الغموض مستمر.. من سينافس سعيّد في الرئاسية؟

ونحن نقترب شيئا فشيئا من افتتاح الزمن الانتخابي الخاص بالانتخابات الرئاسيّة يتزايد الغموض حول تفاصيلها وقائمة المنافسين المحتملين لقيس سعيّد.

أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الاستحقاق الرئاسي سيجري في خريف هذا العام.

وأكد رئيس الهيئة فاروق بوعسكر، الخميس الماضي، أنه سيتم تحديد جدول الانتخابات الرئاسية عقب إعلان النتائج النهائية لانتخابات المجلس الوطني للجهات والأقاليم وتشكيل الغرفة البرلمانية الثانية.

وأضاف بوعسكر أن الهيئة ستحدد أيضا بمقتضى قرار لها شروط الترشح، التي يجب أن تكون متطابقة مع نص الدستور في الفصول 88 و89 و90 ومتطابقة أيضا مع القانون الانتخابي.

وبشأن إمكانية تنقيح القانون الانتخابي، قال بوعسكر إنها مسألة خارجة عن نطاق هيئة الانتخابات، إلا أنه أشار إلى أن الهيئة ستطبق التنقيح إذا ما تم، رغم استبعاده ذلك.

من سينافس سعيّد؟

وإن كان ترشّح الرئيس الحالي قيس سعيّد لعهدة رئاسية جديدة مسألة تبدو محسومة، إلا أن الغموض ما زال يلفّ من سينافسونه في ذلك السباق.

خاصّة أنّه سيجري في مناخ سياسي مختلف جذريا تقريبا عما كان سائدا قبل 25 جويلية.

فقد أكّد قيس سعيّد، في لقاء جمعه برئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، ضرورة التصدّي للإخلالات القانونية في كل مراحل العملية الانتخابية من تقديم الترشحات، وحملة انتخابية، وفي عملية الاقتراع نفسها.

وأشار إلى أنه ليس من المقبول أن يتم اعتماد ترشحات لأشخاص تتعلق بذمتهم قضايا خطيرة من قبيل الإرهاب، دون أن يوضح كعادته من المقصود بذلك التوصيف.

وهو ما اعتبره مراقبون إشارة إلى تكييف التشريعات لإقصاء منافسين محتملين واستبعادهم من السابق بالاعتماد على مسوّغات قانونيّة.

وهذا استنادا إلى حملة الاعتقالات التي طالت سياسيّين ورموز حزبيّة من الصفّ الأول والتي كان يمكن أن تنافس سعيّد في الانتخابات.

المعارضة وشروط المشاركة

في هذا السياق أكّد أمين عام حركة النهضة العجمي الوريمي في تصريح لبوّابة تونس، أن موقف الحركة من المنافسة في انتخابات الرئاسة يندرج ضمن موقف جبهة الخلاص الوطني التي تشترط توفير مناخ مناسب للانتخابات.

وبيّن الوريمي أن كفّة المشاركة في الانتخابات لم ترجح بعد على حساب المقاطعة.

ولفت الوريمي إلى أن الأهم من هويّة المنافسين لقيس سعيّد هو توفّر شروط الانتخابات الحرّة والنزيهة والشفافة.

وأضاف أن الأهم من الأشخاص هو المصالحة بين التونسي والصناديق.

وقال: “الأشخاص مهمّون والبرامج مهمّة ولا بدّ أن يكون هناك مترشّحون للانتخابات، فإذا فقدت الحماسة للترشّح فذلك يعني وجود موانع”.

وأشار إلى الأسباب، فبعضها يتعلق بخيارات السلطة وسياستها وأسلوبها وكيفية إعدادها للانتخابات.

ويتعلّق البعض الآخر بالمناخ العام للبلاد.

وأوضح الوريمي أن اليوم هناك عزوفا عن العمل السياسي وأن هناك أزمة بين الناخب والطبقة السياسية وتراجع الثقة في الصندوق وهو الطريق المناسب للتغيير.

واعتبر القيادي بالنهضة أن المترشّحين سيواجهون صعوبة كبيرة في إقناع الناخبين، موضحا أنه ليس من السهل إقناع الناخب إذ لن يصدّق بسهولة الخطاب الانتخابي والوعود الانتخابيّة.

وقال الوريمي، في تصريحه لبوّابة تونس، إن جبهة الخلاص تعتبر الانتخابات الرئاسيّة فرصة لفتح أفق سياسي وفرصة لهيكلة الحياة السياسيّة والتغيير.

وشدّد على أن كل ذلك مرتبط بتوفّر جملة من الشروط، أبرزها وجود هيئة مستقلّة للانتخابات، تكافؤ الفرص بين المترشحين، عدم استعمال أدوات الدولة في المعركة الانتخابيّة وحياد الإدارة.

بالإضافة إلى ضمان حريّة التعبير والترشّح للجميع وإبطال مفعول المرسوم عدد 54 الذي يمثّل تهديدا حقيقيا للحريّات، وفق تقديره.

فضلا عن إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيّين ورفع التضييقات عن نشاط الأحزاب.

هذه الأسماء المرشّحة

وحول الأسماء المرشّحة لمنافسة قيس سعيّد قال المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي في تصريح لبوّابة تونس، إنه من الضروري الانتظار قليلا لنشهد بروز أشخاص قادرين على المنافسة.

وقال الجورشي: “نحن لا نعرف من هم بالضبط ولا عددهم ولكن من الواضح أن هناك شخصيّات من المتوقّع أن تكون منافسة جديّة لقيس سعيّد“.

وأشار الجورشي إلى أن رئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي هي أولى هذه الشخصيّات.

وبيّن أن قضيّتها التي مازلت مفتوحة يمكن أن يحكم فيها لصالحها وبالتالي يمكن لها المشاركة في السباق الانتخابي.

أمّا الشخص الثاني، حسب ما صرّح به الجورشي لبوابة تونس، والذي سيكون من المرشّحين البارزين هو منذر الزنايدي.

ولفت إلى أنه رغم التنافس القاعدي الذي سيكون بينه وبين عبير موسي، إلا أن الزنايدي يمكن أن يشكّل عنصرا مهمّا في السباق الرئاسي 

أما العنصر الثالث الذي قد يشكّل أيضا مرشّحا بارزا، وفق الجورشي، هو مرشّح جبهة الخلاص الوطني إذا ما قرّرت ترشيح أحمد نجيب الشابي ويمكن أن يكون له دور مهم في السباق الرئاسي.

وقال الجورشي: “في اعتقادي أن هذه الأسماء يمكن أن تضغط في اتجاه إما إضعاف النسبة النهائية التي سيتحصل عليها قيس سعيّد أو من الممكن أن أحدهم ينافسه على مستوى الدور الثاني في الانتخابات القادمة“. 

واعتبر المحلل السياسي أن بقيّة الأسماء حظوظها ما تزال إلى حدّ الآن ضعيفة.

وحول مصدر قدرة هذه الأسماء على المنافسة، اعتبر الجورشي أن هؤلاء يستمدون قوّتهم وقدرتهم على منافسة قيس سعيّد؛ 

أولا من تاريخهم ورصيدهم الشخصي أو الحزبي، وهذا  مهم، وهو ما تبرزه استطلاعات الرأي.

والأمر الثاني هو الضعف أو فشل قيس سعيّد في أن يحقق إنجازات مهمة ونوعية خلال السنوات الماضية.

وأوضح أنهم سيستفيدون من رصيد المواطنين الغاضبين، أو الذين أصيبوا بإحباط من خلال رهانهم في البداية على قيس سعيّد والنتائج كانت دون المأمول.

التشظي ووهم المرشّح المشترك

 يوم 27 فيفري المنقضي أطلق الناشط الحقوقي والسياسي العياشي الهمامي مبادرة تحت عنوان: هل تكون الانتخابات الرئاسية القادمة موعدا لإنقاذ البلاد؟

واعتبر الإعلامي زياد الهاني أن هذه المبادرة تتنزل في إطار ما تشهده بلادنا من اشتداد “الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعجز السلطة عن إيجاد الحلول الكفيلة بإنقاذ الاقتصاد ومواجهة الصعوبات”.

بالإضافة إلى “تواصل حالة التبعثر والعجز لكلّ الأطراف السياسية المعارضة ومكونات المجتمع المدني عن إنتاج خطاب بديل وبرنامج ذي مصداقية في مجابهة المسار الحالي للدولة رغم الاتفاق على توصيف الأوضاع الحالية في عمق الأزمة وتفاقم الأخطار المهددة للبلاد.

واعتبر صاحب المبادرة أنه “يمكن أن تكون الانتخابات الرئاسية القادمة فرصة جديّة لإنقاذ البلاد والخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة لو توفّرت بعض الشروط التي تتمحور حول نقطتين أساسيتين:

– أولا: توفير شروط انتخابات حرّة ونزيهة وشفافة وتنافسية للمترشّحين وتنقية المناخ السياسي خاصة بإطلاق سراح المساجين السياسيين وتركيز هيئة مستقلة للانتخابات.

– ثانيا: توحّد طيف واسع من المعارضة السياسية ومكونات المجتمع المدني حول مرشّح واحد يتمّ اختياره بعد صياغة “أرضية الحدّ الأدنى الديمقراطي الاجتماعي المشترك” تتضمن برنامجا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا مشتركا، ويخوض مسارا نضاليا نحو الانتخابات.

لكن يبقى الإشكال القائم في الاتفاق حول مرشّح واحد وهو ما يعاني منه المشهد السياسي في تونس الذي يصرّ على التشظّي بسبب اعتبارات سياسيّة أو فكريّة إيديولوجيّة.

ولفت زياد الهاني في مقال بعنوان “ الانتخابات الرئاسية على الأبواب.. لمن سيُعزف النشيد الوطني؟” إلى أن تبعثر الطيف المعارض لا يمكنه إلا أن يخدم سوى طرف واحد هو الرئيس قيس سعيد.

وأشار إلى إصرار خوض الدستوري الحرّ السباق منفردا، بالإضافة إلى انقسام الطيف الديمقراطي الذي حدّده الاستعداد للتحالف مع النهضة من عدمه.

وأشار إلى وجود أطراف معارضة في الخارج تسعى إلى العمل على توحيد صفوف المعارضة في الداخل، لمواجهة الاستحقاق الرئاسي المقبل.

وخلص الهاني إلى تساؤل جوهري وهو: من هي الشخصية التونسية التي ستكون قادرة على إعادة بعث الأمل والولوج في قلوب التونسيين وتصفيتها من الضغائن، وعلى توحيدهم حول هدف واحد، هو إنقاذ تونس.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *