يتجه ملايين من الناخبين الجزائريين، يوم غد الأحد الفاتح من نوفمبر، لصناديق الاقتراع ضمن الاستفتاء الشعبي المتعلق بمشروع الدستور الجديد للبلاد.
ويلقي غياب الرئيس عبد المجيد تبون بظلاله على المشهد، وهو الذي قاد مبادرة وضع مسودة الدستور الجديد، وسط تصاعد التساؤلات بالشارع الجزائري عن حقيقة وضعه الصحي بعد نقله للعلاج في ألمانيا، برغم التطمينات الصادرة عن رئاسة الجمهورية، والتي أفادت “باستقرار الوضع الصحي للرئيس”.
وكانت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في الجزائر، قد أعلنت السبت 30 أكتوبر، انطلاق عمليات الاقتراع للجزائريين بالخارج، والذين يتوزعون على عددٍ من الدوائر بالبلدان العربية وأوروبا والقارة الأمريكية، بالتزامن مع التصويت المبكرة لفائدة البدو الرحل في ثلاث ولاياتٍ جنوب البلاد.
مخاوف من ضعف الإقبال
تزامن الطارئ الصحي الذي تعرض له الرئيس الجزائري مع الوضع العام بالبلاد، جراء ارتفاع حجم الإصابات بكورونا، يعزز المخاوف من ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع بحسب المراقبين، خاصةً في ظل ضعف حماس الشارع، والارتباك الذي أصاب استعدادات الحكومة للترويج لمبادرة الدستور الجديد، وتعبئة الناخبين للتصويت “بنعم” بسبب غياب الرئيس تبون.
وبحسب متابعين للمشهد الجزائري، فان الانطلاقة بالباهتة للاستفتاء خلال التصويت المبكر لفائدة البدو الرحل، تعكس بوضوحٍ تأثير غياب الرئيس تبون، الأمر الذي أدى إلى ضعف الترويج الإعلامي للاستفتاء، برغم التغطية التي تؤمنها وسائل الإعلام المحلية.
وبرغم الانقسام الشعبي والتحفظ الذي يغلب على مواقف أحزاب المعارضة، إلا أن مسودة الدستور التي صادق عليها البرلمان الجزائري، حظيت بتأييدٍ واسعٍ من الطيف السياسي والنقابي والمدني في البلاد.
والى جانب ما يعرف “بأحزاب الموالاة”، التي تشمل جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر وحركة الإصلاح الوطني، تعزز فريق مؤيدي الدستور بحركة البناء الوطني، ولفيفٍ من المنظمات ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية، إلى جانب نقابة القضاة.
إصلاحات وجدل
وتتضمن المسودة النهائية للدستور المقترح، ستة محاور تتعلق بالحقوق والحريات العامة والفصل بين السلطات، والسلطة القضائية والمحكمة الدستورية ومكافحة الفساد، والسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وعلى صعيد رئاسة الجمهورية، تحدد المسودة العهدة الرئاسية بولايتين، مع تعزيز صلاحيات رئيس الحكومة والسلطة الرقابية للبرلمان.
وبرغم الإصلاحات الكبرى التي يكرسها الدستور الجديد، إلا أنه لم يسلم من الجدل السياسي والإعلامي تجاه عددٍ من البنود، والتي وصفت “بالخلافية”، على غرار المادة 91، والتي تخول لرئيس الجمهورية صلاحية إرسال الجيش الجزائري في مهامٍ خارج الحدود في إطار “اتفاقيات مشتركة أو عبر المشاركة في عمليات حفظ السلام”.
كما يطرح الدستور الجديد سابقةً قانونيةً وتشريعيةً، في تحديد طبيعة الحكومة ومجال وصلاحيات رئيسها، اعتمادًا على نتائج الانتخابات، من خلال اقتراح تكليف “وزيرٍ أولٍ” بصلاحياتٍ تنفيذيةٍ في حال فوز الأغلبية الرئاسية أي القائمات المدعومة من رئيس الجمهورية، فيما يتولى تعيين “رئيس للحكومة” في حال أفرزت الانتخابات التشريعية أغلبية برلمانية.