الجليدي العويني لبوابة تونس: الديجيتال في الأغنية اختيار الضرورة المتّسق مع إملاءات المعاصرة

“ارتباط مغنّي الراب والصلام وتعاملهم مع منظومات خارجية لفت اهتمامهم منذ البداية للمنصات الرقمية عكس المُطربين الوتريين”.. شاعر غنائي تونسي يُصرّح

صابر بن عامر

يرى الشاعر الغنائي الجليدي العويني أنّ النقلة الرقمية فاجأت المشتغلين بالأغنية الوترية التقليدية.

وفي ذلك يقول: “الوتريون لهم عادات تحوّلت إلى إعاقات، فأبناء جيلي مثلا، تعوّدوا نشر أغانيهم من خلال الإذاعة والتلفزة ثم شرائط الكاسات، وبعدها بدرجة أقل الأقراص الليزرية أو ما اصطلح على تسميتها بالفرنسية بـCD (سي دي)”.

جاء ذلك ردّا منه على سؤال بوابة تونس عن مدى إسهام المنصات والتكنولوجيات الحديثة في انتشار الأغنية التونسية خارج حدود الوطن؟

ويفسّر كاتب أغنية “سلطان حبك” لأمينة فاخت طرحه، بقوله: “فجأة تراجعت هذه المحامل وبرزت المنصات التي لا يحسن أغلبنا التعامل معها، وظهرت كأنها عالم غريب لا يمكن اقتحامه”.

ويُواصل: “وبما أنّ المؤسّسات ذات العلاقة بالأغنية لم تقترح دورات تكوينية، وبما أنّ المغنين لم يتعوّدوا على العمل مع فريق، فالكثير منهم لم يلجأ إلى من بإمكانه أن يُرافقهم ويُساعدهم على تخطّي عتبة المنصات حصل المأزق، بل إنّ الكثير منّا اسْتعملت أغانيه في تلك المنصات من قبل أطراف أخرى لا علاقة لها بالأمر، ونالت الغنائم التي تُقدّمها الشبكة دون علم أصحاب العمل الحقيقيين”.

وفي ذلك يرى أنّ الزمن الآن بات مُتاحا لما سماه “جيلا جديدا من المغنين مرحلة أغنية المنصات”، وفق تصريحه لبوابة تونس..

وعن سؤال بوابة تونس: لماذا اقتصر الانتشار على فن الراب، في حين ظلت الأغنية الوترية حبيسة محليتها؟

شدّد العويني على أنّ مغنّي الراب والصلام منذ بداياتهم كانوا على اتصال بالمنظومة العالمية، فالكثير من إنتاجاتهم تعتمد في موسيقاهم على ما يقتنونه من مواقع إلكترونية، ويضعون على تلك الموسيقى نصوصهم التي ألّفوها.

ومن ثمة، فإنّ ارتباطهم وتعاملهم مع منظومات خارجية، لفت اهتمامهم منذ البداية للمنصات الرقمية، وفق تقديره.

ويستطرد واضع كلمات أغنية “آش جاب رجلي للمداين زحمة” لعدنان الشواشي: “سيما، أنه قبل 2011 لم يكن لهم حضور في المنابر التقليدية كالإذاعة والتلفزيون والكاسات.. ولذلك كان اعتمادهم المبكّر على الديجيتال اختيار الضرورة الذي توافق مع اختيار المعاصرة”.

والجليدي العويني شاعر غنائي تونسي، من مواليد 1960 ببادية الحاج قاسم بعمق صفاقس، أصيل عائلة من سيرتا الصغرى (جرجيس/بن قردان).

درس بقابس، ومُقيم بالعاصمة منذ أن بلغ العشرين من عمره.

حاصل على الإجازة في التاريخ والجغرافيا وحامل لماجستير علوم التراث.

كتب في الصحافة وأنتج في الإذاعة وأنشد على المنابر.

غنّى من كلماته كل من لطفي بوشناق، صابر الرباعي، أمينة فاخت، عدنان الشواشي، الشاذلي الحاجي، أماني السويسي، منيرة حمدي، إيمان الشريف، فؤاد بالشيخ، وغيرهم الكثير.

من أشهر أغانيه: “آش جاب رجلي للمداين زحمة” لعدنان الشواشي، و”أنا عاشق يا مولاتي” لسمير العقربي، و”سلطان حبك” لأمينة فاخت.

صدر له عام 2020 كتاب “سلطان حُبّك، من قصائد العشق في تونس” عن منشورات “نيرفانا”.

وهو كتاب يردّ فيه العويني الاعتبار إلى الشعر باللهجة الدارجة، فاتحا مسلكا جديدا أمام هذا الفنّ الكلامي الذي لم يلق إلى اليوم اهتماما يذكر من الأوساط الجامعية باعتباره مجال بحث وتدريس مُمكنا.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *