سياسة

التعديل الوزاري: ضرورة يفرضها واقع العمل الحكومي وتجاذبات السياسة

لطفي النايب
يستعدّ رئيس الحكومة هشام المشيشي للإعلان عن تعديل وزاري في صلب الحكومة لسدّ الثغرات الشاغرة في بعض الوزارات وتغيير أسماء أخرى يكون أداؤها أفضل.

موضوع محلّ جدل في أروقة السياسة بين مؤيّد ورافض بشأن جدوى التعديل ومدى نجاعته على العمل الحكومي.

التعديل ضرورة قصوى
يرى المحلّل السياسي صلاح الدين الجورشي في تصريحه لبوابة تونس، أنّ رئيس الحكومة هشام المشيشي مضطرّ لإجراء تعديل وزاري للأسباب التالية:

أوّلا: أنّ الفراغ الذي تعيشه ثلاث وزارات ومن بينها وزارة الداخلية لا يحتمل المزيد من إضاعة الوقت، ويحتّم سدّ الثغرات الشاغرة في أقرب الآجال.

أما السبب الثاني: فهو الضغط الذي يُسلّطه الحزام البرلماني للحكومة على رئيسها المشيشي من قِبل حركة النهضة خاصّة، للنظر في مسألة التعديل بجدية مع الانتقادات التي تُوجّه إلى أداء بعض الوزراء في الحكومة.

والسبب الثالث -الذي يراه الجورشي دافعا مهما للمشيشي من أجل القيام بتعديل وزاري-: هو رغبته في الاطمئنان لفريقه الحكومي ليعمل في انسجام وتفاهم تامّ، لأن الحكومة نشأت في ظروف غير مريحة ولم تكن متناسقة وهيمنت عليها الولاءات.

مضيعة للوقت وإجهاض لمبادرة اتّحاد الشّغل

لم يُخف النائب عن حركة الشعب هيكل المكي في حديثه لبوابة تونس رفضه التعديل الوزاري كحلّ لتحسين العمل الحكومي واعتبره على مقاس بعض الأحزاب، كما أكّد أنّ إجراء تعديل وزاري في هذا الوقت هو تكريس لهيمنة حركة النهضة وحلفائها على حكومة المشيشي وانقلاب على مبدأ استقلاليتها.

واقترح المكي أنْ يتمّ اعتماد مبادرة الاتّحاد العام التونسي للشُّغل كبديل عن التعديل الوزاري، مُعتبرا أن الحوار الوطني الذي اقترحه الاتّحاد فُرصة ثمينة يجب استغلالها للخروج من الأزمة السياسية، مؤكّدا على أنّ التعديل الوزاري هو إجهاض لمبادرة الاتّحاد، حسب قوله.

من جهته، رئيس حزب ائتلاف الكرامة عبد اللطيف العلوي قال: المنهج الذي اُنتُهج منذ البداية في تكوين الحكومة خاطئ تماما، وقد أفرز تركيبة وزارية هجينة تحكمها الولاءات بين وزراء المشيشي ووزراء رئيس الجمهورية، وهو ما جعل أداءها مهزوزا وظهر ضعف عدد من أعضائها من خلال عجزهم عن إنجاز البرامج.

وشدّد العلوي على أنّ حزبه غير معني بالتعديل لكنّه سينتظر الأسماء المقترحة للحكم عليها، داعيا رئيس الحكومة إلى التحلّي بالشجاعة واختيار أسماء مدعومة سياسيا من أحزاب الأغلبية في البرلمان، حتّى تعمل في ظروف مريحة وتتوفر لها آليات نجاحها.

قلب يقترح إسقاط الحكومة

من جهته، حزب قلب تونس رفَض قطعيا مبدأ التعديل الوزاري رغم أنّه من داعمي الحكومة. وقال النائب عياض اللومي في تصريح لبوابة تونس: كان على رئيس الحكومة استشارتنا في موضوع التعديل الوزاري لإبداء رأينا لا أنْ يرتجل من تلقاء نفسه دون احترام لنا.

وفي هذا الإطار، أكّد اللومي أنّ الحلّ يكمُن في حكومة سياسية وإنْ لزم الأمر إعادة تغيير الحكومة لإصلاح المشهد.

وبخصوص موقف قلب تونس، أكّد الأكاديمي والمحلّل السياسي الحبيب بوعجيلة في تصريح لبوابة تونس، أنّ رفض الحزب مبدأ التعديل الوزاري والتهديد بتغيير الحكومة، ليس إلا ورقة ضغط سياسية من أجل تسوية ملف رئيس الحزب نبيل القروي الموجود في السجن.

وأوضح مُحدّثنا أنّ حزب قلب تونس سيوافق على التعديل وسيصوّت لفائدة الأسماء الجديدة المقترحة إذا كسب ضمانات لفائدة رئيسه القروي كتعيِين وزير عدل جديد مثلا، مُرجّحاً أنّ يصِل الطرفان إلى تسوية تضمن مرور مقترح المشيشي وحلّ مشكل نبيل القروي.  


التعديل من أجل نجاعة العمل الحكومي

في المقابل، تحفّظ النائب صحبي عتيق عن حركة النهضة عن الإجابة، لكنّه أقرّ بمساندة حزبه مقترح التعديل الوزاري من أجل إضفاء أكثر نجاعة على عمل الحكومة.

التعديل يجب أن يمرّ عبْر قرطاج

شدّد صلاح الدين الجورشي على دور رئيس الجمهورية في مرور التعديل الوزاري من عدمه، وأّكّد أنّ المشيشي يُواجه تحدّيا كبيرا وهو تصدّع العلاقة مع قصر قرطاج مشيراً إلى أنّه لا يمكنه تمرير أسماء جديدة دون استشارة قيس سعيّد.

كما نادى بضرورة تطويق الخلاف بين رأسَيْ السلطة، واعتبر مبادرة اتّحاد الشّغل تصبّ في هذا الاتّجاه.

بدوره حبيب بوعجيلة قال: إنّه على هشام المشيشي تفادي التوجّه نحو حكومة سياسية لأنّ ذلك لن يُرضي رئيس الجمهورية الذي كان خياره منذ البداية الاستقلالية، مُؤكّداً في الوقت نفسه على أنّ اقتراح وزراء سياسيّين سيقطع العلاقة نهائيا بين سعيّد والمشيشي.