عبد السلام الزبيدي
دعا بسّام الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، اليوم الأربعاء 2024، إلى ما وصفها بالتهدئة السياسية والاجتماعية، وإلى إيقاف العمل بالمراسيم التي تمسّ بالحريّات. كان ذلك خلال مشاركته في جلسة حوارية نظّمتها نقابة الصحفيين التونسيين حول المرسوم 54: المخاطر والحلول.
انتهاك ممنهج للحقوق والحريات
وجاءت هذه الدعوة في خاتمة مداخلته التي أبرز فيها مخاطر المرسوم، محصيا ضحاياه حيث أكّد أنهم بالمئات. وبعد أن قدّم خيارين لتجاوز المرسوم وانعكاساته، سنوضحهما لاحقا، أطلق دعوته للتهدئة، دون أن يوجّه الخطاب إلى جهة بعينها (رئيس الجمهورية، الأحزاب، المنظمات…)، ودون أن يوضح هل أنّ الدعوة تعتبر نواة مبادرة متكاملة تعكس موقف الرابطة أم مجرّد دعوة شخصية وعيا منه بالمخاطر الماثلة الآن أو الداهمة أو المحتملة.
وانتقد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ما تعيشه تونس اليوم بعد 14 سنة عن اندلاع الثورة من “انتهاك ممنهج لعديد الحقوق والحريّات حتى لا نقول كلّها”، مذكّرا بموقف الرابطة وغيرها من المنظمات التي ما فتئت تدعو إلى سحب المرسوم 54.
وأشار النيفر إلى أنّ المرسوم 54 غدا مرادفا لدى الشارع المواطني التونسي للنص القانوني الذي يضع الناس في السجن، في حين أنّ حقيقة المرسوم هي أنّه نص قانوني لمكافحة الجرائم المتّصلة بأنظمة المعلومات والاتّصال. فهذا المرسوم يتضمّن بعض الفصول التي تستهدف حرية التعبير عن الرأي ويُحال بمقتضاه صحفيون ومحامون ومدوّنون ونواب شعب ومواطنين كثيرون لا نسمع عن قضاياهم.
وأكدّ بسام النيفر أنّ عدد القضايا بمقتضى المرسوم 54 بالمئات، مشدّدا على أنّه لا وجود لمبالغة في الرقم. فقد تحوّلت الإحالات إلى ممارسة يومية لدى الفرق الأمنية في الجهات، إذ تكفي تدوينة حول نقد وضع اجتماعي أو صحي أو متعلّقة بالنقل أو بالتعبير عن الرأي في مواضيع سياسية، حتى تكون المتابعة الأمنية ثم القضائية.
وذكّر الطريفي بأنّ الرابطة كانت من أوائل من دعا إلى القضاء على الفساد ومكافحته سواء قبل 25 جويلية 2021 أو بعده، مع ضرورة تغيير القوانين لمواءمتها مع المواثيق والمعاهدات التي صادقت عليها تونس.
ولاحظ أنّ تطبيق المرسوم شبه منحصر على الفصلين 24 و28 دون أن نرى اهتماما بالجرائم السيبرنية الماسة بسلامة الوطن وأمنه والعابرة للدول، “وبصفتي محاميا لم أسمع بأنه وقعت متابعة جريمة عابرة للحدود منذ دخول المرسوم حيّز التطبيق”.
خياران أمام السلطة
ونبّه رئيس رابطة حقوق الإنسان إلى أنّ خطورة المرسوم 54 لا تتوقّف عند المسّ من حرية التعبير، بل تتجاوزه إلى المسّ من المعطيات الشخصية لعموم المواطنين والاعتداء عليها. فرفض مدّ أعوان الضابطة العدلية بالهاتف أصبحت جريمة يعاقب عليها القانون.
وجدّد الطريفي المطالبة بسحب المرسوم 54 وإلغاء العمل به، وفي الحدّ الأدنى إيقاف العمل بالفصلين 24 و28 وذلك هو الخيار الأوّل، ملاحظا أنّ “ماكينة المجلس” والعملية التشريعية لها خصوصياتها وتتسّم بالبطء، ولذلك دعا إلى استعجال النظر في مقترح تعديل المرسوم، لأنّ المسألة مهمة وتتعلّق بحق أساسي وبحرية التعبير.
أمّا الخيار الثاني فكان في شكل اقتراح موجّه إلى السلطة التنفيذية وتحديدا وزارة العدل بصفة الوزير (ة) المسؤول عنها رئيسا للنيابة العمومية. فوزارة العدل تضبط السياسة الجزائية وبإمكانها إعطاء توجيهات وتوصيات للنيابة العمومية وقضاة التحقيق بعدم استعمال الفصلين سالفيْ الذكر، أو تطبيقهما بما يحفظ مصلحة المتهم.
ودعا إلى إطلاق سراح مساجين الرأي والمواطنين المحالين أو المحكومين بناء على المرسوم 54. لتكون آخر دعواته التهدئة السياسية والاجتماعية وإيقاف العمل بالمراسيم التي تمسّ بالحريّات.