نشر الأستاذ والكاتب الصحفي الحبيب بوعجيلة السبت 10 أكتوبر، تدوينةً على صفحته بموقع فيسبوك، سلط خلالها الضوء على ما وصفه “بسقوط أجندات الثورة المضادة”، بهدف توظيف الإعلام لاستهداف مشروع الثورة وتخريب الوعي العام.
الأجندات التي تقودها مشاريع الردة بحسب تعبير بوعجيلة، ترتكز على مخطط لتوظيف الإعلام اعتمادًا على غرف للتخطيط والتوجيه، وبالتنسيق بين بعض النخب الثقافية اليسارية والمنظومة السابقة، ضمن تقاطع مصالحٍ سياسيٍ.
بوعجيلة استشهد “بالتعتيم الإعلامي”، قائلا “التغييب الكامل للحكم الذي أصدره القضاء يوم أمس الجمعة، بتبرئة مدير المدرسة القرآنية بالرقاب من تهم الاتجار بالبشر، وقرار القطب القضائي حفظ التهم ذات الصبغة الإرهابية، ما يوضح سياسة الكيل بمكيالين، والنزعة الانتقائية للقائمين على الخط التحريري بعدد من المنابر الإعلامية، ويكشف أداءها المتحيز المفضوح في تناولها للقضية، منذ الكشف عنها، وتحويلها إلى منطلقٍ للاستقطاب حول صراعٍ هوياتيٍ مفتعلٍ”.
وفي تصريح لبوابة تونس، اعتبر الحبيب بوعجيلة أن محاولات الانقلاب على المسار الديمقراطي باءت بالفشل، وخاصة بعد أن أعادت انتخابات 2019 الزخم الثوري إلى الشارع، وهو ما دفع بقوى الردة إلى محاولة الاستثمار في صراع رئيس الجمهورية مع حركة النهضة والقوى الثورية، والذي تزامن مع تفاقم ممارسات ترذيل المؤسسة التشريعية، ثم دعوات الانقلاب عليها من طرف الدستوري الحر.
يربط محدثنا بين فشل مشروع الانقلاب في تسويق أطروحاته، وعودة عدد من المنصات الإعلامية إلى توظيف ميكانيزمات وخطاب سنوات 2012 و 2013، في محاولة لتعبئة الرأي العام واستهداف البرلمان ورئاسة الجمهورية والقوى الثورية، عبر استحضار ذات الشعارات المتعلقة بالوضع الاقتصادي والجمود السياسي، والاستثمار في ملف تصاعد الجرائم والأمن، وحتى أزمة الكورونا.
بالمقابل اصطدمت محاولات تحشيد الخطاب الإعلامي هذه المرة، بحالة تمردٍ واسعةٍ صلب قطاعٍ كبيرٍ من الصحفيين، والرافضيين لمحاولات استغلالهم مجددًا ضمن هذه الأجندات.
“الإعلام التونسي أصبح يضم جيلًا جديدًا شابًا، يرفض الخضوع للإملاءات وأجندات الغرف المالية والسياسية، والتي سيرت المشهد الإعلامي في السابق بفضل الدعم الخارجي السخي”، يشير محدثنا، مبينًا أن انتخابات النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين كرست هذا التوجه بين عموم الصحفيين، لرفض سياسة الإملاءات المسبقة، والتوظيف السياسي لتزييف وعي الناس، وتكريس مسارٍ جديدٍ لاستقلالية القطاع والمهنة.
كما ذكر محدثنا بمسار التصويت خلال المؤتمر، والذي انتهى بإقصاء الأسماء المرتبطة بالماكينات السياسية واللوبيات المالية، وصعود مكتبٍ تنفيذيٍ مستقلٍ وذي تمثيليةٍ واسعةٍ للقطاع، بما يقطع مع إرث التجاذبات الإيديولوجية، ويؤشر على نهاية حقبة الإعلام الموجه.
وفي هذا السياق، يؤكد بوعجيلة أن تحرر الإعلام من ربقة التوظيف، سيحرم قوى الردة من آليات إنتاج خطاب يكرس الاستقطاب، والتخويف من صراع هوياتٍ مفتعلٍ ما بين الحداثة والإسلام، على غرار التعاطي مع قضية المدرسة القرآنية، برغم تشديد محدثنا على رفضه للتجاوزات الواقعة صلب المدرسة، إلا أن الوقائع والخطاب الذي هيمن على التفاعل مع القضية، “أكد تعمد هذه النماذج الإعلامية المسيسة والمؤدلجة توجيه النقاش بشكل ممنهج وقذر، كلما تعلق الأمر بالثقافة والهوية والتوظيف السلبي للدين ، لتحميل الثورة والديمقراطية والإسلاميين مسؤولية هذه التجاوزات”، فضلاً عن مهاجمة وإدانة حق المواطنين في ممارسة ثقافتهم الدينية.
ونبه بوعجيلة من محاولات تسويق المقايضة ما بين الحرية والأمن، ضمن الجدل المتعلق بقانون زجر الاعتداء على الأمنيين، أين تجلى إصرار بعض المنصات والأسماء الإعلامية، على الإساءة للتحركات الاحتجاجية من جانب قوى المجتمع المدني والناشطين الحقوقيين ضد المشروع، والدعاية المفضوحة لمخططات عودة المنظومة البولسية القمعية.
الحبيب بوعجيلة: الانحياز الإعلامي المفضوح في قضية المدرسة القرآنية يكرس جانبًا من أجندات قوى الردة
