لطفي االنايب
تعد الكرة الذهبية أثمن الجوائز في عالم كرة القدم، على الرغم من أن ليس فيها من الذهب غير لونها. منذ سنة 1956 تقّدم مجلة فرانس فوتبول الفرنسية الجائزة لأفضل لاعب كرة قدم كل عام استنادا إلى تصويت الصحفيين.
كانت الجائزة تمنح لللاعبين الأوروبيين دون غيرهم، قبل أن يقع تعميمها على جميع لاعبي العالم مع دخول عالم الاحتراف وبروز لاعبين متميزين من إفريقيا وأمريكا الجنوبية منذ سنة 1995 ومُنحت للمرة الأولى والوحيدة للاعب إفريقي وهو الليبيري جورج واياه مهاجم ميلان الإيطالي.
تشمل عملية التصويت 170 صحفيا رياضيا من العالم، يختار كل واحد منهم قائمة تضم 5 لاعبين يقع ترتيبهم حسب الأفضلية وباحتساب النقاط وفي الأخير ينال صاحب أكثر عدد من الأصوات الجائزة.
الرمز الذي يحلم به أغلب لاعبي كرة القدم في العالم لا يقدّر بثمن وصاحبه لا ينال مكافأة مالية، لكن قيمته المعنوية كبيرة جدا تمنح اللاعب لقب الأفضل في العالم من بين ملايين ممارسي هذه الرياضة.
جائزة ميسي ورونالدو!
طيلة خمسين سنة لم تواجه الجائزة أية انتقادات، فالإعلام والجمهور يتفقان على نتائج التصويت إجمالا مع استثناءات، وكانت الجائزة تذهب إلى مستحقيها، لكن منذ سنوات أصبح حفل توزيع الكرة الذهبية محل جدل واسع وصارت نتائج التصويت مثيرة لسخط الجمهور ونقد الصحافة.
لا أحد يشك في ما قدمه الثنائي كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي لكرة القدم وجماهيرها طيلة أكثر من 15 عامًا، لكن احتكارهما جائزة الكرة الذهبية في إحدى عشرة مناسبة أفقدها مصداقيتها وقتل التنافس وأجهض أحلام بقية اللاعبين في نيلها مهما فعلوا.
يحمل سجل الكرة الذهبية مظالم كثيرة تعرّض لها لاعبون في حضرة رونالدو وميسي، ففي سنة 2010 انتظر الجميع أن تُمنح الجائزة للإسباني أندرياس إينيستا أو الهولندي ويسلي شنايدر. فالأول توّج بلقبي الدوري والكأس في إسبانيا ورفع كأس العالم مع منتخب بلاده بتميّز أشاد به الجميع، أما الثاني فقاد فريقه إنتر ميلانو الإيطالي إلى الفوز بثلاثية تاريخية من خلال ألقاب كأس ودوري إيطاليا ودوري أبطال أوروبا، فضلا عن لعب نهائي المونديال مع هولندا. لكن في الأخير صُدم الجمهور عندما ظهر اسم ميسي وهو الذي قدّم موسما رائعا لكنه لا يضاهي ما قدمه منافسيْه.
الحادثة تكرّرت سنة 2013 لكن هذه المرة مع البرتغالي كريستيانو رونالدو، اللاعب حلّ ثانيا في الدوري الإسباني وغادر رابطة الأبطال في الدور نصف النهائي ولم يفز بلقب مع البرتغال لكن في النهاية توّج بالكرة الذهبية لإنجاز فردي حققه بتسجيله سبعين هدفًا خلال تلك السنة مع ريال مدريد ومنتخب بلاده.
جائزة رونالدو أجمع جزء كبير من جمهور كرة القدم والإعلام في العالم أنها من أعظم السرقات في تاريخ الجائزة لأن الجميع انتظر الفرنسي فرانك ريبيري للتتويج بها حين قدم مهارات عالية ذلك العام على عشب الملاعب وتوج بثلاثة ألقاب مع بايرن ميونيخ الألماني وهي دوري البوندسليغا وكأس ألمانيا ورابطة الأبطال الأوروبية.
نتائج التصويت وصفها ريبيري بأنها سرقة واتهم المصوتين بالانحياز.
الموضوع تكرّر أيضا مع مدافع ليفربول فيرجيل فان دايك سنة 2019 عندما ذهبت الجائزة لميسي رغم فارق الإنجازات.
نفوذ خارجي شوّه الجائزة
إلى جانب خطفهما الأضواء إعلاميا وجماهيريا، فإن سيطرة ميسي ورنالدو جعلت البعض يتحدث عن تدخل عوامل خارجية لحصر التنافس بين الثنائي والتأثير على التصويت، فالثقل المالي ونفوذ فريقي برشلونة وريال مدريد كان في خدمة لاعبيْهما. كما أن العلامات التجارية الراعية للثنائي النجم استغلت سلطتها ودفعت إلى الانحياز لجهة على حساب الآخرين.
من جهة ثانية، توجّهت الانتقادات إلى معايير التصويت التي تتغير، حسب أهواء المصوتين، فالجائزة كانت تقدّم إلى الأجدر على المستوى الفردي والجماعي ومساهمته في التألق مع فريقه ومنتخب بلاده وأيضا الألقاب التي توّج بها، لكن الكرة الذهبية الحديثة أصبحت تتقاذفها العاطفة وأهواء المصوتين والصراع الثنائي بين برشلونة وريال مدريد وميسي ورنالددو ما حرم لاعبين كثر من شرف اللقب رغم استحقاقهم.
سرقات سابقة
في تاريخها، مُنحت الكرة الذهبية لغير مستحقيها في مرات كثيرة، ولعل أشهر الجوائز التي لم تُمنح للأجدر، جائزة العام 1996 التي فاز بها المدافع الألماني ماتياس زامر على حساب الظاهرة البرازيلية رونالو نازاريو الذي كان أفضل لاعب في العالم مع برشلونة والبرازيل.
لكن تتويج زامر بلقب كأس أوروبا مع المانشافت ومستواه الرائع في التلك الدورة منحاه اللقب كثاني مدافع ينال المكافأة بعد فرانز بيكنباور.
سنة 2003، لم يستحق التشيكي بافيل ندفيد الجائزة بشهادة الجميع بمن فيهم لاعبي اليوفي فريقه أنذاك. فالأجدر بها كان الفرنسي نجم الجيل الذهبي لأرسنال تيري هنري.
الجائزة سُرقت من حارس المرمى الإيطالي جيانلويجي بوفون سنة 2006 ، فهو بطل كأس العالم وبطل إيطاليا وصاحب الكأس مع جوفنتوس. الجائزة ذهبت لزميله في المنتخب والفريق المدافع فابيو كانافارو، لكن الجميع يعتبر أن كانافارو لم يكن أفضل لاعب في العالم.
لكن السرقة الأشهر حصلت سنة 2000 واعترف بها الفائز بالجائزة. البرتغالي لويس فيغو توّج بالكرة الذهبية على حساب الفرنسي زين الدين زيدان والإيطالي فرانشيسكو توتي، لكنه وجّه رسالة إلى الأخير قال فيها: “آسف لسرقة الكرة الذهبية عام 2000، كنت تستحق الفوز بها”.