عالم مجدد مزج التصوف بالفلسفة وجعل من نفطة عاصمة تجربته العرفانية
“ولي من نسب وصي”، هكذا توصف بعض المراجع التاريخية والروايات الشفوية مسيرة وشخصية عارف بالله وعالم متصوف منحدر من نسل الإمام علي ابن طالب كرم الله وحاملا فكره ونهجه العرفاني من كوفة العراق إلى مدينة نفطة “كوفة الجريد التونسي”.
هو العلامة المجدد للمذهب المالكي، والعارف بأسرار العلم اللدني والزاهد المتبتل الفقيه الذي اشتهر بورعه وتقواه الحسن أبو علي السني، الذي يعد أحد أبرز الأولياء الصالحين الذين تركوا بصمة واضحة في التاريخ الروحي والثقافي لمنطقة الجريد التونسي.
أهم الأخبار الآن:
نفطة عاصمة التصوف
يُنسب إلى “سيدي بوعلي السني” كما يطلق عليه في مدينة نفطة واحة الجريد التونسي والتي تشتهر بتسمية “الكوفة الصغرى”، دور محوري في نشر المذهب المالكي بالمنطقة، مما جعله أحد الرموز الدينية الهامة التي لا تزال حاضرة في الذاكرة الشعبية.
يعود نسب الحسن أبوعلي السني إلى الإمام علي بن أبي طالب، حيث يقال إنه حفيد إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر، مؤسس الدولة الإدريسية بالمغرب.
وتجمع الروايات المتداولة، الشفاهية منها و الموثقة من طرف عدد من المؤرخين ممن وثقوا سيرة “سيدي بوعلي السني”، على أنه كان من أبرز الشخصيات التي أسهمت في ترسيخ التصوف في نفطة والتي تحولت في عصره إلى واحدة الزهاد والباحثين عن الخلوة وطلب العلم كما كان مجددا للفقه المالكي.
بين التصوف العرفاني والفلسفة
يذكر المؤرخ ابن الطواح في مؤلفه “سبك المقال”، أن أبو علي السني كان من تلاميذ أبي مدين شعيب (ت594هـ/1197م)، وكان له اطلاع كبير في الأسرار الصوفية، وقد اختار الاستقرار في بلاد الجريد بمدينة نفطة التي كانت تتسع آنذاك لمذاهب ونزعات فكرية عدة، حتى عرف لاحقا بـ”سلطان الجريد”.
عرف أبو علي السني بعمق منهجه التصوفي، فلم يكتف بالتذوّق الوجداني بل ألف في المسائل النظرية الصوفية، مناديا بفهم الدين فهما عرفانيا، ما جعل مكانته أكبر من مجرد شيخ طريقة يتلقى الولاء والبيعة من أنصاره ومريديه.
عرف أبو علي النفطي بمساجلاته الفكرية مع الخوارج وإنكاره عليهم أقوالهم في عدّة مسائل، حتى لقّبه مؤرّخو الفرق وكتاب المقالات الكلامية بأبي علي السّنّي، غير أنّ النفطي في ردوده هذه لم يصدر فحسب عن مرجعية سنية بل كان ينفتح بالفكر السنّي على آفاق أخرى يتداخل فيها التصوّف بالفلسفة.
أورد ابن الطواح في مؤلفه رد أبي علي السني على رسالة أبي يعقوب الطري في ما يتّصل بحقيقة المعرفة الصوفية وطريقها، والتي تعد من أبرز مأثره الفكرية واحد المراجع المهمة لفهم وتحليل نهجه العرفاني ومدرسته التصوفية والتي ما يزال نهجها مستمرا في حاضرة الجريد التونسي.


 
					 
            	                 
            	                 
            	                
أضف تعليقا