قضت محكمة صينية في مدينة شنغهاي، بإدانة المحامية والناشطة الصينية “تشانغ زان” لمدة أربع سنوات على خلفية نشاطها على مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات، بشأن تعاطي السلطات الصينية مع وباء كورونا والأخطاء التي شابت إدارة الوضع الصحي.
ويمثل الحكم بحسب المتابعين للمشهد الصيني، استمرارا لنهج تكميم الأفواه في ما يتعلق بموضوع فيروس كورونا، حيث تقوم الحكومة الصينية بملاحقة وتتبع الناشطين الحقوقيين والمستقلين، الذين عملوا على توثيق بداية انتشار الوباء في مدينة ووهان، وإثبات التقصير الذي شاب تعاطي السلطات السياسية والصحية مع الفيروس، ما أدى إلى خروجه عن السيطرة.
وتعد تشانغ زان بحسب المراقبين، أخر ضحية لهذا النهج التعسفي التي تمارسه بكين، بهدف تطويق الروايات التي تدينها وتحملها مسؤولية انتشار الجائحة عالميا.
وأصدر قضاة المحكمة حكمهم على زان بتهمة “إثارة الاضطرابات”، بعد محاكمة وصفت “بالسريعة”، لم تتجاوز مدتها 3 ساعات، ولم تتوفر فيها الضمانات القانونية للمحاكمة العادلة.
ملاحقة الناشطين
وتعتبر زان نموذجا لتعامل السلطات الصينية الصارم، مع الناشطين الذين تناولوا الأخطاء التي شابت إدارة جائحة كورونا من جانب الحكومة، وقاموا بنشر تقارير على منصات التواصل الاجتماعي الخاضعة لرقابة صارمة في البلاد.وخلال الأشهر الماضية، تم إيقاف ثلاثة مدونين مستقلين، وهم تشين كيوشي، ولي زيهوا وفانغ بين في فبراير الماضي، بسبب عملهم الاستقصائي في ووهان.
ونتيجة الجدل الذي أثارته تقارير المدونين والناشطين الصينيين من تداعيات وانتقادات دولية، خاصة بعد تداولها بشكل كبير، أرسلت بكين حشدًا من 300 صحفيا من وسائل الإعلام الرسمية إلى المدينة، لنشر تطمينات بسيطرتها على الوضع، وإدارتها للازمة الناتجة عن تفشي الوباء.
وكانت المحامية زان قد قامت بالتحول إلى ووهان في شهر فيفري (فبراير) الماضي بعد انتشار الفيروس بشكل كثيف في المدينة، وتجولت بين شوارع المدينة والمستشفيات الميدانية وواكبت الوضع الصحي، ونشرت عددا من الفيديوهات والتقارير والصور على موقعي “يوتيوب” و”تويتر”، بشكل اظهر تقاعس السلطات المحلية في التعامل السريع مع مؤشرات الوباء، كما وجهت انتقادات لقرار عزل المدينة والتي وصفتها “بالانتهاك الخطير لحقوق الإنسان”.
وخلال شهر ماي الماضي، أعلنت السلطات الصينية عن إيقاف تشانغ زان في مدينة شنغهاي، وأثناء سجنها خاضت المحامية الصينية إضرابًا احتجاجيًا عن الطعام، لكن سلطات السجن قامت بإطعامها قسرًا من خلال أنبوب أنفي.
سجل حكومي أسود
الحكم الصادر في حق زان، يعيد إلى الأذهان الإجراءات التعسفية التي اتخذتها السلطات الطبية والإدارية بمدينة ووهان بحق الطبيب لي وينليانغ، والذي تعرض إلى مضايقات وتهديدات من الشرطة قبل أن يتم إيقافه عن العمل، بسبب إطلاقه تحذيرات من تفشي الفيروس منذ أواخر ديسمبر 2019، ونشره تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي عن الموضوع.
ورغم إقرار الحكومة المركزية في ببكين لاحقا بالأخطاء التي شابت التعامل مع لي وينليانغ، وتقديمها اعتذارًا رسميًا لعائلته، إلى جانب إقالة عشرات من المسؤوليين الطبيين والمحليين من المنطقة، إلا أنها أصرت على نفي أي اتهامات بالتقصير أو سوء إدارة الأزمة.
وكانت الحكومة الصينية قد أعلنت مؤخرا موافقتها على استقبال وفد من منظمة الصحة العالمية، لزيارة مدينة ووهان التي مثلت البؤرة الأولى للوباء، والتحقق من السياسات التي انتهجتها بكين على المستوى الصحي.