تونس سياسة

الكحلاوي: “المعارضة تمر بإحباط والوضع يتسم بـ”دهشة سياسية”

الأحزاب السياسية في تونس ستجد أمامها تحد كبير قوامه مدى قدرتها على تجديد نفسها خاصة مع بداية أفول الرموز القديمة

اعتبر المدير العام السابق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية طارق الكحلاوي “صمت المعارضة في الفترة الحالية لا يمثل بالنسبة إليها حالة تأمل وإعادة ترتيب البيت، بل هي إحباط ومشكل نفسي سياسي”.

وأضاف الكحلاوي في تصريحه للأناضول الإثنين أن : “هناك أكثر من ملف يمكن أن تطرحه المعارضة مثل الميزانية وأزمة فقدان بعض المواد الأساسية وغياب المحكمة الدستورية في قانون المالية الجديد”.

وتابع أنه : “حتى من داخل منظومة 25 جويلية (المساندة للرئيس سعيد) هناك ارتفاع وتيرة معارضة”.

وتابع الخبير السياسي أنّ “هناك حالة من الدهشة السياسية العامة بعد الانتخابات الرئاسية من كل الأطراف”.

وفي 25 جويلية 2021 بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية، شملت حل مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

وحول تأثيرات الانتخابات الأخيرة على الوضع الحزبي في تونس، اعتبر الكحلاوي أن “هناك حالة صدمة فالأطراف السياسية كان لديها توجهان تجاه الانتخابات، التجاهل ثم المقاطعة، وهي مواقف تتقاطع من عدم أخذ الانتخابات الرئاسية بجدية”.

وأردف: “حتى مَن شارك، شارك بتأخر ومَن قاطع لم يكن يعرف ماذا يفعل، والاثنان تفاجآ بعدد المصوتين في الانتخابات لصالح سعيد الذي بلغ 2.4 مليون صوت”.

و”هناك تعليقات من سياسيين تسخر من الشعب على هذا الاختيار، لكن الأمر كان يعكس مأزقا للسياسيين، وليس فهما ومحاولة للتدارك”، وفق الحكلاوي.

وزاد بأن “الأحزاب تركت أمر الانتخابات الرئاسية إلى آخر لحظة ولم يتم التفاعل مع الموضوع إلا في ماي وجوان الماضي وكان الأمر متأخرا جدا”.

وحول انتقال الصمت تجاه أوضاع تونس من الأحزاب إلى المنظمات الفاعلة، قال الكحلاوي إن “أوضاع اتحاد الشغل اليوم تعتبر من أحدث مظاهر إحباط النخبة السياسية والنقابية”.

وأردف: “المنظمات الكبرى غائبة تماما، واتحاد الفلاحين يعاني عدم استقرار في القيادة، واتحاد الشغل لديه أزمة سياسية خطيرة منذ مجلسه الوطني في سبتمبر الماضي

وزاد: “والآن خرجت للعلن أزمة اتحاد الشغل بعد أن دعا الاتحاد الجهوي بصفاقس و5 أعضاء من المكتب التنفيذي إلى مؤتمر استثنائي لتجديد القيادة”، حسب الكحلاوي.

واستطرد: “بينما يعتبر الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي أن ذلك (المؤتمر الاستثنائي) غير ممكن وفق القانون الأساسي، وهو ما يعكس تبرم قواعد الاتحاد من الوضع العام”.

وردا على الرأي القائل إن الأحزاب السياسية في تونس فقدت مبررات وجودها، اعتبر الكحلاوي أن “الرئيس يرى أن الأحزاب زائلة مستقبلا ولا يتحاور معها ولكنه لا يدعو إلى حلها”.

واستدرك: “لكنني لا أعتبر ذلك صحيحا، فما دام هناك صراعات فسنحتاج للأحزاب والنقابات كأجسام وسيطة تنقل مشاغل الناس وتعقلنها وتؤطرها”.

ورأى أنه “من الصعب أن يزول الإحباط مع وجود نفس الوجوه القيادية والرموز الحالية للنخبة، ويمكن أن تذهب في مسار تجديد النخب السياسية والنقابية، وهذا يحتاج وقتا وهي مرحلة ضرورية للمستقبل”.

وحسب الكحلاوي: “سيكون هناك تحدٍ: هل الأحزاب السياسية والمنظمات قادرة على تجديد نفسها أم لا؟ لن يكون الأمر سهلا، لأن نهاية الرموز القديمة وأخذ رموز جديدة مكانها سيستغرق وقتا ومخاضا”.

وفيما يتعلق بالوضع الإقليمي وآخر التطورات السورية اعتبر الكحلاوي أن “بعض الأحزاب ترى في الحدث السوري رافعة لنشاطها، لكنه ليس محددا للداخل التونسي”.

وتابع الكحلاوي: “بيانات بعض الأحزاب بعد سيطرة جبهة تحرير الشام على دمشق، والتي تحاول استيراد حرارة الحدث السوري إلى تونس لتدفئة البرود السياسي، غير واقعية”.

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري سيطرت فصائل المعارضة السورية على العاصمة دمشق، وأنهت 61 عاما من حكام نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.