توفّر الساعات الذكية مزايا متعدّدة لقياس المؤشرات الصحية واللياقة البدنية لدى البشر.
وأصبح الكثير من الناس يعتمدون عليها لمراقبة صحتهم، كما أنّ الشركات المصنّعة لهذه الساعات تتنافس في إضافة مزايا صحية جديدة باستمرار، لتصبح ساعاتها الخيار الأول للمستخدمين الذين يهتمّون بتتبعّ المؤشرات الصحية باستمرار.
لكن السؤال المهم، ما مدى دقة هذه الساعات في قياس المؤشرات الصحية؟ وهل هي دقيقة دائما؟
ساعات منقذة للحياة
في هذا الخصوص يُشير بعض الخبراء إلى أنها ليست دقيقة دائما، رغم تمكنّها في بعض الحالات من إنقاذ حياة مستعمليها.
ومثال ذلك -وفق موقع البوابة التقنية- أنّ الساعات الذكية قادرة على إخبار مستعملها بعدد السعرات الحرارية التي أحرقها وعدد الخطوات التي قطعها.
كما تمكّنه أيضا من إجراء مكالمة هاتفية من خلالها عند وقوع حادث ما.
ففي ماي 2024، نجت امرأة في دلهي من حادث خطير بسبب ساعتها الذكية من آبل، إذ اكتشفت مزية مراقبة معدّل ضربات القلب في الساعة ارتفاع معدّل ضربات قلب السيدة بنحو غير طبيعي، ونبّهتها بذلك.
وفي عام 2023، انزلق روبريت نيس مدير الاستثمار في النرويج- في أثناء الجري، وأصيب إصابة خطيرة، لكن بفضل مزية الاتصال بالطوارئ المدمجة في ساعة آبل الذكية، تمكّن من الاتصال بخدمات الطوارئ بسرعة؛ ممّا أنقذ حياته.
ويُعزى ذلك إلى قدرة هذه الساعات على مراقبة مجموعة متنوّعة من المؤشرات الصحية واللياقة البدنية، مثل: معدّل ضربات القلب، وعدد الخطوات، والسعرات الحرارية المحروقة، وحتى أنماط النوم.
كما تتضمّن الساعات الذكية بعض المزايا المتقدّمة على غرار: مراقبة مستوى الأكسجين في الدم، وتخطيط القلب، وتقديرات مستوى التوتر بناءً على تغيّر معدّل ضربات القلب، ومعدّل التنفس، ودرجة حرارة الجسم، وضغط الدم، كما يمكن للنساء من خلال هذه الساعات تتبّع دوراتهنّ الشهرية.
بين الخطإ والنجاعة
وفي مراجعة شاملة نُشرت أخيرا، فحص الخبراء مجموعة من الدراسات العلمية الخاصة بفحص دقة الأجهزة القابلة للارتداء، ومنها الساعات الذكية في قياس المؤشرات الصحية، على غرار: معدّل ضربات القلب، والسعرات الحرارية وتتبّع النوم، وعدد الخطوات، وقد وجدت المراجعة أنّ دقة هذه الأجهزة جيدة.
فقد أظهرت المراجعة أنّ الأجهزة القابلة للارتداء قادرة على قياس معدل ضربات القلب بنسبة خطإ تبلغ قرابة 3%، اعتمادا على عوامل لون البشرة، ونوع التمرين، ووجود وشم، كما أنها جيدة في اكتشاف مشكلات ضربات القلب وتقدير قوة عضلة القلب، سيما أثناء ممارسة التمارين.
وفي ما يتعلّق بقياس المؤشرات الأخرى، تميل هذه الأجهزة إلى التقليل من تقدير عدد الخطوات بنحو 9%، وهناك أخطاء كبيرة في تتبّع السعرات الحرارية المحروقة، وتتراوح نسبة الخطإ من 14.76% إلى 21.27%.
وفي ما يتعلّق بتتبّع النوم، غالبا تبالغ الأجهزة القابلة للارتداء في تقدير إجمالي وقت النوم وجودته بنسبة تزيد على 10%، وتقلّل من تقدير المدة التي يستغرقها الشخص في الاسترخاء قبل النوم الفعلي وعند الاستيقاظ بعد النوم.
ويتّفق العديد من الخبراء مع نتائج هذه المراجعة، إذ يقول الدكتور شري كومار سريفاستاف، وهو طبيب عام في مستشفى شاردا في الهند، إنّ دقة الأجهزة القابلة للارتداء، وخاصة أجهزة تتبّع اللياقة البدنية، يمكن أن تختلف اعتمادا على جودة الجهاز وكيفية استخدامه والمستشعرات المدمجة فيه.
ومن الأمثلة على ذلك: تعتمد بعض الأجهزة القابلة للارتداء على أجهزة استشعار بصرية تقيس تدفّق الدم عبر الجلد لمراقبة معدل ضربات القلب، ويمكن أن تكون هذه الطريقة غير دقيقة إذا لم تكن الساعة ضيقة بما يكفي، أو إذا كان لون البشرة داكنا، أو إذ كان هناك وشم، أو في أثناء ممارسة الأنشطة الكثيفة.
وغالبا ما تقدّر الأجهزة القابلة للارتداء النوم بناءً على الحركة ومعدّل ضربات القلب التي قد لا تتطابق دائما مع نتائج دراسات النوم السريرية، كما أنها قد تتعامل مع أوقات الراحة على أنها أوقات نوم، أو قد تفشل في تحديد مراحل النوم المختلفة.
وقد يكون من الصعب حساب السعرات المحروقة بدقة، لأنها تعتمد على العديد من العوامل الفردية، على غرار: معدّل التمثيل الغذائي ومستوى اللياقة البدنية ونوع التمرين، وفق الخبراء والدراسات المحدثة.
نصائح الخبراء عند الاقتناء
وينصح الخبراء، قبل شراء جهاز قابل للارتداء، وجوب مراعاة الأمور التالية لضمان الحصول على جهاز جيد يمكنه قياس المؤشرات الصحية بدقة عالية.
أولها؛ اختيار علامات تجارية موثوقة، مع وجوب تجنّب الأجهزة القابلة للارتداء من العلامات التجارية غير المعروفة، بالإضافة إلى أنها غير دقيقة في قياس المؤشرات الصحية، قد يؤدي استخدامها إلى مشكلات أخرى على غرار: احتمالية تعرض البيانات الصحية للخطر، لأن هذه الأجهزة قد لا توفّر حماية قوية للبيانات والخصوصية، وقد تقدّم مقاييس صحية مضلّلة، لأنها تستخدم أجهزة استشعار غير دقيقة.
كما قد يكون عمر الجهاز قصيرا، فلا يوفّر تكاملا جيدا مع التطبيقات المختلفة، ممّا يجعله لا يدعم تحديثات البرامج.
ثانيا، على الراغب في اقتناء ساعة ذكية تحديد سبب رغبته في الحصول على جهاز قابل للارتداء، فإذا كان يُريد تتبّع التدريبات أو مراقبة المؤشرات الصحية أو تتبّع الإشعارات فقط، فبإمكانها أن تساعده على معرفة أهدافه في تضييق نطاق اختياراته.
ثالثا، وجوب التحقّق من أنّ الجهاز يتكامل مع التطبيقات التي يستخدمها عادة، مثل تطبيقات تتّبع الصحة المثبتة في الهاتف.
رابعا، التحقّق من كيفية تعامل الشركة المصنعة للجهاز مع بيانات المستخدمين، سيما إذا كان المستخدم يتعقّب معلومات صحية حساسة.
وتاريخيا، صدرت أول ساعة ذكية في العالم عام 1998، وهي ساعة “سايكو روبيتر” التي كانت قادرة على الاتصال بالحاسوب.
وبحلول عام 2014، أصبح لدى العلامات التجارية “سامسونغ” و”آبل” إصداراتها الخاصة من الساعات الذكية، وفي السنوات القليلة الأخيرة أصبحت الساعات الذكية وغيرها من الأجهزة القابلة للارتداء شائعة الاستخدام، وأصبحت جميع الفئات ترتديها، كالأطفال والشباب وحتى الكبار في السن.