقنطن إقليم الألزاس واللورين مجموعات فرنسية وألمانية ونمساوية ومجموعات من الروم أو الغجر. و مدينة ستراسبورغ هي أهم حواضر الألزاس واللورين ويوجد بها مقر البرلمان الأوروبي، هي موضع نزاع مستدام بين ألمانيا وفرنسا، فقد احتلتها مملكة بروسيا في حرب 1870، وقد ظلت بروسيا وبعدها ألمانيا تعتبر الألزاس جزءا من مجالها اللغوي والعرقي، لكن الهوية الفرنسية للمنطقة قديمة، فسكان الألزاس (أو الألزاسيون) شاركوا بنشاط في الثورة الفرنسية، وقيل أنّهم أول من لحن وغنى النشيد الوطني الفرنسي (لا مارسييز). وقد عادت الألزاس واللورين إلى فرنسا عام 1945 في نهاية الحرب العالمية الثانية. [14] - https://histoirecoloniale.net/L-Algerie-francaise.html [15] - Idem. [16] - جاء في إحدى خطابات بورقيبة عن هذه المناسبة قوله : ( المؤتمر الأفخارستي كان نكبة، مصيبة، لم يعد الواحد يستطيع الخروج إلى الشارع في تونس، امتلأت الدنيا بالباباويين، وكان الشبان الصغار يلبسون كسوة تشبه كسوة الحروب الصليبية، كما في حملة سان لوي التي توقفت هنا في قرطاج، ومات أثناءها الملك بالكوليرا. كانوا يضعون على العلم الأبيض''الصليبية التاسعة''، بمعنى: لم ندخل سنة 1272 زمن المستنصر بالله و سان لوي، فها إننا قد دخلنا إلى تونس الآن.) من تسجيل صوتي لخطاب بورقيبة/ https://www.youtube.com/watch?v=muF8uOL4exY [17] - القديس أوغسطين ((saint Augustin : ( نوفمبر 354 وتوفي في أغسطس 430) ولد في مملكة نوميديا التي كانت مقاطعة رومانية من أمّه الأمازيغية القديسة مونيكا و والده الوثني باتريسيوس الأفريقي- اللاتيني، تلقى تعليمه في روما و تم تعبيده في ميلانو ذهب إلى قرطاج لإتمام تعليمه في علم البيان، عمل في التدريس بتاغست و في قرطاج. وفي صيف 386 ال وبعد قراءته سيرة القديس انطونيوس الكبير اعتنق المسيحية، عاد إلى تاغست و أسس ديرا عام 391 وسُمي كاهنا في اقلي مهيبو (عنابة اليوم) وفي 396 تم تعينه اُسقفا مساعدا في هيبيو وبقي أسقفا حتى وفته عن عمر يناهز 75 عاما بينما كان الفاندال يحاصرون هيبيو. [18] - القديس ليون التاسع (St léon IX)، (جويلية 1002- أفريل 1054) انتخب للبابوية سنة 1049 إلى وفاته، تم تقديسه من قبل الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، اعتبرته الكنيسة الكاثوليكية الأرثوذكسية زنديقا، من أشهر أعماله إصداره مراسيم ضد بيع و شراء المناصب اللاهوتية وضد زواج الكهنة. [19]- القديس سيبريان (St Cyprien): ولد سنة 200 بشمال افريقيا ربما بقرطاج وتوفي بقرطاج في سبتمبر 258 ، كان أسقف قرطاج منذ 249 وهو أبا و كاتبا مسيحيا يرجح أنه من أصل أمازيغي من أعماله خدمة والتضحية من أجل الفقراء في قرطاج، تمسك بعقيدته المسيحية إلى أن تم إعدامه سنة 258 م. [20] - مرسيا إلياد : المقدس والمدنس، ترجمة عبد الهادي عبّاس المحامي، دار دمشق، ط 1988، ص18 [21] - مرجع سابق ، ص18 [22]- رغم ضم الجزائر إلى فرنسا بموجب القانون فإنهم كانوا محرمون من حقوق المواطنة المتساوية مع الفرنسيين وفق القانون ولم يُمنح الحق في الحصول على الجنسية الفرنسية المتساوية قانونيًا إلا في عام 1945، الذي رفضت الإدارة الفرنسية في الجزائر تنفيذه لفائدة الجزائرين. [23] - تذرعت حكومة "جول فيري" Jules Ferry" الأولى (1880-1881) إثر مقتل شاب من أولاد سدرة من قبيلة خمير على يد أفراد من قبيلة ناهد الجزائرية لتنادي بوجوب التدخل عسكريا في التراب التونسي والحصول على مبلغ مالي لإستعادة الأمن على الحدود الجزائرية التونسية، وبعد تصويت476 نائبا لفائدة ذلك ورفض 474 نائبا، حصل "جول فيري" يوم 07 أفريل 1881 على موافــــقة البرلمان الفرنسي بإسناده منحة مالية بقيمة 5.7 مليون فرنك لتمويل الحملة. [24] - Andre Engel (Autor), 2009, Zur französischen Kolonialpolitik in Tunesien vom Berliner Kongress 1878 bis zum Beginn der 80er Jahre des 19. Jahrhunderts, München, GRIN Verlag, https://www.grin.com/document/70328 [25] - Idem. [26] - علي المحجوبي: إنتصاب الحماية الفرنسية بتونس،سلسلة ما يجب أن تعرف عن، تعريب عمر بن ضو وحليمة قرقوري وعلي المحجوبي، طبعة 1986،سراس للنشر، تونس،ص 27. [27] - مرجع سابق، ص27 [28] - نفسه، ص 40. [29]- نفسه، ص 44.