خبير اقتصادي يعتبر أنّ تونس ليست دولة اجتماعيّة بل “دولة الحدّ الأدنى الاجتماعي”
اعتبر أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي، أنّ تونس هي “دولة الحدّ الأدنى الاجتماعي” وليست الدولة الاجتماعية التي تحدّث عنها رئيس الحكومة كمال المدوري أمام البرلمان.
وبيّن الشكندالي في حديث لإذاعة إكسبراس، اليوم الخميس 9 جانفي، أنّ ذلك يعود إلى أنّ قانون المالية لسنة 2025 وضع 14 خط تمويل موجّها إلى فئات محدّدة وبمبالغ ضئيلة، وبعض الامتيازات لفئات محددة أيضا مثل العاملات الفلاحيات، وبالتالي هذا يؤكد فكرة دولة الحد الأدنى الاجتماعي.
وبيّن الشكندالي أنّ الدولة الاجتماعية هي الدولة القادرة على تحسين جودة الخدمات الاجتماعية وهي الصحة والنقل والتعليم، والذي سينعكس إيجابا على المواطنين وسيحسّن من قدرتهم الشرائية والاستفادة من الخدمات التي تقدّمها الدولة عوضا عن التوجّه للمرافق الخاصة كالمصحات والتعليم الخاص ووسائل النقل الخاصة.
وأشار إلى أنّ الوضعية الحالية هي وضعية الحلقة المفرغة من خلال الزيادة في الأجور والتي تنتج عنها الزيادة في الأسعار.
الاقتصاد لا يكون إلا وطنيّا
أوضح الشكندالي أنه لا وجود لما يسمى بالاقتصاد اللّاوطني، قائلا: “الاقتصاد لا يمكن أن يكون إلا وطنيّا”.
واستبعد الشكندالي أن يكون المقصود بالاقتصاد اللاوطني الاقتصاد الموازي، الذي نشط بسبب الإخلالات التي اتسم بها الاقتصاد الوطني على غرار الجباية العالية..، وفق تقديره.
وتحدّث الشكندالي عن الحكومات التي عيّنها رئيس الجمهورية قيس سعيّد، وهي 5 حكومات في 5 سنوات، مبيّنا أنّ تغيير الحكومات يُبيّن أنّ سعيّد غير راض عنها وفشلت في تنزيل مشروعه على أرض الواقع المتمثل في مكافحة الفساد والاعتماد على الذات، إضافة إلى الدور الاجتماعي للدولة.
وكشف أستاذ الاقتصاد أنّ الإشكال الذي رافق جميع الحكومات هو الفهم الخاطئ لمشروع رئيس الجمهورية خاصة مفهوم الاعتماد على الذات، حيث تمت ترجمته من خلال الاقتراض من الداخل عوضا عن الخارج وهو ما تسبّب في ضرب الاستثمار الداخلي.
أمّا بالنسبة إلى حكومة كمال المدوري، فقال رضا الشكندالي: “إنّ الإشكال في حكومة المدوري هي استعمالها لآليات لا يمكن أن تبلغ بها الأهداف التي رسمتها مثل تعديل الضريبة على الدخل الذي سيضرّ بالقدرة الشرائية للكفاءات على غرار الأطباء والمهندسين والمعلمين، ما سيدفعهم إلى الزيادة في تعريفاتهم للترفيع في مداخيلهم والتي ستنعكس على الطبقات الضعيفة على غرار الزيادة التي أعلن عنها أطبّاء القطاع الخاص في الآونة الأخيرة.
الاعتماد على الذات
وحول إصرار سعيّد الاعتماد على الذات، قال الشكندالي إنّه لا يمكن الحديث عن سياسة الاعتماد على الذات في حين أنّ الحكومة تنتهج سياسة لا تحفّز على الاستثمار الخاص وتورد الغذاء من الخارج مع العجز على مستوى الأدوية إضافة إلى قطاع فلاحي 85٪ من فلاحيه فوق سن الستين سنة ودون مستوى الابتدائي.
وشدّد على أنّ الاعتماد على الذات لا يعني القطع مع المؤسسات الدوليّة مثل صندوق النقد الدولي لأن الإشكال ليس في الصندوق في حدّ ذاته بل في البعثة التي تفاوض الصندوق على مستوى اختيار السياسات النقدية، قائلا: “نحن لا نتفاوض على جودة السياسات النقدية بل على المبالغ المالية، كما أنّ الحكومات قبلت السياسة النقدية السيئة وهي الترفيع في نسبة الفائدة..، وبالتالي التوجّه نحو الهدف الذي أراد الصندوق التوصل إليه وهو التقليص من الأجور من الناتج المحلي الإجمالي”.
وأشار إلى أنّ السياسة الحمائية للدولة من خلال الترفيع في الأداءات الجمركية والتي اعتمدتها مع تركيا، أعطت نتائج سلبيّة جدّا على مستوى قطاع النسيج والملابس والجلد.
وخلص الشكندالي إلى القول إنّ الدولة تستعمل سياسات تضرب أهدافها، وهو ما تبيّن من خلال إجراءات تعبئة الموارد الجبائية والاقتراض من الداخل والتقليص من الواردات، مبيّنا أنّ الترفيع في الأداءات يعطي تراجعا على مستوى النمو الاقتصادي، الذي حدّدته الدولة في ميزانية 2025 بـ3.2٪.