تونس

الجورشي: تصريحات سعيّد تعمّق عزلة تونس دوليا

وصف المحلّل السّياسي صلاح الدّين الجورشي، الجمعة 16 ديسمبر/كانون الأول، تصريح رئيس قيس سعيّد خلال لقائه بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بـ”اللاعقلاني” الذي يرسّخ تضارب السياسات مع الحكومة.

وأشار الجورشي في تصريح خاصّ ببوابة تونس، إلى أنّ سعيّد غير منسجم مع قرارات حكومته -التي عيّنها بنفسه والمسؤول الوحيد عنها وعن توجّهاتها- ومع خياراتها في التوجّه إلى صندوق النقد الدولي للاقتراض للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تشهدها تونس.

وأوضح المحلّل السياسي أنّ خطاب الرئيس أمام الوزير الأمريكي، بدا كأنّه تبرؤ من برامج الحكومة التي قدّمتها إلى الجهة المانحة من أجل تحصيل قرض بقيمة 1.9 مليار دولار.

وكان قيس سعيّد أكّد -على هامش حضوره القمة الأمريكية الإفريقية- أنّ حلّ مشاكل تونس لا يكمن في الأرقام، ولا في الاتّفاق مع صندوق النقد الدولي ولا من أيّ صندوق آخر، في إشارة إلى حذف ملف تونس من اجتماعات المجلس التنفيذي للجهة الدولية المانحة.وأضاف سعيّد أنّ تونس لا تقبل تدخّل الأطراف الخارجية في شؤونها، أو أن تفرض عليها حلولا وبدائل خاصّة بمشاكلها.

وتابع: “علاقات تونس الخارجية تقوم على مبدإ سيادة الشعب، دون دروس أو حلول متأتّية من الخارج. وقرارات تونس سيادية وتنبع فقط من إرادة الشعب وتطلّعاته إلى الحرية والكرامة”.

وعلّق الجورشي على تصريحات الرئيس، بالقول: “إنّها تنقض ما قامت به حكومته من مساع حثيثة وأشواط دامت حوالي العامين في التوصّل إلى اتّفاق مع صندوق النقد”، مؤكّدا أنّه يتّجه نحو الدخول في مرحلة جديدة تتمثّل في تقمّصه خطاب الزعيم ومناهضة العولمة، والتبرّأ من السياسات الاقتصادية والاجتماعية الرأسمالية المهيمنة، وبالتالي وضع نفسه في مستوى متناقض مع ما تقتضيه مصلحة تونس في هذا الظرف الحرج، وفق تعبيره.

وأوضح الجورشي أنّ قيس سعيّد نسي تماما أنّ تونس بلد صغير وتعيش أزمة اقتصادية وجوهرية، ولا يمكنها الاعتماد على نفسها في تجاوز مأزقها الحالي، وأنّ صندوق النقد -رغم الاعتراض عن عدد من توجّهاته- إلّا أّنه يبقى البوابة الوحيدة التي من خلالها يمكن لتونس أن تموّل نفسها وتستطيع الخروج من الأزمة الاقتصادية، حسب تصريحه.

وتوقّع المحلّل السياسي أن يزيد تصريح قيس سعيّد من تعميق أزمة تونس الاقتصادية أكثر فأكثر، وسيصعّب كذلك على الحكومة إيجاد مخارج أخرى لتجاوز الكساد الاقتصادي، مشيرا إلى أنّ المخارج تكاد تكون معدومة أو قليلة جدا.

أما دوليا، فيُرسّخ قيس سعيّد من خلال تصريحه، التفكير السائد بأنّه ليست لتونس سياسة واضحة من جهة، ومتخوّفة أو رافضة التعاون مع الدول التي تربطها بها علاقات تقليدية من جهة أخرى، ويعمّق عزلتها مما يستوجب البحث عن أصدقاء جدد.