داعيًا الشباب إلى الإيمان بإمكانية التغيير وقوته وجدارة إنجازه، ما يزال الرئيس التونسي الأسبق وأول رئيس للجمهورية بعد الثورة المنصف المرزوقي، متمسكًا بنظرية التجربة والخطأ كمعيار لتحقيق الإضافة، و”إن بدت بسيطة ضمن سلسة طويلة من الأجيال”، ما يزال أمل التغيير مناطًا بها.
عند مدينة سوسة حيث اختار الإقامة بها بعد اعتزال العمل السياسي وتفرغه للكتابة، يطرح المرزوقي في حوارٍ مع موقع “القنطرة” قراءته للمشهد الدولي في خضم وباء عالمي يكتسح العالمي وموجة ثانية من العدوى تلوح أشد فتكًا، وإزاء تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية في العالم، والتي قد تكون منطلقًا لموجة جديدة من الثورات في العالم.
ينطلق المرزوقي من موقع الطبيب وتجربته في تقييم محنة كورونا، ليصفها بكونها “فرصة تعلمنا التواضع على أساس أن العالم ليس لنا فقط “فالطبيعة التي خيل للإنسان قدرته على السيطرة عليها وتسيرها، مازلت قادرة على هزيمة البشر والذي “ما يزال جزء من العلم لا سيدا له”.
يقابل الرئيس التونسي الأسبق في ذات السياق، ما ينشر عن تحقيق تقدمٍ كبيرٍ وسريع على صعيد ابتكار لقاحات للكورونا، بكثيرٍ من التشكيك، معتبرًا أن “هنالك نوعا من الكذب والتدجيل على الشعوب”، وأنه “لا وجود للقاح قريب وبهذه السهولة”، برغم حالة التضامن العالمي التي كرست تعاونًا غير مسبوق لتسريع البحث العلمي لمواجهة الفيروس.
على الصعيد السياسي، يدفع الرئيس التونسي الأسبق عن نفسه تهمة “الهوس المبالغ فيه بمنطق الثورات، كما يروج عنه معتبرًا أن معادلة الثورة تقوم على قاعدة “أن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج”، ما يرجح حسب رأيه أن الملايين من الشباب العرب المصابين بالإحباط نتيجة البطالة، لن يقبلوا العيش تحت حكم طغمة سياسية فاسدة، ويجعل استمرار الثورات إمكانية واردة حتى قيام توازن اجتماعي والطبقي داخل المجتمعات.
لا يستبعد الرئيس التونسي الأسبق، أن تغذي مضاعفات الجائحة اقتصاديًا نهج الثورات الاجتماعية بالعالم إلى مستوى ينذر بالفوضى، نتيجة عجز أغلب الحكومات على التجاوب مع متطلبات الأزمة.
التطبيع المزيف والثورة المضادة
في حديثه عن موجة التطبيع الأخيرة التي تقودها الإمارات، اعتبر المرزوقي أن هذا الوضع “نتيجة طبيعية لحالة الضعف والإنهاك التي انتابت الشعوب العربية خلال السنوات الماضية نتيجة الثورات”، ما جعل رد فعل الشارع العربي محدودًا تجاه هذه الخطوة، لكن “ما بالقلب يظل بالقلب”، حسب تعبيره، الأمر الذي يجعل هذه الاتفاقيات بمثابة تطبيعٍ مزيفٍ، وقع على صعيد “أنظمةٍ غير شرعيةٍ، ولا تمثل شعوبها.
ورداً على السؤال المتعلق بتشبثه بنظرية استمرار موجة الربيع العربي حتى تطال كل الأنظمة الفاسدة، بين المرزوقي أن قراءته لا تعبر عن رؤية غير واقعية، بقدر ما تمثل قراءةً لحركة التاريخ ومساراته، والتي تثبت أن مصير “هذه الأنظمة الأنظمة الاستبدادية التي تعدنا بالأمن مقابل الاستسلام والخنوع”، سيكون محتومًا بالسقوط.
كما يتنبأ المرزوقي بموجة ثورية قادمة في تونس دون تحديد لإطارها أو منطلقاتها، وقد تنتهي إلى تصحيح مسار 11 جانفي حسب رأيه، خاصة على مستوى التعاطي والحسم مع رموز الثورة المضادة، حيث يقر أن من بين أخطائه السياسية “هو التسامح مع هؤلاء الناس”، مشددًا على ضرورة ردعهم بالقانون.