تونس

الفقر وضعف المنظومة الاجتماعية يعمق نزيف الهجرة غير النظامية بين القاصرين في تونس

كشفت نجلاء عرفة عضو منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن ضعف الإحاطة بالمراهقين  من بين العوامل الأساسية التي تسببت في تفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية في أوساط القاصرين.

وأشارت نجلاء عرفة في تصريح لبوابة تونس، إلى تضخم معدلات الانقطاع عن الدراسة في صفوف المراهقين والقاصرين سنويا وغياب بدائل اجتماعية أو برامج رسمية للإحاطة بهم أو تأهيلهم، ما يجعل من الشارع البديل الطبيعي وبالتالي تعرضهم لمخاطر الانحراف.

وقالت عرفة “إن المنظومة الاجتماعية تتعامل مع اليافعين والمراهقين بأسلوب كلاسيكي دون مواكبة التحولات الطارئة على عقلياتهم ونمط تفكيرهم واحتياجاتهم النفسية وأوضاعهم المادية، وهو ما تسبب في حالة من القطيعة المتزايدة بين المؤسسات الاجتماعية وهذه الشريحة من الشباب التي تواجه تزايد مستويات الإحباط واليأس”.

واستشهدت محدثتنا في هذا السياق بحالات تلاميذ متفوقين في البكالوريا بمعدلات جيدة قاموا بالإبحار باتجاه السواحل الإيطالية، وكذلك الأم التي ركبت البحر مع ابنها بهدف علاجه على الضفة الأخرى، مضيفة “لابد من طرح السؤال في مواجهة هذه الحالات عن الأسباب والدوافع العميقة لهذه الظاهرة التي تكمن في تفاقم التهميش الاجتماعي وعدم التعامل مع هذه الحالات كمواطنين كاملي الحقوق”.

وكشفت دراسة حديثة لمنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن ارتفاع عدد القاصرين التونسيين الذين وصلوا إلى السواحل الإيطالية عن طريق الهجرة غير النظامية، إلى حوالي 2500 حالة من بينهم أكثر من 1900 شخص دون مرافق.

وحسب إحصائيات الدراسة فقد تمكن 200 قاصر من الوصول إلى السواحل الإيطالية خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ووصف منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الظاهرة بأنها “تعكس جزءا من الواقع المزري للطفولة في تونس”

ومع تصاعد مشاكل التهميش الاجتماعي وغياب برامج الإنصات والمتابعة النفسية للمراهقين الذين يواجهون مشاكل الفقر والبطالة وغياب الأفق، تتحول الأحياء الشعبية وأحزمة الفقر بالمدن الكبرى والعاصمة تونس إلى خزان ديمغرافي لعمليات الهجرة غير النظامية التي تجذب اليافعين والمراهقين.

ونقلت نجوى عرفة في هذا السياق حديث أحد القاصرين الذي اعترف برغبته في الهجرة باتجاه إيطاليا خلال دراسة ميدانية أجراها المنتدى ببعض المناطق الشعبية، و أجاب المراهق ردا على سؤال “ألا تخشى من مخاطر الموت أثناء عبور البحر سرا؟”، قائلا “لماذا تنظرون إلى الموت من الجانب الجسدي فقط أنا هنا ميت اجتماعيا”.

كما تطرقت محدثتنا في السياق ذاته إلى البيئة الأسرية الهشة التي تساهم في توجه القاصرين نحو الهجرة غير النظامية بسبب أوضاع عائلاتهم وظروفهم المادية الصعبة، الأمر الذي يجعلهم متساهلين أو مرغمين على القبول بها بحكم عدم وجود خيارات بديلة.