تستضيف مؤسّسة كمال الأزعر، مساء الخميس 31 أوت الجاري، في المحطة الفنية “بي 7 آل 9” بالبحر لزرق (الأحواز الشمالية لتونس العاصمة)، معرضا فنيا بعنوان “السبع سنوات الطيّبة” للفنان التونسي رافرام حداد.
ويُمثّل المعرض تجربة بصرية وحسية استثنائية، حيث يستكشف التراث العائلي الغني للفنان ويُقدّم تأمّلا عميقا في الروابط بين الماضي والحاضر والذاكرة والهوية.
وعن المعرض يقول حداد: “يُمثّل قصّ الحكايات عنصرا حاسما في عملي الفني، حيث يسمح لي بإعادة توجيه الخطاب نحو اليومي بدلا من التقعيدي، وذلك أمر يمكننا تحقيقه بصفتنا فنانين، وهو يُمثّل جزءًا من دورنا”.
ويستلهم حداد بحوثه الفنية البصرية والمادية من سيرة أهله الجمالية. وهو يستخدم كاميرا الفيديو أداةً لتعقّب تنقّلات أفراد أسرته على سيارات الـ”لُواج” (وسيلة نقل عمومية) التي تصل بين مدينة تونس وجزيرة جربة، وذلك لإنشاء روابط بين حقب مختلفة.
ويستدعي الفنان الزوّار أثناء تجوالهم بمعرض ‘السبعة سنين الطيبة” أو (الباهيين) -كما يُقال بالعامية التونسية- الذي يتضمّن بيئات مهيّئة بدقّة وعناية تُؤثّثها مجموعة من الأشياء والأصوات والأضواء، إلى التأمّل في عالمه من خلال طبقات من الذكريات والحكايات، تتعلّق بالمأكولات والمشاهد والروائح التي تستحضر مفهوم الذاكرة، والمُعبّر عنها باللهجة الجربية بالـ”فقيدة”.
ويطرح المعرض جملة من التساؤلات الجوهرية، منها: كيف شكّلت الطلاسم مثل الأيقونات والتمائم والتعويذات والملابس -وما زالت تُشكّل- مختلف الأماكن والهويات؟ حيث تستكشف الأعمال المعروضة، مثل شظايا من ذاكرة متناثرة، هذه المفاهيم بكثير من العمق.
“السبعة سنِين الباهيين”، عملٌ يُجسّد عودة الفنان إلى جذوره وأصوله، كما الرمال التي تغمر برفق قارب صيد صغير من الخشب، تكتسب موتيفة “السنوات السبع السمان” معنى عميقا، يُعزّز التبادل الثقافي ويحثّ على التفكير في القوة المستدامة للتقاليد وتجسّدها.
والمعرض إلى جانب كلّ ما سبق، يُمثّل رحلة فنية وعاطفية تتعالى على الزمان والمكان، عبر تداخل الماضي بالحاضر في سيمفونية بصرية وحسّية ساحرة، يعرضها حداد في معرضه المفاهيمي ويسردها أيضا في كتابه الحامل لعنوان المعرض نفسه، وذلك مساء الخميس، بالمحطة الفنية “بي 7 آل 9” بمشاركة ييغال نزري مؤلف البيوغرافيا النقدية للكتاب.
ورفرام حداد من مواليد جربة عام 1976، فنان يسعى من خلال صوره الفوتوغرافية وأفلامه وتنصيباته متعدّدة الوسائط إلى الغوص في جملة من المواضيع، من بينها: الأرشيفات وسرديات الهجرة والشعور بالانتماء.
ويسعى كذلك من خلال أعماله إلى جعل المألوف غير مألوف وغير المألوف مألوفا، وهو يعمل بين تونس ونيويورك، وتُعدّ أعماله الفنية بالأساس مرآة لتجاربه الشخصية، علاوة على التعليق على قضايا اجتماعية وسياسية أوسع نطاقا مثل الهجرة والتهجير والهوية والانتماء.
وعلى مدى العقدين الماضيين، أنجز رفرام العديد من الأفلام القصيرة والتنصيبات التي عُرضت في جميع أنحاء العالم، عبر مؤسّسات ثقافية ومعارض ومتاحف، بما في ذلك قاعة “كونست ام تُنّلْ” في دوسلدورف، وقاعة “كونستروم” في نيويورك، وقاعة المعارض الفنية “كيو لوسي فونتان” في بالي.
كما أقام معارض فردية في متحف حضارات المتوسّط في مرسيليا و”فيروم ماكسيميليان” في ميونخ.
وبداية من عام 2021 أصبح رفرام حداد ناقدا زائرا في برنامج الماجستير في الفنون الجميلة في جامعة كولومبيا.
جمع وإعداد: صابر بن عامر